(٩٤٤) لماذا يختلف الشيعة فيما بينهم مع وجود إمام لهم؟
لماذا يختلف الشيعة فيما بينهم مع وجود إمام لهم، فلو أن الأولاد اختلفوا في عائلة ما لما رضي رب البيت ذلك ولأصلح بينهم، كي لا يتطور الأمر، ولذلك فإن من واجبات الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أن يصلح بين الشيعة، وأن لا يتركهم وشأنهم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الشيعة في العالم تتجاوز أعدادهم بفضله تعالى عشرات الملايين بل المئات، ولا هم معصومون من الخطأ والخطيئة حتى نستغرب وقوع الاختلاف والنزاع فيما بينهم، فحتى أفراد العائلة الواحدة يمكن أن يقع بينهم الشقاق والتخاصم، ولو قايسنا المشاحنات التي تحصل بينهم مقارنة بغيرهم من أهل المذاهب والديانات الأخرى فهي أقل بكثير جداً، وعادة ما يكون منشأ تلك النزاعات وأسبابها في الأعم الأغلب في غير ما يجمعهم من الولاء والتدين بطاعة أهل البيت (عليهم السلام)، وإنما في تزاحم المصالح الخاصة أو المشاكل المرتبطة بالنواحي الاجتماعية والقبلية، ولا يمكن تحميل المذهب والعقيدة مسؤولية ذلك بأي حال، فكلنا نرى الزيارة الأربعينية وكيف تمضي بانسيابية هادئة، وتجري بأروع صورة لا مثيل لها في العالم كله، ومع ذلك لا يعكر صفوها أو يعرقل مسيرتها اختلاف الأمزجة وتعدد الثقافات لتلك الملايين، وما ذلك إلّا لأن الذي جمعهم ووحدهم هو الولاء والحب لأهل البيت (عليهم السلام)، لتشكل تلك الظاهرة مصداقاً لمقولة الزهراء (عليها السلام): وطاعتنا نظاماً للملة، وإمامتنا أماناً من الفرقة.
ولا يخفى أن عناية الإمام (عجّل الله فرجه) وعين رعايته حاضرة في المشهد والواقع، ولكن بطبيعة الحال فان لطف الإمام (عجّل الله فرجه) وشفقته في الغيب لنا مشروطة بمدى انسجامنا مع توجيهاتهم وطاعتنا لأوامرهم، فاذا تخلينا عن ذلك أو انصرفنا عنه سُلبنا ذلك التوفيق ورُفع عنا ذلك الوفاق.
ومع أن الروايات تحدثنا أنه في آخر الزمان سيقع النزاع والاختلاف بين الشيعة فإنما تحدثت عنه كمرحلة أخيرة من مراحل التمحيص والاختبار، لغربلة الصادقين عن غيرهم - كما حصل ذلك في الأمم السابقة - بسبب بعض المنتحلين للولاء أو المتلبسين بلباس التشيع لأهل البيت (عليهم السلام).
فقد روى المفضل بن عمر عن الإمام الصادق (عليه السلام): ولترفعن اثنتى عشرة راية مشتبهة لا يدرى أيّ من أيّ، قال: فبكيت، فقال (عليه السلام): ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ فقلت: جعلت فداك كيف لا أبكي وأنت تقول: اثنتى عشرة راية مشتبهة لا يدرى أيّ من أيّ!؟ قال: وفي مجلسه كوّة تدخل فيها الشمس، فقال: أبيّنة هذه؟ فقلت: نعم، قال: أمرنا أبين من هذ الشمس. [الكافي للشيخ الكليني: ج1، ص339]
فاذا حصل ذلك خرج الإمام (عجّل الله فرجه) ليُعيد الأمر إلى نصابه والصفاء إلى أتباعه، من خلال القضاء على مصادر الفتنة والفساد التي طرأت على شيعته ومحبيه كذباً وزوراً.
فقد روى النعماني في كتابه الغيبة عن مالك بن ضمرة قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا مالك ابن ضمرة! كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا - وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض - فقلت: يا أمير المؤمنين ما عند ذلك من خير؟ قال: الخير كله عند ذلك، يا مالك، عند ذلك يقوم قائمنا فيقدّم سبعين رجلاً يكذبون على الله وعلى رسوله فيقتلهم، ثم يجمعهم الله على أمر واحد. [الغيبة للشيخ النعماني: ص214]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: سجاد الكاظمي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)