ارسل سؤالك المهدوي:
متفرقة

(١٠٣٢) الإمام (عجّل الله فرجه) يخاف على من يتبعه من الضلالة...

ما قولكم في هذا الوجه من الخوف:
في أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يخاف على من يتبعه من الضلالة، أو يخاف على الشيعة والمحبين والموالين والتابعين من الضلالة في أمره؟


بسم الله الرحمن الرحيم
شفقة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) والحرص على هداية المؤمنين ونجاتهم سواء في زمن الغيبة أو قبلها من الأمور الواضحة في سيرتهم وسلوكهم، وهو ما سجله القرآن الكريم قبل نقولات التاريخ وأرباب السيّر... يقول تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾، وقال تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً﴾، أي فلعلك قاتل نفسك أسفاً وحزناً عليهم، إن لم يؤمنوا بهذا القرآن، كما ورد هذا المضمون في تفسير الآية الكريمة عن الإمام الباقر (عليه السلام). [تفسير القمي لعلي بن إبراهيم القمي: ج2، ص31]
وهذا المعنى من الخشية والخوف سيكون واضحاً بطبيعة الحال في زمن الغيبة الكبرى، لما يكتنفها من فتن ومنعطفات شديدة بسبب غيبة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وهو ما استشرفته الروايات وتنبأت بوقوعه في آخر الزمان، فقد روى الكليني عن محمد بن منصور الصيقل عن أبيه قال: كنت أنا والحارث بن المغيرة وجماعة من أصحابنا جلوساً وأبو عبد الله (عليه السلام) يسمع كلامنا، فقال لنا: في أي شيء أنتم؟! هيهات! هيهات! لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تغربلوا! لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تمحصوا! لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تميزوا! لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم إلّا بعد أياس! لا والله ما يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى يشقى من يشقى ويسعد من يسعد. [الكافي للشيخ الكليني: ج1، ص370]
نجد أيضاً هذه الشفقة والرحمة ماثلة أمامنا عند الإمام الصادق (عليه السلام) حينما دخل سدير الصيرفي والمفضل وأبان بن تغلب عليه ووجدوه باكياً والهاً وقد أخذ منه الحزن كل مأخذ فلما سألوه عن سبب ذلك قال لهم (عليه السلام): نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله به محمداً والأئمة من بعده (عليهم السلام)، وتأملت منه مولد غائبنا وغيبته وإبطاءه وطول عمره وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص354]
وعلى كل حال، فما ذكرتموه في سؤالكم هو معنى صحيح لا خلاف فيه، يتفق مع شأن أهل البيت (عليهم السلام) وطبيعة حرصهم على المؤمنين، والإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو ابن هذا البيت الطاهر وسليل بركاتهم الذي وظف حياته لا لشيء إلّا لهداية البشرية وايصالها إلى كمالها وسعادتها، ويعز عليه أن يرى أحداً من الناس يعيش حالة البعد والانحراف عن الاستقامة والجادة الصحيحة، ولذلك نتلمس هذا المعنى جلياً من توقيعه الشريف الذي صدر عنه (عجّل الله فرجه) لبعض شيعته والتي يقول فيها: عافانا الله وإياكم من الفتن، ووهب لنا ولكم روح اليقين، وأجارنا وإياكم من سوء المنقلب، إنه أنهي إلي ارتياب جماعة منكم في الدين، وما دخلهم من الشك والحيرة في ولاة أمرهم، فغمنا ذلك لكم لا لنا، وساءنا فيكم لا فينا، لأن الله معنا فلا فاقة بنا إلى غيره. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص286]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

متفرقة : ٢٠٢١/٠٧/٠٢ : ٢.٣ K : ٠
: سارة : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.