ارسل سؤالك المهدوي:
متفرقة

(١٦١) تطبيق فكرة مقرونة بتكامل القيادات

هل أن عملية تطبيق فكرة الإمام (عجّل الله فرجه) مقرونة بتكامل القيادات العالمية بحيث يصلون إلى مرحلة العصمة أم أن تدخل الإمام (عجّل الله فرجه) هو الذي يجعل ذلك ممكناً وبالتالي تكون عصمتهم ليست بالذات وإنما بالموضوع؟


بسم الله الرحمن الرحيم
ليست ثمة فكرة يقوم الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بتطبيقها سوى الفكرة المرسومة له سلفاً من قبل الله (عزَّ وجلَّ)، وهي الفكرة المطروحة ابتداءً في المنظومة الشرعية والعقائدية للدين الإسلامي الحنيف، غاية الأمر أن المهدي (عجّل الله فرجه) هو الرجل المختار من قبل السماء الذي سوف ينهض بتطبيق الفكرة على الوجه الأمثل، إذ إن تنفيذ المخطط الإلهي لإقامة دولة العدل والقسط على أنقاض دول الظلم والجور يفتقر إلى وجود قائد رباني تتوفر فيه الصفات والإمكانيات اللازمة لإحداث التغيير الشامل، وحينئذٍ فلابدّ من وجود كادر قيادي من طراز خاص بين يدي الإمام (عجّل الله فرجه) لأجل الشروع في إنجاز هذه المهمة التاريخية الكبرى علاوة على ضرورة تهيؤ الأرضية الصالحة لتقبّل الفكرة وعياً وممارسةً من قبل القواعد الجماهيرية المنتظرة لظهوره (عجّل الله فرجه).
بل إن الأمر مرهون -في الواقع- بارتقاء المجتمع الإنساني ككل إلى مرحلة سامية من النضج العقلي والنفسي ما تصبح فيه المهدوية (التي هي نظام عالمي إنساني مجرد عن الرواسب القُطْرية والقومية والعنصرية) البديل الوحيد لجميع الأنظمة التي كانت سائدة قبلها، فإنه من الواضح أن التجربة المهدوية العالمية لابد أن تكون مسبوقة بإرهاصات (عالمية) حتى تأخذ مجالها في الوعي المشترك لإنسان ما قبل الظهور.
أمّا معنى التكامل لدى القيادات والقواعد فإنه يتفاوت بحسب كل منهما، وهو في القيادات أشد وأكثر مما في القواعد، لأنه ناجم ليس فقط عن استعداد تفرضه حالة الانتظار، بل كذلك عن استباق للخيرات والمكرمات عبر المجاهدة والعمل الدؤوب وإخلاص النية والمرابطة للإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ولم تكن هذه الأمور إلّا امتثالاً لأمر المولى بالاستباق، والانبعاث لما بعثهم إليه، قال تعالى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً﴾ [البقرة: 148] فقد جاء في تفسيرها عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام): الخيرات: الولاية، وقوله تعالى: ﴿أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً﴾، يعني أصحاب القائم الثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، وهم الأمة المعدودة... الحديث، وقد جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 200] عن الإمام الباقر (عليه السلام): اصبروا على أداء الفرائض، وصابروا عدوكم، ورابطوا إمامكم المنتظر.
وهذا النوع من التكامل لهذه الثُّلة من أنصار الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لا يجعلهم معصومين، لأن رتبة العصمة منحصرة بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) وفاطمة (سلام الله عليها) والأنبياء (عليهم السلام)، فإن أقصى درجات تكامل أنصار المهدي (عجّل الله فرجه) هي بلوغ مرحلة العدالة بالمعنى الخاص الذي يليق بهم كونهم قد اكتسبوا من الفضائل الخُلقية والمعنوية وتنزّهوا عن الرذائل بكافة أصنافها ما جعلهم يصدرون في جميع حركاتهم وسَكَناتهم عن مراقبة الله (عزَّ وجلَّ) وإمامهم الهمام (عجّل الله فرجه) فلا تصدر عنهم لذلك المعاصي ولو عَرَضاً، وهذه منزلة قريبة من العصمة ولكنها ليست عصمة بطبيعة الحال.
أمّا تكامل القواعد الجماهيرية للمهدي (عجّل الله فرجه) فإنه لا يمنعهم عن الوقوع في الخطأ وارتكاب المعصية إلّا بعد الظهور المبارك، فقد ورد في الخبر أنه: إذا قام قائمنا وضع الله يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم.
فظاهر الحديث يدل على نوع من التكامل المانع عن مقارفة المعصية، لأن اكتمال العقول يعتبر مؤشراً على الهداية والاستقامة، كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) حينما سُئل عن معنى العقل فقال: العقل: ما عُبِد به الرحمن واكتُسب به الجنان.
وهذا النوع من التكامل يعم الجميع، ويضاف إلى التكامل الخاص لدى القيادات فيرتقون في سُلَّم الكمال ويمتازون بمزيد من المواهب والخصال.
وفي كل ذلك لابد أن يكون معلوماً أن الإمام (عجّل الله فرجه) لا يسلب الناس اختيارهم بحيث يجبرهم على ترك المعصية، وإنما هو يوفّر لهم مقتضيات الطاعة وموانع المعصية، مع حفظ اختيارهم تماماً.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

متفرقة : ٢٠١٣/٠٨/٢٧ : ٤.٥ K : ٠
: رجاء : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.