(٢٧٤) من هو دابة الأرض؟
١- من هو دابة الأرض؟
٢- متى تخرج؟
٣- يقال إن هذه الدابة توسم الإنسان مؤمناً أو كافراً، هل يعني أن التكليف يُرفع بعد الوسم؟
بسم الله الرحمن الرحيم
دابة الأرض:
هي الدابة التي تحدّث عنها القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرض تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ﴾. [النمل: 82]
والظاهر أنها من علامات الساعة. وقد اُختلف في ماهية هذه الدابة فقد ذهب بعضهم إلى أنها دابة لها مواصفاتها الخاصة تكلّم الناس، وهناك من اعتقد أن دابة الأرض هي مطلق الدابة المعروفة وأنها تحمل معها عصا موسى (عليه السلام) وخاتم سليمان (عليه السلام) وتوسم الكافر والمنافق إلى غير ذلك مما اتفق عليه الفريقان، ولكن هذا التفسير مبهم وغير مبرر، فإن ما يروونه من مواصفات هذه الدابة ثمّ الإصرار على أنها دابة كبقية الدواب لا تتناسب وواقع الأمر، وذلك:
أولاً: إن القرآن الكريم وصف دابة الأرض بأنها تكلّم الناس، والكلام لا يصدر إلاّ من الآدميين وليس من صفات الدواب الحيوانية.
ثانياً: إن مهمة هذه الدابة -كما في الروايات– هي محاججة الناس، أي إن مهمتها حوارية فمن غير المقبول ولا المعقول أن نقنع أنفسنا بأن هذه الدابة حيوان يتصدى لمحاججة المنحرفين ويحاول إلقاء الحجة عليهم.
ثالثاً: إن لهذه الدابة شأناً إنسانياً ولها مقاماً رفيعاً بقرينة حملها لعصا موسى وخاتم سليمان (عليهما السلام) وهي من مواريث الأنبياء (عليهم السلام) ولا يتناسب لمثل هذه المواريث أن تكون لدى دابة حيوانية.
رابعاً: إن الدابة أعم من الحيوان والإنسان، فكل ما يدبّ على وجه الأرض فهو دابة كما في قول الشاعر:
زعمتني شيخاً ولستُ بشيخ * * * إنما الشيخ من يدبُّ دبيبا
أي يسير ببطء على الأرض بسبب ضعفه.
إذن، فلا مناص من القول بأن الدابة هي إنسان يخرج لمحاججة الناس وإلقاء الحجة عليهم، وقد اتفق أكثر المفسرين ورواة الحديث أن هذا الإنسان الذي سيقوم بهذه المهمة هو عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
فقد روى الإمامية عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) أنه: (قال رجل لعمار بن ياسر: يا أبا اليقظان، آية في كتاب الله أفسدت قلبي وشككتني.
قال عمّار: وأية آية هي؟
قال قوله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرض تُكَلِّمُهُمْ...﴾ [النمل: 82] فأي دابة هذه؟ قال عمّار: والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتّى أريكها، فجاء عمّار مع الرجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يأكل تمراً وزبداً فقال: يا أبا اليقظان اجلس فجلس عمّار وجعل يأكل معه، فتعجب الرجل منه فلما قام عمّار قال الرجل: سبحان الله يا أبا اليقظان حلفت أن لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتّى ترينيها.
قال عمّار: قد أريتكها إن كُنتَ تعقل).
أمّا علماء السنة فقد رووا -كما في ميزان الاعتدال للذهبي- أن دابة الأرض عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
فقد روى الذهبي عن جابر الجعفي أنه كان يقول: دابة الأرض عليّ بن أبي طالب [عليه السلام].
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: قاسم حسين علوان : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)