(١١٤٧) ماذا يقصد الإمام (عجّل الله فرجه) بقوله: نحن صنائع ربنا والخلق بعد صنائعنا
ورد عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه): إن الله معنا، ولا فاقة بنا إلى غيره، والحق معنا فلن يوحشنا من قعد عنا، ونحن صنائع ربنا والخلق بعد صنائعنا.
ما معنى عبارة الإمام (عجّل الله فرجه) (نحن صنائع ربنا والخلق بعد صنائعنا)؟
أرجو الجواب العلمي المعهود من مركزكم الموقر المشبع بالمصادر المعتبرة، لأن هنالك لغط كثير في صفحات الانترنت حول هذه العبارة.
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الفقرة جاءت في سياق حديث الإمام (عجّل الله فرجه) عن عدم حاجتهم إلى أحدٍ سوى الله تعالى، ولذا لا فاقة بهم لغيره تعالى، وإنما يصح هذا الكلام إن لم يكن بينهم وبين الله تعالى واسطة من الخلق يكون سبباً لإفاضة النعمة الإلهية عليهم من دونه، وقد دل على ذلك جملة روايات يرشح منها هذا المعنى، فقد روى الصدوق عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): لأن أول ما خلق الله (عزَّ وجل) خلق أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتحميده ثم خلق الملائكة، فلما شاهدوا أرواحنا نوراً واحداً استعظموا أمرنا، فسبّحنا لتعلم الملائكة أنّا خلقٌ مخلوقون. [علل الشرائع للشيخ الصدوق: ج1، ص5]
وكذلك الحديث المشهور عن جابر بن عبد الله، قال: قلت لرسول الله (صلّى الله عليه وآله): أول شيء خلقه الله تعالى ما هو؟ فقال: نور نبيك يا جابر، خلقه الله ثم خلق منه كل خير. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج25، ص22]
وأمّا قوله (عجّل الله فرجه): (والخلق بعد صنائعنا) فيشير إلى أنهم (عليهم السلام) السبب والعلة الغائية التي تقف وراء وجود هذا الخلق، ولولاهم لما كان زيد ولا عمرو، بتقريب أن الغاية والهدف من وجود الخلق هو التكامل الذي لا يتحقق بالنسبة للمخلوقات إلّا عن طريق العبودية لله تعالى، ولذا يقول (عزَّ وجل): ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إلّا لِيَعْبُدُونِ﴾، ولم يتجل هذا الكمال الممكن كما تجلى وظهر في النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام)، وبذلك يكون جميع الخلق في حاجتهم، وعدم الاستغناء عنهم، وصاروا بذلك صنائع لهم وفي خدمتهم، وكل ذلك إنما هو بإذن الله تعالى ومشيئته.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)