ارسل سؤالك المهدوي:
متفرقة

(١٠٤٣) ما هو المعنى اللغوي للرجعة

ورد في جوابكم على سؤال رقم (40) النص التالي:
البداء لغة: هو الظهور بعد الخفاء.
واصطلاحاً: -أي الذي يُعنى به في علم الكلام- هو الإبداء والإظهار المسبوق بالعلم.
وهذا المعنى الاصطلاحي هو ما نقوله في الله تعالى.
وأمّا المعنى اللغوي فلا يمكن قبوله فيه تعالى لأنه يستلزم الجهل، وهو محال على الله تعالى.
سؤالي هو لم نفهم المعنى اللغوي؟


بسم الله الرحمن الرحيم
الألفاظ قد يكون لها معنى لغوي يمثل المعنى الذي استعمله العرب في كلامهم، وقد يكون لها معنى مصطلح يتفق عليه أهل كل فن للدلالة على ذلك المعنى الخاص عندهم، من قبيل الصلاة فهي لغة عند العرب تأتي بمعنى الدعاء لكن معناها عند علماء الفقه هو هذه الصلاة المعروفة التي نؤديها في اليوم والليلة خمس مرات، والبداء أيضاً له معنيان لغوي واصطلاحي، فأما معناه اللغوي فهو ظهور المعلومة بعد خفائها والجهل بها، وقد استعملها القرآن الكريم بهذا المعنى ﴿وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾، ومثاله للتوضيح إذا قررت أن تصوم غداً ثم يظهر لك عند الغروب هلال شهر شوال، فتغير رأيك لما بدى لك من أمر لم تكن تعلم به، ومن هنا نفهم أن البداء بمعناه اللغوي لا يُطلق على الله (عزَّ وجل) لأن لازمه الجهل تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله لم يبدُ له من جهل. [الكافي للشيخ الكليني: ج1، ص148]
وأما المعنى المصطلح الذي يعتقده علماؤنا والذي يصح وصف الله تعالى به هو أن يُظهر الله تعالى أمراً كان مخفياً عن الناس سابقاً وقد کان معلوماً لله تعالى قبل ذلك، ومثاله للتقريب: إبراهيم (عليه السلام) حينما رماه النمرود في النار وكان يتوقع بحسب القوانين المادية الحاسمة أنه سيحترق بتلك النار ليموت فيها، لكن تدخلت العناية والمشيئة الإلهية وأظهرت أمراً وقانوناً جديداً لم يكن الناس يعلمون به، فجرى قانون المحو ليحول النار الحارقة إلى نار باردة يسلم فيها إبراهيم (عليه السلام)، بطبيعة الحال قانون المحو والاثبات لا يجري بشكل جزافي أو اعتباطي، وانما يخضع أيضاً لقانون آخر قد يغفل عنه الناس في كثير من الأحيان، فحينما نرى إنساناً مريضاً بمرض خطير جداً ونتوقع وفاته الحتمية بسبب ذلك المرض إلّا أن الصدقة أو الدعاء من قبل ذلك المريض أو من قبل أهله يمكن أن يغير المعادلة السابقة فيكتب الله تعالى له الشفاء والعافية، ولا يخفى أن الحكمة من عقيدة البداء عظيمة جداً لأنها تعطي للإنسان أملاً كبيراً في التعاطي مع الغيب والعمل حتى لا يتقاعس أو يتكاسل بدعوى أن الأحداث تجري بشكل قهري وجبري من دون أن يكون لسلوك الإنسان وأفعاله تأثير في تغييرها أو تبديلها، ولذلك على الإنسان المؤمن أن يقرأ روايات أهل البيت (عليهم السلام) وأحاديثهم الشريفة ليستعلم منها الأفعال والأعمال التي تؤثر في معادلة القدر والقضاء من قبيل تأثير الصدقة أو الدعاء أو صلة الأرحام وغيرها ولا يكتفي بمعرفة القوانين المادية فقط، فيتوهم أنها القوانين الوحيدة التي تتحكم بمصيرنا أو مستقبلنا.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

متفرقة : ٢٠٢١/٠٧/٠٢ : ٢.٤ K : ٠
: تبارك مالك : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.