(٨٤٧) العلامة الهاشمي الخراساني يدعوا للتمهيد
في الآونة الأخيرة ظهر شخص يقال له (العلامة الهاشمي الخرساني) وهو يدعو للتمهيد لدولة الإمام الحجة المنتظر (عجّل الله فرجه) وهو يقول: أنا لست نبياً، ولا إماماً، إنما أنا عبد من عبيد الله تعالى، وأنا فقط أمهد لدولة الإمام (عليه السلام) وهو يهدف لجمع الأنصار وتربيتهم وتوعيتهم بقراءة الكتب التي تخص هذا الأمر. ماذا تقولون في هذا الرجل؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الرجل مجهول الذات والشخص بالنسبة إلينا تماماً، وإن لم يكن مجهول الصفة بحسب ما ذكره في موقعه على الشبكة، فإن نرجسيته وغروره طافحة في تعريفه لنفسه، فهو يزعم هناك إنه أعلم العلماء، وإنه إنسان عظيم لا مثيل له، وإنه كما ورد في موقعه (لا يستطيع نشر صورته أو التعريف عن هويته لأنه مطلوب من قبل جميع حكام المنطقة!)، وعليه فإن الرجل إن لم يكن يعاني من لوثة عقلية ومرض نفسي، فهو مبتلى بحب السلطة والظهور، محاولاً التسلق على العقيدة المهدوية وحضورها في وجدان المؤمنين، وليأخذ بعد هذا وذاك من الدين ما يتكسب به للدنيا، كحال الكثير من أصحاب هذه الدعوات المزيفة، الذين ظهروا قديماً وسيظهرون مستقبلاً، فقد روي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): دون الساعة اثنان وسبعون دجالاً، منهم من لا يتبعه إلا رجل واحد) [الفتن لنعيم المروزي ص29].
ولا نستبعد أن هدف هؤلاء الأدعياء والدجالين في عصرنا الحالي -والذين تكاثروا فيه بين من يدعي أنه ابن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أو إنه اليماني صاحب أهدى الرايات أو القحطاني وزير الإمام (عجّل الله فرجه) أو المنادي على أسوار دمشق- جميعاً يعملون في ضمن حلقة ترجع جميع خيوطها إلى مغزل واحد، هدفها توهين العقيدة المهدوية وإسقاطها في نفوس الناس، لا من خلال التشكيك فيها والإشكال عليها، بل من خلال خلط أوراقها من الداخل، وصناعة فوضى تقوم على خلق أحداث متعمدة من قبل أناس مجهولي الشخصية والمنشأ، يعملون وراء الكواليس وفق مخطط محدد، يؤدي إلى إصابة المؤمنين بالحيرة والتيه في معرفة ما هو حق مما هو باطل؛ لينتهي البعض في ذلك إلى وضع عنوان الخرافة والوهم على مجمل الفكرة المهدوية.
فقد روى الشيخ الكليني في الكافي ج1، ص339، عن المفضل عن الإمام الصادق (عليه السلام): ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدرى أي من أي، قال: فبكيت، فقال: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ فقلت: جعلت فداك كيف لا أبكي وأنت تقول: اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدرى أي من أي!؟ قال: وفي مجلسه كوة تدخل فيها الشمس فقال: أبينة هذه؟ فقلت: نعم، قال: أمرنا أبين من هذ الشمس.
مع إنهم (عليهم السلام) لم يتركوا شيعتهم وأتباعهم سدى وهملاً من غير أن يوضحوا لهم طريق نجاتهم وخلاصهم، سواء من خلال التوجه والتوسل إلى الله تعالى لطلب السلامة من مضلات تلك الفتن، كما روي ذلك في المواظبة على قراءة دعاء الغريق، أم من خلال الالتزام بخط علماء الدين والفقهاء الموثوقين، فقد روى الصدوق في كمال الدين ص484، عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه): وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم.
وبطبيعة الحال ليس كل من روى أحاديثهم أو تكلم بالولاء فيهم فإنه يكون مصداقاً مأموناً يصح الأخذ منه أو الرجوع إليه، فهناك الكثير من الشخصيات التي ظهرت أو ستظهر وهي طارئة على ساحة المنتظرين وأهل الولاء من المؤمنين، ولذا صار التجذر والقدم من ضمن المقاييس التي أرشد إليها الأئمة (عليهم السلام) لتكون معياراً عند تقييم الرموز الدينية وشرعية الرجوع إليهم، فقد سأل أحمد بن حاتم واخوه الإمام الهادي (عليه السلام) عمن يأخذا معالم دينهما فأجابهما (عليه السلام): فاصمدا في دينكما على كل مسنٍّ في حبنا، وكل كثير القدم في أمرنا، فإنهما كافوكما إن شاء الله تعالى. [الوسائل ج27، ص151]
مضافاً لما ورد عن الإمام العسكري (عليه السلام) في الوسائل أيضاً ج27، ص131: فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً على هواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا كلهم.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: محمد جعفر : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)