(١١٥٧) ما هو تسلسل أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في الحكم في دولة آخر الزمان؟
أود أن أستفسر عن سلسلة ظهور وبقاء وحكم أهل البيت (عليهم السلام) في الدولة المهدوية، فكيف يكون التسلسل في ذلك؟
عند ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) سوف يظهرون أهل البيت (عليهم السلام) في الرجعة، فمن الحاكم في وقتها، كما نعلم أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو الحاكم في بداية الرجعة، فما هو دور أهل البيت (عليهم السلام) في وقتها؟
وهل بعده يختفون ثم يرجعون الرجعة الأخرى يحكمون بعد مقتل الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، يرجع الإمام الحسين (عليه السلام) ويحكم حتى يقع حاجباه، فهل أول حاكم بعد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو الإمام الحسين (عليه السلام)؟
ومتى يحكم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)؟ وكيف هو التسلسل؟ الظاهر ليس كما هو من النبي إلى الإمام علي والحسن والحسين (عليهم السلام)، ولأن أول من يحكم هو الإمام الحسين (عليه السلام)، فهل بعده الإمام الحسن (عليه السلام) أم ماذا؟
ونهاية المطاف كيف يكون؟ هل بعد مقتل الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يرجع مرة أخرى ويحكم إلى أن يموت دون القتل؟ ومن يبقى آخر شخص في الدنيا، باعتبار لو بقيت الأرض ساعة بدون إمام لساخت؟ فعلى هذا الكلام لابد أن يكون آخر شخص قبل قيام الساعة هو الخليفة، فمن هو؟ هل هو نفسه الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أم إمام آخر؟
يرجى التوضيح والبيان لسلسلة حكم الأئمة (عليهم السلام) في دولة آخر الزمان.
بسم الله الرحمن الرحيم
المروي عندنا في الأخبار أن أول من يرجع من الأئمة (عليهم السلام) هو الإمام الحسين (عليه السلام)، فقد روى حمران بن أعين عن الإمام الباقر (عليه السلام): أن أول من يرجع لجاركم الحسين (عليه السلام)، فيملك حتى تقع حاجباه على عينيه من الكبر. [مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان الحلي: ص22]، وروى كذلك المعلى بن خنيس عن الإمام الصادق (عليه السلام): أول من يرجع إلى الدنيا الحسين بن علي (عليهما السلام) فيملك حتى يسقط حاجباه على عينيه من الكبر. [مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان الحلي: ص29]، والذي يمكن استظهاره من الأخبار أن رجوع الإمام الحسين (عليه السلام) يكون في زمن القائم (عجّل الله فرجه) ويبقى صامتاً حتى تستقر معرفته في قلوب المؤمنين وتثبت حجته لتبدأ مرحلة أخرى من الدولة المهدوية بحكومة الإمام الحسين (عليه السلام)، فقد روى الكليني في الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الكِتَابِ لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مَرّتَيْنِ﴾ قال: قتل علي بن أبي طالب (عليه السلام) وطعن الحسن (عليه السلام)، ﴿وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً﴾ قال: قتل الحسين (عليه السلام)، ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا﴾ فإذا جاء نصر دم الحسين (عليه السلام)، ﴿بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلالَ الدِّيَارِ﴾، قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم (عليه السلام) فلا يدعون وتراً لآل محمد إلّا قتلوه، ﴿وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولاً﴾، خروج القائم (عليه السلام) ﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الكَرَّةَ عَلَيْهِمْ﴾، خروج الحسين (عليه السلام) في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهَّب، لكل بيضة وجهان، المؤدون إلى الناس أن هذا الحسين قد خرج حتى لا يشك المؤمنون فيه، وأنه ليس بدجال ولا شيطان، والحجة القائم بين أظهرهم، فإذا استقرت المعرفة في قلوب المؤمنين أنه الحسين (عليه السلام) جاء الحجة الموت فيكون الذي يغسله ويكفنه ويحنطه ويلحده في حفرته الحسين بن علي (عليهما السلام) ولا يلي الوصي إلّا الوصي. [الكافي للشيخ الكليني: ج8، ص206]
وعلى ضوء ذلك نفهم أن المعصومين (عليهم السلام) لا يعودون بتسلسلهم المعلوم، بل يكون الإمام الحسين (عليه السلام) هو أول الراجعين من الأئمة (عليه السلام)، نعم هناك رواية أشارت إلى تزامن رجعة أمير المؤمنين (عليه السلام) مع رجعة الإمام الحسين (عليه السلام)، فقد روى جابر بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن لعلي (عليه السلام) في الأرض كرة مع الحسين ابنه (صلوات الله عليهما) يقبل برايته حتى ينتقم له من أمية ومعاوية وآل معاوية. [مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان الحلي: ص29]
وعلى كل حال، القدر المتيقن من الأخبار هو رجوع جميع الأئمة (عليهم السلام) وأن كل إمام سوف يرجع مع أهل زمانه ممن محض الإيمان محضاً أو محض الكفر محضاً، فقد روى عبد الكريم بن عمر والخثعمي عن الإمام الصادق (عليه السلام): إنها لكرات وكرات ما من إمام في قرن إلّا ويكر البر والفاجر في دهره حتى يديل الله المؤمن الكافر. [البرهان في تفسير القرآن للسيد هاشم البحراني: ج1، ص448]
أمّا بالنسبة لسؤالكم عن آخر إمام يبقى قبل قيام الساعة، فالروايات من هذه الناحية مجملة في تشخيص هوية هذا الإمام، وإنما عبرت عنه بـ(الحجة) وهو كما ينطبق على الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كذلك ينطبق على غيره من المعصومين (عليهم السلام).
فقد جاء في بصائر الدرجات عن الإمام الصادق (عليه السلام): ولا ينقطع الحجة من الأرض إلّا أربعين يوماً قبل يوم القيامة، فإذا رفعت الحجة أغلق باب التوبة. [بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار: ص504]
والرواية الثانية رواها الكليني عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو (رحمه الله) (السفير الأول) عند أحمد بن إسحاق، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف، فقلت له: يا أبا عمرو، إني أريد أن أسألك عن شيء وما أنا بشاكٍ فيما أريد أن أسألك عنه، فإن اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من حجة إلّا إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوماً، فإذا كان ذلك رفعت الحجة وأغلق باب التوبة فلم يك ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، فأولئك أشرار من خلق الله (عزَّ وجل) وهم الذين تقوم عليهم القيامة. [الكافي للشيخ الكليني: ج1، ص329]
وقد صرَّح الشيخ المفيد (رحمه الله) أن آخر الأئمة هو نفس الإمام القائم (عليه السلام)، وقد يدعم هذا الرأي ما ورد في أن الرجعة في حقيقتها هي عبارة عن كرات متعددة.
وعلى كل حال الرجعة بعنوانها العام ثابتة بمئات الروايات ولا شك في حقانيتها، وأمّا تفاصيلها الجزئية وفروع مسائلها فهي عرضة للاجتهاد والنظر ولا نجزم منها بشيء. [الإرشاد للشيخ المفيد: ج2، ص387]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: جعفر عبد الحسين : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)