ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
مدعو المهدوية

(٨٢٥) كيف نواجه الحركات التي تدعي الوصاية والنسب والقيادة العامة؟

هنالك من يحاول جاهداً أن يجزّء العقيدة المهدوية ويعمل على تفريعها إلى فروع ما أنزل الله بها من سلطان فينقل روايات هنا وآراء هناك مدعياً الوصاية والنسب والقيادة العامة.
هذه الحركات التي ظهرت في زمن الانفتاح المعلوماتي لديها قنوات فضائية ومواقع وجيوش الكترونية والأغرب من كل هذا إنها تجاوزت الواقع الافتراضي ونزلت إلى الساحة بمواكب كما لاحظنا في بعض الزيارات لمراقد أهل البيت (عليهم السلام).
كذلك أطلقت لمبشريها ومبلغيها العنان في الدعوة والتبليغ ونشر هذه الأباطيل، نتساءل هنا:
1) ما هي المديات التي وصلت إليها هذه الظاهرة، وهل هي ظاهرة بالمعنى الحقيقي أم أنها ما تزال في طور النمو والتكوين؟
2) ما هي الأدوات التي ينبغي الاستعانة بها لدرء مخاطرها، خصوصاً وإنها تستهدف الشباب؟
3) هل يمكن الاستعانة بسلطة القانون وإن كان وصفياً للحفاظ على الثوابت والمصالح العليا للمذهب الحق؟


بسم الله الرحمن الرحيم
لا يخلو عصر من العصور ولا زمان من الأزمنة إلا ونجد مصاديق ونماذج لهذه الحركات الضالة والدعاوى الباطلة، فليست هي من ظواهر وإفرازات عصرنا الحاضر، بل هي قديمة قدم الديانات والعقائد.
ولذا نجد الشيخ الطوسي (رحمه الله) - والذي هو من علماء القرن الثالث الهجري- عقد فصلا ًكاملاً في كتابه (الغيبة) عنونه بـــ(ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية والسفارة)، وتكلم عن بعض تلك الشخصيات والفرق، فليس ما نواجهه اليوم من هؤلاء الدجالين أمراً حادثاً أو طارئاً، لا سيما فيما يرتبط بالعقيدة المهدوية وحيثياتها التفصيلية، وليس ذلك لنقطة ضعف في هذه العقيدة كما قد يظنه البعض، بل لرسوخها وتجذرها في الوجدان الإسلامي بشكل عام والشيعي بشكل خاص، وما يوفره هذا الثابت الديني من مقومات الإثارة والتفاعل عند غالبية المسلمين.
وحينها لا نستغرب أن يُسجل لنا التأريخ في ماضيه وحاضره وجود عشرات الدجالين بل والمئات منهم وهم يحاولون التعكز على هذه العقيدة استغلالاً وانتهازاً بغية الوصول إلى مآربهم الخبيثة.
والذي يهوّن الأمر علينا أن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) لم يتركوا شيعتهم هملاً وبلا راع يحصنهم من تلك الدعاوى، فقد أوضحوا لنا معالم الطريق وعلاماته من غير غموض أو إبهام يمكن أن تلتبس معه اللوابس على مريد الحق وقاصده، ولذا قال الإمام الصادق (عليه السلام) للمفضل بن عمرو لما رآه يبكي لكثرة الرايات المشتبهة التي ستظهر في آخر الزمان: إن أمرنا أوضح من هذه الشمس التي تراها [الغيبة للنعماني: ص154، ب10، ح10]، والمقصود من الأمر في كلام الإمام (عليه السلام) هو ما يرتبط بالعقيدة المهدوية وإمكانية تشخيصها.
وهكذا ما نقله جابر الجعفي عن الإمام الباقر (عليه السلام): فإن أمركم ليس به خفاء، ألا إنها آية من الله (عزّ وجل) ليست من الناس، ألا إنها أضوء من الشمس لا يخفى على بر، ولا فاجر، أتعرفون الصبح؟ فإنه كالصبح ليس به خفاء. [الغيبة للنعماني: ص207 و208، ب11، ح17]
فالدولة المهدوية هي مشروع الله تعالى في أرضه وبلاده، وهي أمل جميع الأنبياء (عليهم السلام) والأولياء من زمن آدم (عليه السلام) فكيف والحال هذه أن تترك هذه الفكرة سائبة من غير ضوابط ومعايير تمثل ملاك المعرفة والوضوح، بعيداً عن دعاوى الرؤى والأحلام الشيطانية واستخارات الدجالين والجهلة.
وما كثرة الأحاديث والأخبار التي ذكرها أهل البيت (عليهم السلام) من علامات الظهور وأماراته إلا تشخيصاً وتمييزاً لنا حتى لا نقع في مهاوى تلك الدعاوى الباطلة، الأمر الذي يحتم على المؤمنين أن يرتقوا بوعيهم وثقافتهم المهدوية قراءة ومطالعة واستفساراً من العلماء والفقهاء الذين بذلوا أعمارهم في الدفاع عن هذه العقيدة وبيان مضامينها.
وقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): ذلك بأن مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه. [تحف العقول لابن شعبة الحراني: ص238]
فإن تشخيص الحق من الباطل لا يتم إلا من خلال العلم والمعرفة، لا بالجهل والتسطيح، ولذلك تجد أن أصحاب هذه الدعاوى المزيفة والمنحرفة وضعوا في آلية عملهم وخطتهم محاولة إسقاط العلماء والمراجع والتوهين منهم، لما يشكلونه من حصانة وملاذ للمؤمنين فلا يقعون في شباك حيلهم وخدعهم.
ومن هنا يصبح واضحاً أن مواجهة هؤلاء المدعين هو تكليف شرعي واجب على كل المؤمنين، وكلٌّ بحسبه وما يتأدى به الغرض والهدف، انطلاقاً من مبدأ النهي عن المنكر ومواجهة أهل البدع والضلال.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

مدعو المهدوية : ٢٠٢١/٠١/٠١ : ٢.٥ K : ٠
: حسين فرحان الفرطوسي البيرماني : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.