(١١٤٢) هل صوم عاشوراء مستحب أم حرام؟
ورد عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) أنّه قال: لَزَقَتِ السَّفِينَةُ يَوْمَ عَاشُورَاء عَلَى الجُودِيِّ، فَأَمَرَ نُوحٌ (عليه السلام) مَنْ مَعَهُ مِن الجِنِّ وَالإِنْسِ أَنْ يَصُومُوا ذَلِكَ اليَوْمَ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): أَتَدْرُونَ مَا هذَا اليَوْمُ؟ هَذَا اليَوْمُ الَّذِي تَابَ اللهُ (عَزَّ وَجَلَّ) فِيهِ عَلَى آدَمَ وَحَوَّاء (عليهما السلام)، وَهَذَا اليَوْمُ الَّذِي فَلَقَ اللهُ فِيهِ البَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَغْرَقَ فِرْعَوْنَ وَمَنْ مَعَهُ، وَهَذَا اليَوْمُ الذِي غَلَبَ فِيهِ مُوسَى (عليه السلام) فِرْعَوْنَ، وَهَذَا اليَوْمُ الذِي وُلِدَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ (عليه السلام)، وَهَذَا اليَوْمُ الذِي تَابَ اللهُ فِيهِ عَلَى قَوْمِ يُونُسَ (عليه السلام)، وَهذَا اليَوْمُ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ (عليه السلام)، وَهَذَا اليَوْمُ الَّذِي يَقُومُ فِيهِ القَائِمُ (عليه السلام).
فكيف نوفق بينها وبين النهي عن صوم يوم عاشوراء؟
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار لجهتين:
الأولى: أن الراوي لها هو كثير النوى وهو عامي بتري ضعيف ورد في حقه الكثير من الذم عن الأئمة (عليهم السلام)، فقد روى الكشي عن أبي بكر الحضرمي، قال، قال أبو عبد الله (عليه السلام): اللهم إنّي إليك من كثير النواء بريء في الدنيا والآخرة. [اختيار معرفة الرجال للكشي: ص241]
وجاء عن الإمام الباقر (عليه السلام) في حقه: إن الحكم بن عينة وسلمة وكثير النواء، أضلوا كثيراً ممن ضل من هؤلاء. [اختيار معرفة الرجال للكشي: ص230]
الثانية: مخالفة الرواية فيما ذكرته من وقائع وأحداث لجملة من الأخبار وقد علّق عليها الميرزا القمي بقوله: مع أنّ روايته من حيث المضمون مُخالفة لسائر الأخبار في ولادة عيسى فقد مرّ أنّها أوّل ذي الحجة، وتوبة قوم يونس فقد ورد أنّها كانت في شوال، وتوبة آدم فقد ورد أنّها كانت في يوم الغدير، وغير ذلك، وأمّا ذكر قيام القائم، فلعلَّه من جهة تخليطه حتى لا يكذب في سائر ما ذكر. [غنائم الأيام في مسائل الحلال والحرام للميرزا القمي: ج6، ص77]
ويؤيد ما ذكره القمي ما روته جبلة المكية عن ميثم التمار (رضوان الله عليه): قالت جبلة: فقلت له: يا ميثم وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي (عليهما السلام) يوم بركة؟ فبكى ميثم (رحمه الله) ثم قال: سيزعمون بحديث يضعونه أنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم (عليه السلام) وإنما تاب الله على آدم في ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود (عليه السلام) وإنما قبل الله توبته في ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس (عليه السلام) من بطن الحوت وإنما أخرجه الله من بطن الحوت في ذي القعدة، ويزعمون أنه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح (عليه السلام) على الجودي وإنما استوت على الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل وإنما كان ذلك في ربيع الأول. [الأمالي للشيخ الصدوق: ص190]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: جعفر عبد الحسين : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)