(٢١) كُنْتُ أَمْشي خَلْفَ عَمِّي الحَسَنِ وأبي الحُسَيْنِ...
عن الإمام أبي محمد علي بن الحسين السجاد عليه السلام أنّه قال:
(كُنْتُ أَمْشي خَلْفَ عَمِّي الحَسَنِ وأبي الحُسَيْنِ عليهما السلام في بَعْضِ طُرُقاتِ المدينةِ في العامِ الذي قُبِضَ فيه عمي الحسنُ عليه السلام وأنا يوْمئذٍ غُلامٌ لَمْ أُراهِقْ أوْ كِدْتُ، فَلَقيَهُما جابرُ بنُ عبدِ الله وَأَنْسُ بنُ مالِكٍ الأنْصاريّان في جماعةٍ مِنْ قُرَيْشٍ والأنصارِ، فمَا تَمالكَ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ حتَّى أَكَبَّ علَى أيديهِما وَأَرجُلهِما يُقَبِّلُهُما، فقالَ رجُلٌ مِنْ قُرَيشٍ كان نسيباً لِمَرْوَان: أَتَصْنَعُ هذا _ يا أبا عبدِ اللهِ _ وأنْتَ في سنِّكَ هذا ومَوْضِعِكَ مِنْ صُحْبَةِ رسولِ الله؟ وَكانَ جابِرٌ قدْ شَهِدِ بَدْراً؟ فقال له: إليكَ عنّي فلَوْ عَلِمْتَ يا أخا قُرَيْشٍ مِنْ فَضْلِهِما ومَكانِهِما ما أعْلَمُ لقَبَّلْتَ ما تَحْتَ أقْدامِهِما مِنَ التُّراب. ثُمَّ أَقْبَلَ جابِرٌ علَى أَنَس بْنِ مالِكٍ، فقال: يا أبا حَمْزَةَ، أخبَرني رسولُ الله صلى الله عليه وآله فيهما بأمْرٍ ما ظنَنْتُهُ أنَّهُ يكونُ في بَشَرٍ. قال له أَنَسٌ: وبماذا أَخْبَرَكَ، يا أبا عبْدِ اللهِ؟ قال عليُّ بنُ الحسين: فانْطَلَقَ الحَسَنُ والحسيْنُ عليه السلام وَوَقَفْتُ أنا أَسْمَعُ مُحاورَةَ القَوْمِ، فأَنْشَأَ جابرٌ يُحَدِّثُ قال: بَيْنَما رسولُ الله صلى الله عليه وآله ذاتَ يومٍ في المسجِدِ وقَدْ حفَّ مِنْ حَوْلِه، إذ قال لي: يا جابِرُ، ادْعُ لي حَسَناً وحُسَيْناً، وكانَ شديدَ الكَلَفِ بِهِما، فانْطَلَقْتُ فَدَعَوْتُهُما وأقْبَلْتُ أحْمِلُ هذا مرَّةً وهذا أُخرى حتَّى جئتُه بِهِما، فقال لي وأنا أعْرِفُ السُّرورَ في وجهِهِ لِما رأى مِنْ مَحَبَّتي لَهُما وتَكْريمي إيَّاهُما: أَتُحِبُّهُما، يا جابِرُ؟ فَقُلْتُ: وما يمْنَعُني مِنْ ذلكَ فِداكَ أبي وأُمّي وأنا أعرِفُ مَكانَهُما مِنْكَ؟ قال: أفلا أُخْبرُكَ عنْ فضْلِهِما؟ قُلْتُ: بلَى، بأبي أنت وأمّي.
قال: إنَّ الله تعالى لمَّا أَحَبَّ أَنْ يَخْلُقَني خَلَقَني نُطْفَةً بَيْضاءَ طيِّبة فأَوْدَعَها صُلْبَ أبي آدَمَ عليه السلام، فَلَمْ يَزَلْ ينْقُلُها مِنْ صُلْبٍ طاهرٍ إلى رَحِمٍ طاهِرٍ إلى نوحٍ وإبراهيمَ عليهم السلام، ثم كذلك إلى عبدِ المُطَّلِبِ، فَلَمْ يُصِبْني مِنْ دَنَسِ الجاهِليَّةِ، ثُمَّ افْتَرَقَتْ تِلْكَ النُّطْفَةُ شَطْرَيْنِ إلى عبدِ اللهِ وأبي طالِبٍ، فَوَلَدَني أبي فَخَتَمَ اللهُ بيَ النُّبُوَّةَ (وَوَلَدَ أبو طالب عليّاً) فُخُتِمَت بهِ الوَصيَّةُ، ثُمَّ اجْتَمَعَتِ النُّطْفَتانِ منّي ومِنْ عليٍّ فَوَلَدْنا الجَهْرَ والجَهيرَ الحَسَنَينِ فَخَتَمَ بِهِما أسْباطَ النُّبُوَّةِ، وَجَعَلَ ذُرِّيّتي مِنْهُما، وَأَمَرَني بِفَتْحِ مَدينةِ _ أو قالَ مَدائِنِ _ الكُفْرِ. وَمِن ذريَّة هذا _ وأشار إلى الحسين عليه السلام _ رَجُلٌ يَخْرُجُ في آخِرِ الزَّمانِ يملؤ الأرضَ عدْلاً كما مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، فَهُما طاهِرانِ مُطَهَّرانِ، وَهُما سيِّدا شَبابِ أهْلِ الجَنَّةِ، طوبى لِمَنْ أَحَبَّهُما وَأباهُما وأُمَّهُما، وَوَيْلٌ لِمَن حارَبَهُمْ وأَبْغَضَهُمْ).
مصادر الحديث:
* أمالي الطوسي: ص 499 - 500 (أخبرنا) جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي ببغداد، قال: حدثني محمد بن علي بن حمزة العلوي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني الحسن بن زيد بن علي، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام، عن سنّ جدّنا علي بن الحسين عليهما السلام، فقال: أخبرني أبي، عن أبيه علي بن الحسين عليه السلام، قال:
* كتاب ما اتفق فيه من الأخبار للحائري: _ على ما في تأويل الآيات الظاهرة.
* تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 379 ح 16 - كما في أمالي الطوسي، بتفاوت، عن كتاب ما اتّفق فيه من الأخبار للحائري.
* حلية الأبرار: ج 3 ص 327 ب 1 - عن تأويل الآيات الظاهرة، بتفاوت يسير.
* البرهان: ج 3 ص 171 ح 7 - عن أمالي الطوسي بتفاوت يسير.
وفيها: ح 8 - كما في أمالي الطوسي، بتفاوت عن كتاب (ما اتفق فيه من الأخبار) لأبي جعفر الحائري.
* البحار: ج 22 ص 110 - 112 ب 37 ح 76 - عن أمالي الطوسي.
وفي: ج 37 ص 44 - 46 ب 50 ح 22 - عن أمالي الطوسي.