ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
مدعو المهدوية

(٨٣٢) ما صحة الحديث الذي يستشهد به لأصحاب دجال البصرة؟

ما صحة الحديث الذي يستشهد به لأصحاب دجال البصرة مدعي السفارة والوصاية؟
وما هي صحة سنده ورجالاته، وإن كان صحيحاً فما هو قصد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك
الحديث هو:
عن سلمان (رضي الله عنه) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث طويل: ...ثم ضرب بيده على الحسين (عليه السلام) فقال: يا سلمان مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً، من ولد هذا، إمام بن امام، عالم بن عالم، وصي بن وصي، أبوه الذي يليه إمام وصي عالم، قال: قلت يا نبي الله، المهدي أفضل أم أبوه؟! قال: أبوه أفضل منه، للأول مثل أجورهم كلهم لأن الله هداهم به. [كتاب سليم بن قيس: ص329]


بسم الله الرحمن الرحيم
حينما تكون الفكرة هزيلة والعقيدة ساقطة، يتوسل أصحابها لإثباتها بكل متشابه ومجمل، للتدجيل على بسطاء الناس وعامتهم تسويقاً منهم للوهم والتزييف، وهذا ما نلحظه بوضوح في دعوى هذه الفئة الضالة التي تعتمد في اثبات أفكارها على كل فهم شاذ أو حديث ضعيف، مع إن الله تعالى -كما يحدثنا القرآن الكريم- لا يبعث حججه إلا وهم يملكون البينة الواضحة والدليل القاطع لكل شبهة أو احتمال معارض ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾، وإلا لن تكون حجة الله هي البالغة والغالبة.
ومن جملة ما استدل به هؤلاء هذا الحديث المروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) في كتاب سليم بن قيس، ومع الإقرار بأن مضامين هذا الكتاب في الجملة مضامين صحيحة من جهة معانيها العامة، إلا أن ذلك لا يخرج الرواية المذكورة عن كونها ضعيفة السند ولا ترقى بنفسها إلى مقام الحجية، سواء في مستوى العقيدة أم الفقه، ومع غض النظر عن ذلك فالرواية أيضاً ليس فيها ما ينفعهم، بل هي محاولة منهم أقرب للعب والعبث بإرجاع الضمائر المتشابهة إلى معاني باطلة ولو أدى ذلك إلى سلب الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أعظم صفاته ونعوته التي تواترت في الأحاديث من كونه (عجّل الله فرجه) هو الذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلا، فيفسرون (المهدي) هنا بصاحبهم الدجال، وهو الذي سيقوم بهذا الدور الإلهي بحسب زعمهم بعد أن كانوا يقولون بأنه مجرد ممهد وداعي للإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ثم أمعنوا في ضلالهم ليسلبوا من الإمام (عجّل الله فرجه) كل صفاته وأدواره ويثبتوها لصاحبهم، وهذه طبيعة سيالة في كل أصحاب الأفكار الضالة الذين يبتدؤون ببعض الانحراف ثم ينتهون إلى كل الانحراف من ادعاء البابية ثم الإمامة والعصمة ثم الوحي ونزول الملائكة عليهم حتى لا ينفر الناس منهم من أول الأمر.
أما معنى الحديث كما هو الظاهر منه والمتسق مع بقية أحاديث العترة الطاهرة (عليهم السلام) فهو أنه يتحدث عن مزايا الإمام الحسين (عليه السلام) والضمائر عائدة إليه، والذي يؤكد هذا المعنى أن النبي (صلى الله عليه وآله) ضرب بيده على الإمام الحسين (عليه السلام) ليبين أنه هو المعني أولاً وبالذات من كلامه الشريف، فتحدث عن مزايا الإمام الحسين (عليه السلام) من جهة أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) وكذلك من جهة ولده الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وما بينهما تحدث عن مزايا الإمام الحسين (عليه السلام) في نفسه.
ولذا يقول النبي (صلى الله عليه وآله) أن المهدي (عجّل الله فرجه) من ولد الحسين (عليه السلام)، ثم يعطف الكلام لبيان مزايا الإمام الحسين (عليه السلام) في نفسه وذاته فيقول: هو إمام ابن إمام وعالم ابن عالم ووصي ابن وصي، ثم يذكر ميزة أخرى له بقوله (صلّى الله عليه وآله) إن الذي يلي أمر الإمام الحسين (عليه السلام) بالتربية والتدبير هو أبوه أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي لم يكن شخصاً عادياً بل هو أيضاً إمام وصي عالم.
ولو كان المقصود من كلمة (الأب) هو الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الذي سيأتي بعد (ابن كاطع) كما يزعم دجاجلة البصرة لعبّر عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بأنه (إمام ابن إمام) كما عبر عن الإمام الحسين (عليه السلام) بذلك، ولكن لأن كلمة (الأب) تعود لأمير المؤمنين (عليه السلام) اكتفى النبي (صلّى الله عليه وآله) بوصفه بأنه إمام وصي عالم، لأن أبا طالب (عليه السلام) لم يكن إماماً، بخلاف الإمام العسكري (عليه السلام) فهو إمام أيضاً، كما أن ولده المهدي إمام (عجّل الله فرجه)، وبذلك يتضح أن معنى كلمة (يليه) هي بمعنى التولي والتدبير، لا إنها بمعنى (سيأتي بعده) كما حاولوا تفسيره زوراً وكذباً، فإن كلمة (يلي) وإن استعملت بكلا المعنيين في اللغة العربية، إلا أنه لا يمكن استعمالها بالمعنى الثاني في هذا الحديث، لأنه تفسير باطل حتماً، وستجعل من يمانيهم هو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلا! لا الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، والحال أن صاحبهم لم يعدل حتى في قراءة القرآن الكريم لكثرة أخطائه اللفظية والنحوية المشهورة عنه والمسجلة بصوته، وأنى لفاقد الشيء أن يعطيه.
وبذلك سنفهم أن سؤال سلمان (رحمه الله) من النبي (صلّى الله عليه وآله) (يا نبي الله، المهدي أفضل أم أبوه) هو استفسار عن الأفضلية بين أمير المؤمنين (عليه السلام) أو الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بما يشكلان من ميزتين في شخصية الإمام الحسين (عليه السلام) من جهة الأب أو الولد، ولأن سلمان تصور أن ميزة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من كونه سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً ستعطيه الأفضلية على (أبي الحسين) أجابه النبي (صلى الله عليه وآله) بأن الأفضلية مع ذلك ثابتة لأب الإمام الحسين (عليه السلام) معللاً ذلك بقوله (صلى الله عليه وآله): (للأول مثل أجورهم كلهم لأن الله هداهم به)، وهذا المعنى ثابت لأمير المؤمنين (عليه السلام) فيما رواه الكليني في الكافي عن الإمام الصادق (عليه السلام): (إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) أفضل عند اللَّه من الأئمة كلّهم، وله ثواب أعمالهم). [الكافي للشيخ الكليني: ج4، ص580، ح3]
فكلمة (الأول) إشارة لأمير المؤمنين (عليه السلام) بالخصوص ولا يصح تفسيرها بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وإنه الأفضل من يمانيهم كما يزعم هؤلاء لأن تفسيرهم هذا سيتضمن أن كل إمام أول وسابق هو أفضل من الإمام الثاني واللاحق، وهذا خلاف ما دلت عليه الروايات من كون الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أفضل من آبائه التسعة المعصومين (عليهم السلام) بل وهو خلاف ما يعلنونه هم كذلك، الأمر الذي سيوقعهم في تناقض صارخ في نفس تفسيرهم.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

مدعو المهدوية : ٢٠٢١/٠١/٠١ : ٣.٢ K : ٠
: أمير علي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.