(١٠٨٠) هل الإمام (عجّل الله فرجه) يشكل حكومة أم دولة؟
هل الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يشكل حكومة أم دولة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الدولة هي الكيان السياسي الذي يجمع الناس تحت سيادتها في نطاق جغرافي معين وفق رؤية عامة تختص بها لإدارة شؤون المجتمع من خلال وسيلتها التنفيذية المتمثلة بالحكومة من خلال مؤسساتها ودوائرها المتعددة، ومن هنا نفهم أن الحكومة تمثل جزء محدداً من الدولة والتي لا يمكن لها أن تقوم وتنشأ بعيداً عنها مضافاً إلى العناصر الأخرى التي تشكل أركان ومقومات وجودها وهي (الجغرافية والسكان والسيادة والعقيدة).
وبحسب ما ورد في الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة فإن المشروع المهدوي هو عبارة عن الدولة الإلهية في الأرض بكل أجزائها وتفاصيلها بما فيها الحكومة وجهازها القضائي وارتباط جميع ذلك بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وقيادته باعتباره خليفة الله تعالى في أرضه.
وأما جغرافية هذه الدولة فهي الأرض بكل أصقاعها ونواحيها لا يخرج عنها حدٌ من حدودها، يدل على ذلك ما روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: قوله (عزَّ وجل): ﴿أَنَّ الأرض يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ هم أصحاب المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان. [البرهان في تفسير القرآن للسيد هاشم البحراني: ج3، ص848]، وما روي أيضاً عنه (عليه السلام): إن ذلك وعد الله للمؤمنين بأنهم يرثون جميع الأرض. [التبيان في تفسير القرآن للشيخ الطوسي: ج7، ص284]
وأما سكانها فالبشرية بأجمعها وعلى اختلاف تنوعاتها لا يخرج عن حكومته (عجّل الله فرجه) أحد من الناس، ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): ..إذا قام قائمنا فإنه يقسم بالسوية ويعدل في خلق الرحمان، البر منهم والفاجر، فمن أطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصى الله فإنما سمي المهدى لأنه يهدى لأمر خفي. [علل الشرائع للشيخ الصدوق: ج1، ص161]، وورد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلزال يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص178]
وأما سيادتها فهي لله تعالى ودينه الذي ارتضاه ورد في تفسير قوله تعالى: ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ﴾، عن علي بن أسباط قوله روى أصحابنا: إن الملك للرحمن اليوم وقبل اليوم وبعد اليوم، ولكن إذا قام القائم (عليه السلام) لم يعبد إلّا الله (عزَّ وجل) بالطاعة. [البرهان في تفسير القرآن للسيد هاشم البحراني: ج4، ص123]
واما عقيدتها ودينها روي عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله (عزَّ وجل): ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾، قال: هذه لآل محمد المهدي وأصحابه يملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها، ويظهر الدين، ويميت الله (عزَّ وجل) به وبأصحابه البدع والباطل، كما أمات السفهة الحق، حتى لا يرى أثر من الظلم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ولله عاقبة الأمور.
وأما حكومتها وجهازها التنفيذي فالذي يظهر من الأخبار أنه يتم من خلال أصحاب الإمام (عجّل الله فرجه) المأمونين على الدين والدنيا يبعثهم الإمام (عجّل الله فرجه) إلى جميع أقاليم الأرض لإدارتها وتسيير أمورها، ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): إذا قام القائم بعث في أقاليم الأرض في كل إقليم رجلاً يقول: عهدك في كفك، فإذا ورد عليك أمر لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه فانظر إلى كفك واعمل بما فيها. [الغيبة للشيخ النعماني: ص334]
وأما مقر هذه الدولة ومركزها فهو العراق وبالتحديد مدينة الكوفة ونواحيها، ففي حديث المفضل عن الإمام الصادق (عليه السلام): قلت: يا سيدي، فأين تكون دار المهديّ ومجتمع المؤمنين؟ قال: دار ملكه الكوفة، ومجلس حكمه جامعها، وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة، وموضع خلواته الذكوات البيض من الغريّين. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج53، ص11]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: سيد سلمان : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)