(٨٢٧) ما الفرق بين عشاق العبادة وعشاق العبودية؟
ورد في فقرة (العشق المهدوي) أحد منشوراتكم الموقرة العبارة التالية:
ينبغي للمؤمن أن يعرف تكليفه الذي يرضي إمام زمانه، وليس العمل الذي تميل إليه نفسه، حيث أن المؤمن المنتظر ليس من عشاق العبادة، بل من عشاق العبودية، ومن الواضح أن هناك فرقاً كبيراً بينهما.
سؤالي هو: ما هو المقصود من هذا الكلام؟ وما هو الفرق الكبير بين عشاق العبادة وعشاق العبودية؟
بسم الله الرحمن الرحيم
فرق العبادة عن العبودية كالفرق بين الشجرة وثمرتها، فالعبادة هي مصاديق ما أمر الله تعالى به من صلاة أو صيام أو حج وزكاة، وإنما أمر الله تعالى بهذه العبادة لتكون وسيلة ليحقق الإنسان في نفسه العبودية الاختيارية لله تعالى، فإن عبودية الإنسان لله تعالى على نوعين:
الأولى: عبودية عامة لكل المخلوقين قال تعالى: ﴿إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً﴾.
الثانية: عبودية اختيارية يسعى لها المؤمن ويقصدها وهي أعظم وسام يناله في مسيرته التكاملية، ولذا إذا أراد الله تعالى أن يمدح نبيه العظيم (صلّى الله عليه وآله) إنما يمدحه بوصفه (عبداً لله تعالى) يقول تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً﴾ ويقول تعالى: ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾، مع إن حتى الكفار هم عبيد لله تعالى لكن عبوديتهم قهرية تكوينية لا تقتضي المدح والثناء لهم لأنها ليست باختيارهم، وعلى المؤمن أن يأتي بالعبادة بهدف العبودية والطاعة، وإذا كان الأمر كذلك فلن يفرق عنده سواء أكانت تلك العبادة منسجمة مع رغبته وهواه أم لم تكن كذلك، ولا يكون حاله كإبليس الذي عصى الله تعالى ورفض السجود لآدم (عليه السلام) وطلب أن يعبده عبادة هو يرغب فيها ويميل إليها.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: جمانة الجشعمي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)