(١٢١٦) هل ناظر علماؤنا المدعين للمهدوية؟
سمعنا كثيراً عن جماعة ممن ادَّعوا المهدوية أو النيابة كأمثال الشلمغاني والنصيري والحلاج وغيرهم، فهل هنالك من علمائنا وفقهائنا السابقين الحاضرين في زمن هؤلاء المدعين، قد ناظرهم وأفحمهم أو باهلهم؟
فإن كانت هنالك مناظرات بين هؤلاء وبين علمائنا العاملين الحاضرين في زمن هؤلاء المدعين الكذابين نرجو بيانها.
بسم الله الرحمن الرحيم
جرت عدة مناظرات بين بعض علمائنا، بل وحتى من السفراء الأربعة (رحمهم الله) مع بعض هؤلاء المدعين والدجالين، ونذكر منها ما جرى بين الحسين بن روح (السفير الثالث) (رحمه الله) والشلمغاني ومطالبته إياه بالمباهلة، فقد روى علي بن همام، قال: أنفذ (أي أرسل) محمد بن علي الشلمغاني العزاقري إلى الشيخ الحسين بن روح يسأله أن يباهله وقال: أنا صاحب الرجل [أي الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)] وقد أُمرت بإظهار العلم، وقد أظهرته باطناً وظاهراً، فباهلني فأنفذ إليه الشيخ (رضي الله عنه) في جواب ذلك أينا تقدم صاحبه فهو المخصوم فتقدم العزاقري فقتل وصلب وأخذ معه ابن أبي عون، وذلك في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص٣٣٥]
وهذه الحادثة تحكي عن كرامة جرت على يد السفير الثالث لابد أنها كانت بإرشاد من الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وإلّا كيف يعلم الحسين بن روح أن الشلمغاني سوف يموت قبله بثلاث سنين باعتبار أن وفاة السفير الثالث حصلت في سنة 326 هجرية.
وكذلك ما حصل بين أبي سهل النوبختي والحلاج، فقد روى الشيخ الطوسي في كتابه الغيبة: أخبرنا الحسين بن إبراهيم، عن أبي العباس أحمد بن علي بن نوح، عن أبي نصر هبة الله بن محمد الكاتب ابن بنت أم كلثوم بنت أبي جعفر العمري، قال: لما أراد الله تعالى أن يكشف أمر الحلاج ويظهر فضيحته ويخزيه، وقع له أن أبا سهل إسماعيل بن علي النوبختي (رضي الله عنه) ممن تجوز عليه مخرقته (أي يخدعه) وتتم عليه حيلته، فوجَّه إليه يستدعيه، وظن أن أبا سهل كغيره من الضعفاء في هذا الأمر بفرط جهله، وقدر أن يستجره إليه فيتمخرق به ويتسوف بانقياده على غيره، فيستتب له ما قصد إليه من الحيلة والبهرجة على الضعفة، لقدر أبي سهل في أنفس الناس ومحله من العلم والأدب أيضاً عندهم، ويقول له في مراسلته إياه: إني وكيل صاحب الزمان (عليه السلام) - وبهذا أولاً كان يستجر الجهال ثم يعلو منه إلى غيره - وقد أمرت بمراسلتك وإظهار ما تريده من النصرة لك لتقوي نفسك، ولا ترتاب بهذا الأمر. فأرسل إليه أبو سهل (رضي الله عنه) يقول له: إني أسألك أمراً يسيراً يخف مثله عليك في جنب ما ظهر على يديك من الدلائل والبراهين، وهو أني رجل أحب الجواري وأصبو إليهن، ولي منهن عدة أتحظاهن والشيب يبعدني عنهن [ويبغضني إليهن] وأحتاج أن أخضبه في كل جمعة، وأتحمل منه مشقة شديدة لأستر عنهن ذلك، وإلّا انكشف أمري عندهن، فصار القرب بُعداً والوصال هجراً، وأريد أن تغنيني عن الخضاب وتكفيني مؤنته، وتجعل لحيتي سوداء، فإني طوع يديك، وصائر إليك، وقائل بقولك، وداع إلى مذهبك، مع ما لي في ذلك من البصيرة ولك من المعونة، فلما سمع ذلك الحلاج من قوله وجوابه علم أنه قد أخطأ في مراسلته وجهل في الخروج إليه بمذهبه، وأمسك عنه ولم يرد إليه جواباً، ولم يرسل إليه رسولاً، وصيره أبو سهل (رضي الله عنه) أحدوثة وضحكة ويطنز به عند كل أحد، وشهر أمره عند الصغير والكبير، وكان هذا الفعل سبباً لكشف أمره وتنفير الجماعة عنه. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص٤٢٩]
وكذلك من الظريف ما نقله ابن النديم في الفهرست في ترجمة الرجل الشلمغاني راسل إسماعيل بن علي النوبختي يدعوه إلى الفتنة ويبذل له المعجز، وإظهار العجيب، وكان بمقدّم رأس أبي سهل جلح يشبه القرع، فقال للرسول: أنا معجز، ما أدري أي شيء هو، ينبت صاحبك بمقدّم رأسي الشعر حتّى أومن به؟! فما عاد إليه رسول بعد هذا. [فهرست ابن النديم: ص٢٣٥]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: نزار : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)