ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
عصر الظهور

(٩٢٨) كيف سيتعامل (عجّل الله فرجه) مع الموروث الفكري والثقافي...؟

كيف سيتعامل الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) مع الموروث الفكري والثقافي لدى الشعوب الأجنبية والتي لم يصلها غير فكرة القتل والعنف لدى المسلمين؟


بسم الله الرحمن الرحيم
لا يخفى أن الدين الإسلامي تعرض لحملة تشويه كبيرة سواء في بُعده العقائدي - بسبب الانطباع الذي توحيه القراءات الخاطئة لبعض المذاهب والفرق المحسوبة على الإسلام - أم في بُعده التطبيقي - من خلال السلوكيات والأفعال المنحرفة لبعض المسلمين والتي لا تَمُت للإسلام بصلة - فضلاً عن بعض الأبواق الاعلامية الأجنبية وأدواتها المغرضة والتي تخلط بين الحق والباطل في ضرب العقائد الإسلامية من منطلقات سياسية أو إيديولوجية بحتة، ويبدو من الروايات والأحاديث أن هذه الظاهرة وحملة التشويه ستبقى متصلة إلى عصر الظهور المقدس وستعبأ تلك الأطراف الأعلام بأجمعه لاتخاذ موقف سلبي ومناوئ تجاه نهضة الإمام (عجّل الله فرجه).
فقد رود عن الإمام الصادق (عليه السلام) في سياق حديثه عن راية الإمام (عجّل الله فره) إذا ظهرت بقوله: فلا يبقى أحد في المشرق ولا في المغرب إلّا لعنها. [الغيبة للشيخ النعماني: ص320]، ولا يخفى دلالة الرواية عن وجود ظاهرة اجتماعية عامة تقوم على فكرة مسبقة ترفض التعاطي مع حركة الإمام (عجّل الله فرجه) في أول ظهورها، ومن الطبيعي أن هذا المعنى لا يأتي من فراغ أو عدم، وإنما له أسبابه ودواعيه وهي حتماً أسباب ودواعٍ باطلة لأنها تريد أن تضع جميع الانتماءات الإسلامية على اختلافها في سلة واحدة.
ومن هنا نفهم أن المسؤولية الملقاة على عاتق الإمام (عجّل الله فرجه) ستكون كبيرة جداً، والتي تقتضي منه إيجاد المناخ المناسب والذي يوفّر الأرضية لتقبل شعوب العالم لحركته ونهضته (عجّل الله فرجه) ولعلنا نحيل أو نستصعب في أدنى التقادير هذه الخطوة الجسيمة وإمكانية نجاحها فيما لو نزعنا عن الإمام (عجّل الله فرجه) مقوّماته الخاصة وعناصره الغيبية التي نؤمن بها في شخصيته المقدسة وهو الأمر الذي تؤكده الروايات والأحاديث بشكل مستفيض.
فقد روي عن الإمام الباقر (عليه السلام): إذا قام قائمنا (عليه السلام) وضع يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت بها أحلامهم. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص675]، ومن المعلوم أن الإنسان أي أنسان إذا كمل عقله وبلغ رشده فقد قطع أكثر من نصف الطريق نحو الحقيقة والهداية ويؤمَن حينها جانبُه، يضاف إلى ذاك ما نعتقده من أن كل فرد من بني البشر - المسلم منهم وغيره - يحمل في دخيلة نفسه برمجة فطرية أودعها الله تعالى في وجدانه تنسجم تماماً مع ما سيأتي به الإمام (عجّل الله فرجه) من أحكام وقوانين، يقول تعالى: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾، فمهما انحرف الناس وحادوا عن الجادة والمسار القويم فإنه يبقى فيهم ما يشدهم ويجذبهم نحو معاني الحق والقيم والمُثُل السامية، ولولا العوارض والمعوّقات والتي تنشأ -–سواء أكانت بتسبيب من الظالمين أم من خلال التزاحمات المصلحية الآنية في المجتمعات - لكان طريق الإنسان في الأعم سالكاً نحو كماله وسعادته لا يطرده أو يزعجه أحد عنه، ومن المعلوم أن أحد أهم هذه المعوقات هو الجانب الاقتصادي المتردي والضنك المعيشي وما يفرزه ذلك من العوز والفقر والذي يؤدي بدوره إلى الفساد والانحطاط.
روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن جده رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يقول: كاد الفقر أن يكون كفراً. [الكافي للشيخ الكليني: ج2، ص307]
فإذا علمنا أن أحد أهم المعالم البارزة والسمات الواضحة في دولة الإمام (عجّل الله فرجه) هي ظاهرة الرفاهية الاقتصادية والازدهار المالي - حتى ينعم الناس في زمانه نعمة لا سابقة لها على طول خط التاريخ الإنساني - فمن الطبيعي أن يكون لذلك تأثيرٌ كبيرٌ في توجهاتهم وقناعاتهم.
روي عن الإمام الباقر (عليه السلام): وتجمع إليه أموال الدنيا كلها ما في بطن الأرض وظهرها، فيقول للناس: تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام وسفكتم فيه الدماء وركبتم فيه محارم الله، فيعطي شيئاً لم يعط أحداً كان قبله. [علل الشرائع للشيخ الصدوق: ج1، ص161]
وأما تعامله (عجّل الله فرجه) مع الظالمين والطغاة والذين لهم السهم الأكبر فيما عانت منه البشرية على الدوام، فلن تكون مواقفه (عجّل الله فرجه) معهم تقبل الحلول الوسطية بل لا بد من القضاء عليهم وإزالتهم تماماً كما يزيل الطبيب الجراح الغدد السرطانية التي تفتك بجسم الإنسان المريض.
روي عن الإمام الباقر (عليه السلام): وأما شبهه من جده المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلم) فخروجه بالسيف وقتله أعداء الله وأعداء رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلم)، والجبارين والطواغيت، وأنه ينصر بالسيف والرعب، وأنه لا ترد له راية. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص327]
وأما تعامله مع المستضعفين فكرياً أو الضالين في أمر الدين - وهم أكثرية الناس بطبيعة الحال - فلهم شأن آخر يراعي فيه طبيعة استعدادتهم وقابلياتهم ولن يكون منهجه في التعامل معهم على نحو الصدمة بل يقوم المنهج المهدوي على المعالجة التدريجية والمرحلية.
روي عن الإمام الباقر (عليه السلام): إنما سمي المهدي لأنه يهدي لأمر خفي، يستخرج التوراة وسائر كتب الله من غار بأنطاكية فيحكم بين أهل التوراة بالتوراة وبين أهل الإنجيل بالإنجيل، وبين أهل الزبور بالزبور، وبين أهل الفرقان بالفرقان. [الغيبة للشيخ النعماني: ص243]
فإذا أضفنا إلى ذلك الدور المساعد والمعين الذي سيقوم به عيسى (عليه السلام) عند نزوله من السماء بعد أن رفعه الله تعالى إليها ليشكل في آخر الزمان ذخيرة وعوناً للإمام (عجّل الله فرجه) في بناء دولته يمكننا حينئذ أن نستوعب ونتفهم حالة القبول والرضا التي تسود عند أصحاب الديانات الأخرى.
روي عن الإمام الباقر (عليه السلام): إن عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملة يهودي ولا نصراني إلّا آمن به قبل موته ويصلي خلف المهدي. [تفسير القمي لعلي بن إبراهيم القمي: ج1، ص158]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

عصر الظهور : ٢٠٢١/٠٣/١٨ : ٢.١ K : ٠
: أحمد : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.