ارسل سؤالك المهدوي:
متفرقة

(٩٢١) ... الإمام المهدي هو عيسى (عليهما السلام) لأنه يرث روحه؟!

ورد في جوابكم في حقل (شبهات المهدوية) ضمن منشوراتكم المباركة وبالتحديد الشبهة الثامنة ونصها التالي:
1) إن حديث (لا مهدي إلّا عيسى) تفرد بنقله أبناء العامة، بل تفرد به منهم ابن ماجه: ح20، ص459 دون غيره.
2) إن نفس ابن ماجة عقب بعده: (إنما ذكرت هذا الحديث تعجباً لا محتجاً).
3) لو سلّم فهو معارض لغيره مما هو متعدد الطوائف، بل متواتر عند الفريقين فيرجح عليه.
4) نصت روايات الفريقين على إن عيسى (عليه السلام) تابع للمهدي (عجّل الله فرجه) لا نفسه، فهما شخصيتان لا واحدة، فعن الإمام الباقر (عليه السلام): الثاني عشر الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه.
سؤالي هو:
﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ﴾، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، كيف عيسى (عليه السلام) متوفي ورفعه الله إليه، وكيف الإمام (عجّل الله فرجه) وارث عيسى (عليه السلام)؟!
إن كان عيسى (عليه السلام) موجوداً، هذا قد يدل - والله أعلم - أن الإمام المهدي هو عيسى (عليهما السلام)، لأنه يرث روحه؟ يرجى التوضيح


بسم الله الرحمن الرحيم
التوفي أعم من الموت، وليس مرادفاً له في المعنى، وإنما التوفي لغة ً أخْذ الشيء كاملاً وافياً، والموت إنما هو مصداق من مصاديقه، والنائم أيضاً يتوفاه الله تعالى مع أنه ليس بميت، يقول تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ﴾، ويقول تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾.
فقوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ﴾، لا يدل على أن عيسى (عليه السلام) ميت، بل هو حي كما هو الرأي السائد عند المسلمين، وأنه سوف ينزل في آخر الزمان ويصلي خلف الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كما ثبت أيضاً عند جميع المسلمين فقد ذكر السيوطي: صلاة عيسى خلف المهدي ثابتة في عدة أحاديث صحيحة بإخبار رسول الله وهو الصادق المصدق الذي لا يخلف خبره. [الحاوي للفتاوي للسيوطي: ج2، ص167]
بل نقل ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة عن الحافظ أبي الحسن الآبري: تواتر الأخبار في صلاة عيسى (عليه السلام) خلف الإمام (عليه السلام). [الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي: ص167]
وأما كيف يرث الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عيسى (عليه السلام) وهو ما زال حياً، فإن الإرث المقصود به هنا ليس هو الوراثة بالمعنى المستعمل في كتب الفقه المبتنية على الفهم العرفي والذي يتوقف على موت المُورِّث، بل هو الإرث المعنوي كالعلم، أو الاسم الأعظم، أو الكمالات التي كانت متجسدة في عيسى (عليه السلام)، وبلحاظ استمرارها ودوامها في شخص الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يصحّ القول أنه (عجّل الله فرجه) قد ورثه من جهة بقائها فيه، ولذا ذكر الفراهيدي في كتاب العين (ورث: الإيراث: الإبقاء للشيء) [كتاب العين للفراهيدي: ج8، ص 234]
كما أن الأرواح لا تتوارث بين الأشخاص والأجساد حتى تنتقل روح عيسى (عليه السلام) فيه، فهذا القول أشبه بعقيدة التناسخ الباطلة، فإن لكل انسان روحه ونفسه الخاصة، وهي تمثل حقيقته وذاته والتي سيموت ويُحشر عليها الإنسان ولا يشركه أحد فيها، مضافاً إلى ذلك أن وراثة عيسى (عليه السلام) ليست منحصرة في الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، بل قد ورد هذا المعنى في زيارات الأئمة (عليهم السلام) الآخرين، وأنهم ورثوا عيسى (عليه السلام) كما في زيارة وارث للإمام الحسين (عليه السلام) وغيرها.
ولا أظنك ستفهم من هذه الزيارات أيضاً أن الأئمة (عليهم السلام) ورثوا روح عيسى (عليه السلام)، بمعنى أن كل واحد منهم صار هو عيسى بن مريم (عليه السلام)!
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

متفرقة : ٢٠٢١/٠٣/١٨ : ٢.١ K : ٠
: علي آل عيسى : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.