(١٠٥١) أليس وقت الظهور لا يعلمه إلّا الله؟
ورد في مقال بعنوان (البداء في وقت الظهور) في صحيفة صدى المهدي العدد 69 النص التالي:
معنى قول الإمام الباقر (عليه السلام): ولم يجعل الله له بعد لك وقتاً عندنا. أي لم يجعل الله لنا أن نحدّثكم عن وقت الظهور، وليس معناه أنهم يجهلون وقت الظهور.
سؤالي هو: أليس وقت الظهور لا يعمله إلّا الله؟ كما هو جوابكم في سؤال رقم 53 بـ[ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) أمر غيبي لا يعلمه إلّا الله]
بسم الله الرحمن الرحيم
علم الإمام (عليه السلام) بوقت ظهوره أو عدم علمه هي من المسائل الخلافية بين العلماء، ولكل مقاربته الخاصة التي يستند إليها، فمن ينفي ذلك يعتمد على ما روي عن الإمام الباقر (عليه السلام): حدثناكم فأذعتم الحديث وكشفتم قناع السر فأخره الله ولم يجعل له بعد ذلك عندنا وقتاً. [الغيبة للشيخ النعماني: ص304]
ومن يذهب إلى علمه بذلك (عجّل الله فرجه) يعتمد على ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): إن عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة. [الكافي للشيخ الكليني: ج1، ص240]
والذي نميل إليه تبعاً لما نستظهره من الروايات أن هناك أجلين لظهوره (عجّل الله فرجه):
الأول: الأجل المتغير بمعنى أنه موعد يقبل التقديم والتأخير ويخضع لعنصر البداء والمحو والاثبات.
الثاني: هو الأجل الثابت غير المعلق على شيء.
والفرق بينهما أن الأجل الأول يتأثر تقديماً وتأخيراً بسبب سلوك الناس وطبيعة انقيادهم لأهل البيت (عليهم السلام)، وقد وردت عدة روايات تؤكد هذا المعنى، فقد سأل أبو بصير الإمام الصادق (عليه السلام): ما لهذا الأمر أمد ينتهي إليه ويريح أبداننا؟ قال: بلى، ولكنكم أذعتم فأخره الله. [الغيبة للشيخ النعماني: ص299]
ولكن لا يعني وجود الأجل المعلق أن يبقى ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) معلّقاً إلى ما (لانهاية) بسبب خيارات الناس وتصرفاتهم، بل هناك أجل آخر مسمى عند الله تعالى لا يقبل التأخير أو التأجيل، فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): لما طال على بني إسرائيل العذاب ضجوا وبكوا إلى الله أربعين صباحاً، فأوحى الله إلى موسى وهارون يخلصهم من فرعون فحط عنهم سبعين ومائة سنة. قال: وقال أبو عبد الله (عليه السلام): هكذا أنتم لو فعلتم لفرج الله عنا، فأما إذا لم تكونوا فإن الأمر ينتهي إلى منتهاه. [تفسير العياشي لمحمد بن مسعود العياشي: ج2، ص154]، ومعنى أن ينتهي إلى منتهاه أن يصل وقت الظهور إلى الأجل المسمى والثابت عنده تعالى والذي لا تعود تؤثر عليه المؤثرات وأفعال الناس.
ومع الالتفات إلى التقسيم السابق الذي ذكرناه من وجود الأجلين يكون واضحاً أن علم الإمام (عجّل الله فرجه) على المستوى الأول يكون علماً إجمالياً غير متعين بوقت محدد، لأنه عرضة للمحو والاثبات، لأنه يكون تابعاً لتحقق الشرط من عدم تحققه، ويكون علمه (عجّل الله فرجه) على المستوى الثاني متعيناً وثابتاً، ويؤيد هذا المعنى ما رواه الشيخ الكليني عن الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله (عزَّ وجل) أخبر محمدا (صلّى الله عليه وآله) بما كان منذ كانت الدنيا، وبما يكون إلى انقضاء الدنيا، وأخبره بالمحتوم من ذلك واستثنى عليه فيما سواه. [الكافي للشيخ الكليني: ج1، ص148]
أي أن الله تعالى أعلم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) بالأمور الكائنة الحتمية غير المعلقة واستثنى عليه ما يخضع لقانون البداء وفي كل الأحوال يكون العلم بذلك من الغيب المختص به تعالى وهو العالم بالسر واخفى.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: جعفر كاظم : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)