(٢٨٠) ما هو الدليل العقلي على وجود الإمام (عجّل الله فرجه)
1) ما هو الدليل العقلي على وجود الإمام المنتظر (عجّل الله فرجه)؟
2) رعاية الإمام (عجّل الله فرجه) أين تكمن بالضبط؟ لأن الأمة الإسلامية منذ غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) مرت بويلات وحروب ومراحل إذلال لا توصف كأمة إسلامية، وأمّا عن الشيعة فنحن نعلم كيف أصبحت إخبارية ثم تطورت إلى أصولية فضلاً عن ظهور الشيخية، وغيرها... من الانقسامات وما رافقتها من اختلافات لا تتناسب مع قول (واتّباعنا نظاماً للملة).. على افتراض مصغر أننا متّبعون للأئمة (عليهم السلام).
فأين تكمن الرعاية بالضبط؟
3) الرعاية إذا كانت في المواقف الحرجة كما في قضية الرمانة مع أهل البحرين، إذا كان الادّعاء برؤية الإمام (عجّل الله فرجه) ونقل قضية معينة عنه، مسقطة للاعتبار فكيف يكون ذلك...؟ (مثلاً) لو أن المرجع الأعلى للطائفة السيد السيستاني (دام ظله) قال: إنه أخذ الإجابة عن الإمام المنتظر (عجّل الله فرجه) حول قضية مصيرية كالاحتلال وغيرها، سواء مباشرة ولكن الإمام (عجّل الله فرجه) استحلف عليه أن لا يتكلم، أو يقول إني لم ألتفت إلى معرفة شخص الإمام (عجّل الله فرجه) في نفس اللحظة، أو أني رأيته في الرؤيا... أعتقد أن ذلك سيورد الإشكال على سماحة المرجع الأعلى... إذن أين تكمن الرعاية والتواصل، لأن الإمام (عجّل الله فرجه) أورد الكذب على المدّعي للنيابة، ولكن هل أعطى احتمال المشاهدة والكلام مع القاصي والداني؟
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب السؤال الأول:
لابد أن يُعلم:
أولاً: أنه ليس كل مسألة عقائدية تثبت بالدليل العقلي وإنما كبرويات المسألة كأصل وجود الواجب وأصل ضرورة النبوة وأصل ضرورة الإمامة إلخ... أمّا من هو النبي أو من هو الإمام؟ فهذا لا مساحة له في الدليل العقلي وإنما يتم من خلال الدليل النقلي.
ثانياً: أن دليل اللطف يستدل به على إثبات ضرورة الإمام للأمة أي الحاجة إلى الإمام المعصوم.
فإذا ثبت بدليل اللطف ضرورة الإمام ننتقل في مرحلة ثانية إلى تشخيص الإمام، وهذا يتم بالأدلة النقلية الروائية، ولدينا أدلة روائية قطعية عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل بيته (عليهم السلام) دلّت على أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو الإمام الثاني عشر الغائب.
أمّا بالنسبة لتوضيح دليل اللطف فنقول:
1) تعريف اللطف: اللطف هو ما يكون معه المكلف أقرب إلى الطاعة وأبعد عن المعصية من غير أن يبلغ حد الإجبار (فهو كل ما يكون سبباً في أن يقترب الإنسان من فعل الطاعة ويبتعد عن فعل المعصية ولكن بشرط أن لا يجبر الإنسان على فعل الطاعة وترك المعصية، بل اللطف لو جاز التعبير هو المناخ المناسب والمساعد على طاعة الله سبحانه وتعالى).
2) إن اللطف واجب على الله تعالى لأنه باللطف يحصل غرض الشارع من التكليف.
توضيح ذلك: أن الشارع إذا علم أن المكلف (الإنسان) لا يطيع إلّا باللطف (توفير ما يقرب للطاعة ويبعد عن المعصية) فلو كلفه من دون اللطف كان ناقضاً لغرضه. مثلاً لو أن شخصاً دعا غيره إلى طعام وهو يعلم أنه لا يقبل دعوته إلّا إذا فعل معه نوعاً من التأدّب، فإذا لم يفعل ذلك التأدّب كان ناقضاً لغرضه ودعوته فيجب عليه التأدّب لكي لا ينقض الغرض.
3) نصب الإمام لطف أي إن (الإمام من أبرز مصاديق اللطف) توضيح ذلك: أن الناس متى كان لهم رئيس يمنعهم عن التغالب ويصدّهم عن المعاصي ويدفعهم إلى فعل الطاعات ويبيّن لهم ما اختلفوا فيه ويبعثهم على التناصف كانوا إلى الصلاح أقرب ومن الفساد أبعد، وهذا بحدّ ذاته لطف بالعباد، والإمام المعصوم هو الذي يقوم بهذا الدور.
فوجب على الله سبحانه أن يُنَصِّبَ للناس إماماً معصوماً يقربهم نحو فعل الطاعات ويبعدهم عن المعاصي.
(علماً أن الوجوب هنا هو من الله تعالى لا عليه، فإن حكمته (جلَّ وعلا) تجعل اللطف بالعباد ونصب الإمام واجباً منه تعالى).
4) ذكر أهل الكلام صياغة علمية لدليل اللطف: نحن نذكرها هنا:
نصب الإمام لطف (وهذا نستفيده من النقطة 3).
واللطف واجب على الله تعالى (وهذا نستفيده من النقطة 2).
إذن نصب الإمام واجب على الله تعالى.
هذا توضيح لدليل اللطف، وهو كما ترى يثبت ضرورة وجود الإمام، وهذا الدليل إنما يستفيد منه المُسلِم.
أمّا الكافر فإن كان كافراً بالربوبية فلابد قبل إثبات الإمامة من إثبات وجود الله، أمّا إذا كان يعتقد بالربوبية ولكن ينكر النبوة، فلابد من إثبات النبوة وبعد ذلك ننتقل إلى إثبات الإمامة.
أمّا جواب السؤال الثاني: هذا السؤال منك عجيب ولا ينقضي عجبي!
كيف وأن مثل هذا الإشكال سوف يسري على الباري (عزَّ وجلَّ) فكل مسلم لابد أن يعتقد بأن الباري يرعى جميع الخلق فعلى كلامكم أين تكمن رعاية الله (عزَّ وجلَّ) فإننا نرى الإنسان وهو أكرم مخلوق عند الله قد مر بويلات منذ زمن أبينا آدم (عليه السلام) إلى اليوم على مستوى الجهل الذي عاشه الإنسان وعلى مستوى الفقر وعلى مستوى الآفات التي كانت تمرّ به وعلى مستوى الحروب والإذلال الذي مرّ به وعلى مستوى الدين والعقيدة إلخ... وهذا الإشكال يسري أيضاً على الأنبياء (عليهم السلام) فالرعاية لا تعني أن الذي تشمله الرعاية سوف يكون معصوماً وهذا واضح بالوجدان لكل عاقل فإنك ترى أن الأب يرعى ولده رعاية تامة إلّا أنه يجده قد انحرف.
وأمّا جواب سؤالكم الثالث فهو: إن الرعاية في المواقف الحرجة لا تستلزم أن يخبر من التقى بالإمام (عجّل الله فرجه) وأخذ الحكم منه بأن الذي أخبره هو الإمام (عجّل الله فرجه) فقد يجيب المرجع في المواقف الحرجة بتسديد من الإمام (عجّل الله فرجه) من دون أن يَعلم أو من دون أن يُعلِم أنه من الإمام (عجّل الله فرجه) فلا يرد عليه إشكال نفي المشاهدة، فضلاً عن أن المراد من نفي المشاهدة هي المشاهدة مع ادّعاء النيابة الخاصة لا مطلق المشاهدة.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: عمار صبحي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)