ارسل سؤالك المهدوي:
متفرقة

(١٣٢٠) شبهة تقول: إن فكرة المنقذ والمخلص موجودة قبل الإسلام.

هنالك شبهة تقول: إن فكرة المنقذ والمخلص موجودة قبل الإسلام، فأخذ المسلمون الفكرة من الديانات الثلاث (اليهودية والمسيحية والزرادشتية)، وإن المهدي عند الشيعة ما هو إلّا انعكاس للمعتقد اليهودي والمسيحي.
فما هو ردكم الكريم على هذه الشبهة؟


بسم الله الرحمن الرحيم
لا يخفى أن أهل الارتياب والزيغ ما تركوا عقيدة أو فكرة أصيلة في الدين إلّا وحاولوا التشكيك فيها والطعن بها، ولو كانت من أوضح البديهيات، ابتداءً من التوحيد وانتهاءً بفروع الشريعة، بل مما جرت عادة هؤلاء أنهم يعمدون إلى الأدلة ونقاط القوة في تلك العقائد فيجعلون منها ثغرات يحاولون النفوذ من خلالها ليوهموا الناس ويدلسوا عليهم، وإلّا فإن وجود العقيدة المهدوية في الديانات السابقة والرسالات السماوية القديمة يُشكِّل برهاناً إضافياً على أصالتها وتجذرها في المعرفة الدينية وأنها ليست مجرد فكرة مبتدعة أو طارئة في الدين الإسلامي، بل أن الأدلة الخارجية والتي تأتي من خارج الإسلام هي أقوى في الدلالة والبيان عند أهل الحياد والإنصاف.
ولأجل ذلك نجد أن القرآن الكريم من ضمن الأدلة التي ساقها على أحقية نبوة نبينا (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، تأييده لبشارات الكتب السماوية السابقة التي ذكرته وأشارت لصفته واسمه، يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ﴾، وكذلك جاء على لسان عيسى (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قالَ عِيسَـى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّـراً بِرَسُولٍ يأتي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أحمد فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾.
مضافاً إلى ذلك فإن التراث الضخم المروي في العقيدة المهدوية لم يكن من بنات الفكر الشيعي فقط، بل إن ما ورد في التراث السني هو الآخر يحمل مئات الأحاديث والمرويات التي حفلت بها مصادرهم المعتبرة والتي نصت على ظهور مخلِّص ومنقذ يظهر في آخر الزمان يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، على أن الاعتقاد بالعقيدة المهدوية في المذهب الشيعي وإن اتَّفقت في مجملها مع ما ورد في الديانات السابقة والمذاهب الإسلامية الأخرى ولكنها تحتفظ بتنظيرها الأصيل المأخوذ من طريق أهل البيت (عليهم السلام) وهم في غنى عن الاستدلال بما رواه الآخرون، ولذلك فإن العقيدة المهدوية عندهم هي عقيدة تتجاوز كثيراً مفهوم الإنقاذ والخلاص والذي تحاول بعض المذاهب والفرق حصر دور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في دائرته، فإن الشيعة يعتقدون أن وجود الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ضرورة كونية بلحاظ كونه واسطة الفيض وأن الله تعالى لا يمكن أن يخلي الأرض من الحجة بأي حال من الأحوال وإلّا لساخت بأهلها.
وطبقاً لهذا المبنى يذهب الشيعة إلى الاعتقاد بأن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) مولودٌ، وأنه حيٌّ يمارس جميع وظائفه ومهامّه، ويتواجد بين الناس، ولكنْ بحيث لا يعرفه أحد.
ومن هنا يفترق الشيعة عن غيرهم في أصالة هذه العقيدة وفي طريقة رؤيتهم لها ولو كانوا مجرد مقلدة لغيرهم أو صورة منعكسة عنهم لاكتفوا بأصل فكرة المنقذ والمخلِّص فقط.
على أن أصحاب هذه الرؤية كبعض المستشرقين والتابعين لهم لا تتوقف تحليلاتهم واستنتاجاتهم القاصرة على الفكرة المهدوية فقط، بل تتعداها لمجمل الواقع الديني لأنهم لا يرون الدين إلّا نتاجاً للعوامل والمؤثِّرات الأرضية من قبيل الثقافة والظروف البيئية وما إلى ذلك ويعتبرون الدين بكله ظاهرةً أرضية وذلك لافتقادهم ركيزة الإيمان بالغيب من أصله.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

متفرقة : ٢٠٢٢/٠٤/٢٣ : ٢.٥ K : ٠
: يحيى الحلو : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.