(١٢١٩) بعد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) اثنا عشر مهدياً
لدي مجموعة أسئلة على الدعاء الوارد في مفاتيح الجنان والذي يكون بعد دعاء العهد وبدايته هو (اللهم ادفع عن وليك...)
1 - ما هو رأيكم في هذا الدعاء؟
2 - هناك فقرة في آخر الدعاء نصّها (اللهم صلّ على ولاة عهده والأئمة من بعده...) فهل يوجد هناك أئمة بعد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)؟
3 - هناك من يقول بأن بعد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) اثنا عشر مهدياً، فهل هذا الكلام صحيح؟ وإذا كان صحيحاً هل له ارتباط بهذا الدعاء؟
4 - هل هذا الدعاء صحيح من حيث المتن والسند؟
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - الدعاء رواه الشيخ الطوسي (رحمه الله) في كتابه (مصباح المتهجد) عن يونس بن عبد الرحمن عن الإمام الرضا (عليه السلام) والذي جاء في أوله: أن الرضا (عليه السلام) كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر. [مصباح المتهجِّد للشيخ الطوسي: ص409]، وهو من الأدعية المباركة النفيسة تشهد له المضامين العالية وبلاغة الألفاظ وجزل العبارات التي تحكي نفس المعصوم (عليه السلام) في الإنشاء والتعبير...
والدعاء وإن اعتقد البعض أن المقصود به هو الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ولكن لا دليل على هذا الحصر، فإن ما ورد فيه من المعاني يمكن أن تنطبق على كل إمام من الأئمة (عليهم السلام)، وأمّا وروده في حق صاحب الأمر فهو لا يُفيد التخصيص، فإن كل واحد من الأئمة (عليهم السلام) هو (صاحب الأمر) في زمانه، فقد جاء عن الإمام الباقر (عليه السلام): نحن والله أصحاب الأمر وفينا القائم ومنا السفاح والمنصور. [تفسير العياشي لمحمد بن مسعود العياشي: ج2، ص291]، وما روي عن الإمام الرضا (عليه السلام): فأمّا صاحب الأمر فهو رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، والوصي بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قائمٌ هو على وجه الأرض. [تفسير القمي لعلي بن إبراهيم القمي: ج2، ص329]، ولأجل ذلك علق الشيخ حسن بن سليمان الحلي (قدّس سرّه): اعلم أنّ هذا الدعاء يُدعى به لكلّ إمام في زمانه، ومولانا صاحب الأمر ابن الحسن (عليه السلام) أحدهم، فحينئذٍ يصدق عليه هذا الدعاء: اللهم وَصَلِّ على ولاة عهده والأئمة من بعده... إلى آخره. [مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان الحلي: ص459]
2 - وأمّا المقصود من (ولاة عهده والأئمة من بعده)، فقد روى ابن طاووس هذا الدعاء بنسخة أخرى لم يرد فيها ذكر (الأئمة من بعده)، وإنما جاء فيه: (اللهم وَصَلِّ على ولاة عهوده، وبلِّغهم آمالهم، وزد في آجالهم). [جمال الأسبوع للسيد ابن طاووس: ص313]
ومع اختلاف النسخ لا يمكن الجزم بورود هذه الفقرة بعينها، ومع ذلك لو قلنا بأن العبارة الأولى هي الواردة فيمكن فهم المقصود من الأئمة الذين يأتون من بعده هم الأئمة الأحد عشر السابقون له (عليهم السلام)، الذين يرجعون إلى الدنيا بعده، ويحكمون الدنيا واحداً بعد واحد كما دلّت عليه الأخبار الكثيرة، فقد روى القمي في تفسيره بسند صحيح عن أبيه عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الحميد الطائي عن أبي خالد الكابلي عن علي بن الحسين (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ القرآن لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ﴾، قال يرجع إليكم نبيكم (صلّى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة (عليهم السلام). [تفسير القمي لعلي بن إبراهيم القمي: ج2، ص147]
ولا يمكن أن نتصور أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) والإمام الحسين (عليه السلام) يصح توصيفهم بأنهم أولياء عهد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لما يتضمنه ذلك من التزامهم له والوصاية عنه بل هو (عجّل الله فرجه) الوصي عنهم والولي منهم على العهد، وإذا كان الأمر كذلك فلابد من تفسير (ولاة عهده) بغير الأئمة السابقين (عليهم السلام)، ويكون المقصود منهم أصحابه الذين سيحكمون أقاليم العالم نيابة عنه وسيكونون عوناً وسنداً له، والدليل على هذا أنَّ لقب وليّ العهد يُطلَق على من عهد إليه رئيس السلطة حال حياته بالحكم؛ ولأنَّه جاء بصيغة الجمع فهمنا أنَّ المراد جماعة عهد إليهم بالحكم حال حياته، لا بعد موته، وهذا لا يكون إلّا في حقّ الذين يحكمون البلاد والأقاليم، لا من يكونون أئمة من بعده؛ لأنَّ رئيس السلطة لا يجعل له ولاة عهد متعدِّدين، والذي يؤيد هذا المعنى ما جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) في الخبر عنه: إذا قام القائم بعث في أقاليم الأرض في كل إقليم رجلاً يقول عهدك في كفك، فإذا ورد عليك ما لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه، فانظر إلى كفك واعمل بما فيها. [الغيبة للشيخ النعماني: ص334]، والرواية واضحة في كون هؤلاء أوصياء من قبل الإمام (عجّل الله فرجه) وملزمون بالعهد الذي عهده إليهم.
3 - نعم وردت روايات بذلك ولكنهم ليسوا بأئمة ولا معصومين، فقد جاء في الخبر الذي رواه الشيخ الصدوق بسنده عن أبي بصير، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): يا بن رسول الله إني سمعت من أبيك (عليه السلام) أنه قال: يكون بعد القائم اثنا عشر مهدياً. فقال: إنما قال: اثنا عشر مهدياً، ولم يقل: اثنا عشر إماماً، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص358]، والظاهر أن هؤلاء هم الذين ورد في حقهم التوصيف بالنقباء في بعض الروايات كما في خبر المفضل بن عمر عن الإمام الصادق (عليه السلام): كأني أنظر إلى القائم (عليه السلام) على منبر الكوفة وحوله أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدة أهل بدر، وهم أصحاب الألوية وهم حكام الله في أرضه على خلقه، حتى يستخرج من قبائه كتاباً مختوماً بخاتم من ذهب عهد معهود من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فيجفلون عنه إجفال الغنم البكم، فلا يبقى منهم إلّا الوزير وأحد عشر نقيباً، كما بقوا مع موسى بن عمران (عليه السلام) فيجولون في الأرض ولا يجدون عنه مذهباً فيرجعون إليه. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص673]
4 - ذكر ابن طاووس سند هذا الدعاء في كتابه جمال الأسبوع واحتوى على راويين مجهولين هما (إسماعيل بن مولد) ولم يُذكر في كتب الرجال كما نص على ذلك الشيخ النمازي في كتابه مستدركات علم رجال الحديث: ج1، ص674، والراوي الثاني صالح بن السندي مجهول أيضاً راجع المفيد من علم الرجال: ص282.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: حسن : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)