(٩٧٤) ما هو يوم الكرّة؟
ما هو يوم الكرّة؟ وهل هذا اليوم فيه بداء أم هو من الميعاد كما هو الحال ليوم ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ويوم القيامة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
البداء إنما يقع في الأحداث التي لها نوع ارتباط وعلاقة بفعل وسلوك الإنسان، كطول عمره أو قصره أو صحته وسقمه أو غناه وفقره أو غير ذلك من المسائل التي يدخل فعل الإنسان فيها كجزء من معادلة القضاء الإلهي، أما فيما يتعلق بفعله تعالى حصراً، أو يكون متفرعاً ولازماً عن أسمائه الحسنى وصفاته العُليا، كإرادته الابتدائية ومقتضى حكمته، فلا معنى لجريان البداء في ذلك، لاستلزامه وقوع التغير والتبدل في سنن الله تعالى واقداره التي تحكي عن كمالاته وعظيم صنعه.
ولذلك نجد أن الروايات الشريفة نسبت يوم الرجعة لله (عزَّ وجلَّ) على حد نسبة يوم ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) ويوم القيامة، فقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): أيام الله (عزَّ وجلَّ) ثلاثة، يوم يقوم القائم، ويوم الكرة، ويوم القيامة. [الخصال للشيخ الصدوق: ص108]
ومع أن جميع الأيام وكل الأشياء إنما هي لله (عزَّ وجلَّ) إلّا أن تخصيص هذه الأيام واضافتها له تعالى دون غيره تشير إلى ارتباطها وصلتها بينها بالإرادة الإلهية ووعده النافذ (عزَّ وجلَّ)، ولا يُلحظ في وقوعها وحدوثها أي متغيرات يمكن أن تصدر من الإنسان.
والذي يؤيد ذلك ويزيده تأكيداً ما رواه أبو بصير قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام) قوله تبارك وتعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾؟ قال: فقال لي: يا أبا بصير ما تقول في هذه الآية؟ قال: قلت: إن المشركين يزعمون ويحلفون لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) إن الله لا يبعث الموتى قال: فقال: تبا لمن قال هذا، سلهم هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللات والعزى؟ قال: قلت: جعلت فداك فأوجدنيه قال: فقال لي: يا أبا بصير لو قد قام قائمنا بعث الله إليه قوماً من شيعتنا قباع سيوفهم على عواتقهم فيبلغ ذلك قوماً من شيعتنا لم يموتوا فيقولون: بعث فلان وفلان وفلان من قبورهم وهم مع القائم فيبلغ ذلك قوماً من عدونا فيقولون: يا معشر الشيعة ما أكذبكم هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب، لا والله ما عاش هؤلاء ولا يعيشون إلى يوم القيامة قال: فحكى الله قولهم فقال: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ﴾ [الكافي للشيخ الكليني: ج8، ص50]
فإن القسم الإلهي في الآية الكريمة والمفسر مضمونها بوقوع الرجعة لا يدع مجالاً للقول بطرو البداء أو التغير، مضافاً لما ورد أيضاً في عديد الأحاديث والروايات والتي أخذتها كأمر لا يقبل المحو والتبديل، فقد ورد عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) في حديثه لسلمان الفارسي (رضي الله عنه) في سياق كلامه عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه): يا سلمان، إنك مدركه، ومن كان مثلك ومن توالاه بحقيقة المعرفة. قال سلمان: فشكرت الله كثيراً، ثم قلت: يا رسول الله، وإني مؤجل إلى عهده؟ فقال: يا سلمان اقرأ: ﴿فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وكانَ وَعْداً مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وبَنِينَ وجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً﴾، قال سلمان: فأشتد بكائي وشوقي، ثم قلت: يا رسول الله، بعهد منك؟ فقال: أي والله الذي أرسلني بالحق. [دلائل الإمامة للطبري الشيعي: ص449]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: حبيب النجار : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)