ارسل سؤالك المهدوي:
متفرقة

(١١٣٨) اعتصموا بالتقية! من شب نار الجاهلية، يحششها عصب أموية...

ورد في رسالة كتبها الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) للمرجع الأعلى للشيعة في زمانه الشيخ محمد بن محمد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد (قدس سره) تعليمات لحفظ الشيعة من الخوض في الفتن وجاء في الرسالة:
اعتصموا بالتقية! من شب نار الجاهلية، يحششها عصب أموية، يهول بها فرقة مهدية، أنا زعيم بنجاة من لم يرم فيها المواطن، وسلك في الطعن منها السبل المرضية، إذا حل جمادى الأولى من سنتكم هذه فاعتبروا بما يحدث فيه، واستيقظوا من رقدتكم لما يكون في الذي يليه. ستظهر لكم من السماء آية جلية، ومن الأرض مثلها بالسوية، ويحدث في أرض المشرق ما يحزن ويقلق، ويغلب من بعد على العراق طوائف عن الإسلام مراق، تضيق بسوء فعالهم على أهله الأرزاق، ثم تنفرج الغمة من بعد ببوار طاغوت من الأشرار، ثم يستر بهلاكه المتقون الأخيار.
[الاحتجاج للشيخ الطبرسي: ج٢، ص٣٢٣]
ما معنى هذا الكلام يرحمكم الله أفيدونا؟


بسم الله الرحمن الرحيم
يأمر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) شيعته بالاعتصام بالتقية وهي كما عرَّفها الشيخ المفيد (رحمه الله): (كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه، ومكاتمة المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرراً في الدين أو الدنيا) [تصحيح اعتقادات الإمامية للشيخ المفيد: ص137]، والدليل على مشروعيتها من القرآن الكريم والسنة والعقل كما هو مسطور في محله.
وتأكيد الإمام (عجّل الله فرجه) على التقية وإن لم يكن أمراً جديداً بعد أن تواترت الأخبار عن آبائه الطاهرين (عليهم السلام) بوجوب الالتزام بها، ولكن يظهر أن هذه الوصية كان لها موضوعية خاصة في تلك الفترة بالتحديد باعتبار أن صدور التوقيع كان في سنة (410هـ) وهي فترة طغت عليها الفتن والنزاعات الطائفية التي استهدفت أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم.
والإمام (عجّل الله فرجه) في الوقت الذي يحذر من تلك الفتن والدخول فيها أو إعطاء المبررات بيد الأعداء، يؤكد أيضاً أن دوافعها ذات أهداف أموية حاقدة مبنية على أسس جاهلية، فقوله (عجّل الله فرجه): (يحششها عصب أموية)، إشارة إلى وجود فئة أموية تتآمر لإيقاد نار الفتنة وتحش النار وتحركها باتجاه استغلال الأوضاع لأجل القضاء على الشيعة (الفرقة المهديّة) وبث الرعب فيهم، ومع ذلك ينصح الإمام (عجّل الله فرجه) شيعته باليقظة والالتفات لما يحاك ضدهم، ويوضح لهم الطريقة التي تنجيهم مما يُراد بهم فيقول (أنا زعيم بنجاة...)، أي أنا الضامن والمتكفل بنجاة من لم يرم فيها المواطن، يعني مواطن الهلاك، وتجنب الاشتراك الفعلي في القلاقل.
(وسلك في الطعن منها)، يعنى الفتن، والاحتجاج على وقوعها، السبل المرضية في الإسلام بالاعتراض الهادئ وإبداء الرأي الموضوعي الصحيح.
ثم أشار الإمام (عجّل الله فرجه) في رسالته إلى وقوع بعض الأحداث في تلك السنة والسنة التي تليها بقوله: (إذا حل جمادى الأولى من سنتكم هذه فاعتبروا بما يحدث فيه واستيقظوا من رقدتكم لما يكون في الذي يليه ستظهر لكم من السماء آية جلية ومن الأرض مثلها بالسوية)، ولا نستطيع الجزم بما يقصده الإمام (عجّل الله فرجه) من تلك الأحداث التي كان يعنيها لاسيما أن الكتب التاريخية لم تذكر لنا جميع ما وقع آنذاك من أحداث.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

متفرقة : ٢٠٢١/١٠/٢٨ : ٢.٤ K : ٠
: عماد الشكري : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.