الازدهار الاقتصادي في الدولة المباركة
الشيخ علي الفياض
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين سيّما إمام زماننا الإمام المهدي المنتظر (عجَّل الله فرجه) قائد الدولة المباركة.
يلعب العامل الاقتصادي دوراً مهماً في حياة الفرد والمجتمع ولا يقل أهمية عن العامل السياسي، وأحد أسباب سعادة الإنسان أن يتم تأمين غذائه ومسكنه وملبسه وعمله بشكل لا يصاحبه القلق من العوز والفقر والحاجة.
وهذا الأمر تعدنا السماء بتحققه في المستقبل الزاهر وتبشرنا النصوص الوحيانية بإتمامه على أحسن وجه في دولة كاملة كريمة تحت راية الإمام المعصوم (عجَّل الله فرجه).
وهذا البحث محاولة لرسم صورة من صور الاقتصاد المستقبلي للدولة المباركة من خلال تحليل النصوص الشريفة حيث يبلغ الازدهار أوجَّه في جميع بقاع العالم.
إنّ التطور والنمو والازدهار الاقتصادي في دولة التوحيد له مميزات وخصائص حاولنا الوقوف عليها واختصرناها في مباحث أربعة كان الأول في القضاء على الفقر وكيف أن الإمام (عجَّل الله فرجه) يستطيع فعل ذلك، وأمّا المبحث الثاني فكان عرضاً مجملاً لظاهرة العمران الحضاري في دولته الشريفة، وأمّا المبحث الثالث فتعرضنا فيه إلى وجود البركات الإلهية في دولة التوحيد، وكان المبحث الرابع في التوزيع العادل للثروات.
وأنهينا البحث بخاتمة تحتوي على نتائجه، ومن الله نستمد العون والتوفيق ونسأل الله أن يتقبل هذا القليل ويعّجل في فرج المولى (روحي فداه).
تمهيد:
تتنوع البحوث في مجال العقيدة المهدوية لتشمل جميع ما يرتبط بشؤون الفرد والمجتمع، ولا شك أن من أهم المجالات التي ينبغي الخوض فيها هو البحث في المجال الاقتصادي على مستوى المذهب الاقتصادي والنظرية الاقتصادية بشقيها الجزئي والكلي والسياسات المستخدمة في الإدارة والنفقات.
على أن البحث في العقيدة المهدوية يمكن أن يشتمل على معالجات للمشاكل الاقتصادية في زمن الغيبة الكبرى وأيضاً يمكن أن يكون البحث عن مميزات وخصائص الحكومة المهدوية في الجانب الاقتصادي.
ونقصر البحث هنا على مميزات وخصائص الاقتصاد في دولة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وكيف يقوم القائد بتطبيق السياسات الاقتصادية الناجحة في إدارة المجتمع بإلهام وتسديد من السماء.
السياسات الاقتصادية:
إن تحليل النصوص الاقتصادية للظهور ودراسة السياسات الاقتصادية التي ينفذها الإمام (عجَّل الله فرجه) يُعد محوراً أساسياً للعقيدة المهدوية ليس فقط على مستوى التنظير بل على مستوى التطبيق أيضاً.
ونرى أن إبراز القوة الاقتصادية والنمو والازدهار والتطور الاقتصادي في دولته (عجَّل الله فرجه) مسألة مهمة، خصوصاً في وقتنا الحاضر وما نعيشه من مناخ التدهور الاقتصادي والأزمات المالية الخانقة وفشل النظريات الاقتصادية من شيوعية ورأسمالية وغيرها، وتأثر البعض بما تطرحه وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي إلى درجة أصبح الشاب المسلم يأخذ ثقافته وأفكاره مما تطرحه هذه الوسائل ولا يميز الغث من السمين.
إن رجوع المسلم إلى مبادئ الإسلام وإلى حضارة التوحيد التي عمل على ترسيخها الأئمة المعصومون (عليهم السلام) هو الحل الأمثل لنجاح الفرد والمجتمع في دار الدنيا وفي الآخرة.
خصائص الازدهار الاقتصادي في الدولة المهدوية:
لا شك أن النظام الاقتصادي الجديد في الدولة المهدوية له خصائص ومميزات تنتج من التطبيقات التي سوف يقوم بها القائد المعصوم على جميع بقاع الأرض، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ﴾ (التوبة: ٣٣ - الصف: ٩).
رغم وجود ثلاث تجارب تاريخية معصومية في إدارة اقتصاد الدولة متمثلة بحكومة المدينة المنورة للرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وحكومة الكوفة لأمير المؤمنين (عليه السلام) وأيضاً فترة قصيرة من حكومة الإمام الحسن (عليه السلام)، إلّا أن الإدارة الاقتصادية والسياسية للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) ستشمل جميع أنحاء الأرض حتى تصل حكومته وعدله إلى آخر قرية من قرى العالم المترامية الأطراف.
إن مكافحة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) لظاهرة الفقر المستشرية في المجتمع تكون ضمن أولويات برنامجه الاقتصادي إضافة إلى بقية الآليات التي يستخدمها الإمام (عجَّل الله فرجه) في تنمية الدولة اقتصادياً، وسوف نبحث ذلك ضمن أربعة مباحث، هي:
المبحث الأول: القضاء على الفقر.
المبحث الثاني: العمران.
المبحث الثالث: البركات الإلهية.
المبحث الرابع: التوزيع العادل للثروة.
ولنبسط الكلام في النقطة الأولى مع بعض التمهيدات ويكون المحور هو: كيف يتمكَّن الإمام (عجَّل الله فرجه) من معالجة مشكلة الفقر؟
المبحث الأول: القضاء على الفقر:
تعد مشكلة الفقر من المشاكل البارزة في حياة البشرية منذ القِدَم، وهي ظاهرة أرضية لا سماوية، فهي من صنيعة الإنسان وجنايته لما قدمته يداه وقد نزلت التشريعات الإلهية لمعالجة هذه المشكلة بإنزال أحكام وقوانين إذا ما طبقت فإن المشكلة ستزول بشكل كلي، لذا في عصر ظهور الدولة المباركة وبسبب تطبيق الإسلام بحذافيره سوف يزول الفقر وكل ما يتعلق به من مصائب.
تعريف الفقر:
مفهوم الفقر كغيره من المفاهيم الكثيرة وقع الاختلاف في تعريفه، وقبل الدخول في تعريفه لابد أن نلقي نظرة ولو عابرة على معناه اللغوي وأصل اشتقاقه.
المعنى اللغوي:
بحسب اللغة فإن الفقر هو الحاجة، فالفقير عند العرب هو المحتاج(١).
الفقر في إطلاقات الفقهاء:
تناول الفقهاء موضوع الفقر والغنى في موارد عديدة، منها: بحث الزكاة وزكاة الفطرة والخمس وغيرها. وتعريفهم يختلف شيئاً ما عن التعريف اللغوي حيث إنهم حددوا فترة زمنية للحاجة، وهي أن تكون سنة واحدة، فالفقير هو الذي لا يملك مقدار ما ينفق على نفسه وعلى عياله لمدة سنة كاملة، والغني هو الذي عنده قوت سنة سواء كان عنده ذلك بالفعل أو عنده عمل مستمر يستطيع من خلاله أن يكتسب المال بشكل مستمر.
قال صاحب الجواهر (قدّس سرّه): (... مضافاً إلى ما يظهر من الأصحاب في تعريف الفقر والغنى بملك ما يمول به نفسه وعياله سنة وعدمه)(٢)، وقال الشيخ الأنصاري (قدّس سرّه): (... إنهم صرحوا في تعريف الفقر بأنه من لا يملك مؤنة السنة له ولعياله...)(٣).
الفقر في العلم الحديث:
طبقاً لعلم الاقتصاد الحديث فإن الفقر هو (عدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة...)(٤). ويعرف الفقر في علم الاجتماع بأنه (مستوى معيشي منخفض لا يفي بالاحتياجات الصحية والمعنوية والمتصلة بالاحترام الذاتي لفرد أو مجموعة من الأفراد...)(٥).
أسباب الفقر:
من المهم جداً في دراسة أي ظاهرة الوقوف على العوامل المسببة لها إذ تنفع دراسة الأسباب في وضع استراتيجيات للوقاية والعلاج.
من الجدير الإشارة إلى أن الأسباب للفقر متعددة جداً ولا يمكن حصرها بسبب أو سببين، ويمكن أن تكون هناك سلسلة طولية من الأسباب أي وجود سبب قريب وسبب بعيد وأسباب متوسطة، وهكذا يمكن القول بوجود أسباب وعلل وعوامل متعددة ويمكن تقسيم الأسباب إلى ثلاثة أقسام:
أولاً: أسباب مرتبطة بسلوك الفرد:
من العوامل المهمة المسببة للفقر والتي غالباً ما يُتغافل عنها هي الذنوب التي يرتكبها الإنسان تجاه خالقه، فيكون أحد أضرارها الفقر المادي والمعنوي وتختلف الذنوب شدة وضعفاً في تسبيب الفقر، فبعضها تسرع في تسبيبه، وفي الدعاء: «واغفر لي الذنوب التي تغير النعم»(٦)، وأيضاً في الدعاء: «واغفر لي الذنوب التي تحبس غيث السماء»(٧)، وورد أيضاً: «واغفر لي الذنوب التي تحبس القسم»(٨).
ولنأخذ بذكر نماذج من الذنوب وتأثيرها المباشر على افتقار الإنسان، ولو أردنا استقصاء ذلك لطال بنا البحث.
أ - قطيعة الرحم:
من الذنوب الكبيرة التي تكون سبباً للفقر هي قطيعة الرحم وهي (ترك الإحسان إلى الأقربين والتعطف عليهم والرفق بهم والرعاية لأحوالهم)(٩).
تشددت الشريعة الإسلامية في منع وتحريم قطيعة الرحم بحيث صدرت اللعنة في حق القاطع في القرآن الكريم كما ورد في الرواية عن الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام): «... وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله (عزَّ وجلَّ) في ثلاث مواضع، قال الله (عزَّ وجلَّ): ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ * أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ﴾ [محمد (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): ٢٢-٢٣] وقال: ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرضِ أُولئِكَ هُمُ الخاسِرُونَ﴾ [البقرة: ٢٧]»(١٠).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «اتقوا الحالقة فإنها تميت الرجال»، قلت: وما الحالقة؟ قال: «قطيعة الرحم»(١١).
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «إذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار»(١٢)، إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة المحذرة من عواقب هذا الذنب العظيم.
ب - الزنا:
الزنا من الجرائم الاجتماعية الكبيرة والتي شدد الإسلام على تحريمه لما فيه من أضرار جسيمة مادية ومعنوية على حياة الفرد والمجتمع، وهنا نذكر ما يتعلق بموضوع البحث وهو كونه سبباً مهماً من أسباب الفقر وقلة الرزق، ورد النص عن الإمام الصادق (عليه السلام): «الذنوب التي تحبس الرزق الزنا»(١٣).
وقد يتولد الفقر بشكل غير مباشر من الزنا حيث إن الزنا يكون سبباً في كثرة وقوع الزلازل، والأخير هو سبب واضح للفقر، يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «إذا فشا أربعة ظهرت أربعة: إذا فشا الزنا ظهرت الزلزلة، وإذا فشا الجور في الحكم احتبس المطر، وإذا خفرت الذمة أديل لأهل الشرك من أهل الإيمان، وإذا منعوا الزكاة ظهرت الحاجة»(١٤).
وعن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): «... وإذا ظهر الزنا ظهر الفقر والمسكنة...»(١٥).
وأيضاً عنه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): «... يا علي في الزنا ست خصال: ثلاث منها في الدنيا وثلاث في الآخرة: فأمّا التي في الدنيا فيذهب بالبهاء ويعجل الفناء ويقطع الرزق، وأمّا في الآخرة: فسوء الحساب وسخط الرحمن والخلود في النار...»(١٦).
وأيضاً عنه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): «الزنا يورث الفقر ويدع الديار بلاقع»(١٧)، وبلاقع جمع لكلمة بلقع، وبلقعة وهي الأرض القفر لا شيء بها، والمعنى أنه يفتقر ويذهب ما في بيته من الرزق(١٨).
ج - منع الزكاة:
لمنع الزكاة آثار وعواقب وضعية وخيمة فضلاً عن أن ذلك من الذنوب الكبيرة ومن ضمن هذه الآثار هو الفقر، ونكتفي بإيراد بعض النصوص الشريفة في هذا المجال، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «ما ضاع مال في بر ولا بحر إلّا بتضييع الزكاة...»(١٩).
وعن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): «إذا منعت الزكاة منعت الأرض بركاتها»(٢٠).
فهذه بعض الأخبار الصريحة في أن مآل مانع الزكاة إلى الفقر وتأثير منع الزكاة سلباً على المجتمع أمر واضح، لذا ورد النص أن الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) يقتل مانع الزكاة في دولته، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «دمان في الإسلام حلال من الله لا يقضي فيهما أحد حتى يبعث الله قائمنا أهل البيت، فإذا بعث الله (عزَّ وجلَّ) قائمنا أهل البيت حكم فيهما بحكم الله لا يريد عليهما بينة: الزاني المحصن يرجمه ومانع الزكاة يضرب عنقه»(٢١).
د - منع الخمس:
الخمس من أهم الفرائض الإلهية التي فرضها الله تعالى على الأغنياء، وهي حق من حقوق أهل البيت (عليهم السلام) والفقراء من بني هاشم، وقد وردت نصوص عديدة في وجوبه(٢٢).
لا شك أن مانع الخمس يعاقب بعقوبات دنيوية وأخروية، ومنها الفقر، وتشير النصوص الشريفة إلى ذلك، فعن الإمام الرضا (عليه السلام): «إن إخراجه مفتاح رزقكم»(٢٣)، على أن نصوص الزكاة يمكن أن يستفاد منها ذلك إذا قلنا إن الزكاة بمعناها العام شاملة للخمس.
ﻫـ - الربا:
من بين المعاملات المحرمة المتداولة في زماننا هي المعاملات الربوية حيث نجد التعامل بالربا على نطاق واسع في المجتمع فضلاً عن أن المعاملات الرئيسية في البنوك قائمة على الربا.
ويقسم الفقهاء الربا إلى قسمين، فقد يكون الربا في البيع وقد يكون في القرض، أمّا في البيع بأن يبيع شخص لآخر مادة من المكيل أو الموزون بزيادة كأن يبيع كيلواً من الحنطة بكيلو ونصف من حنطة ثانية. وأمّا في القرض بأن يقرض شخص شخصاً آخر مالاً ويشترط عليه الزيادة عند إرجاعه.
وقد حرمت الشريعة الإسلامية الربا أشد تحريم قال الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا﴾ (البقرة: ٢٧٥).
وعن أبي عبد الله (عليه السلام): «درهم ربا أشد من سبعين زنية كلها بذات محرم»(٢٤).
ويدل على أن الربا سبب من أسباب الفقر عدة نصوص.
فعن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: إني سمعت الله يقول: ﴿يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ﴾ [البقرة: ٢٧٦] وقد أرى من يأكل الربا يربو ماله، فقال: «أي محق أمحق من ربا يمحق الدين وإن تاب منه ذهب ماله وافتقر»(٢٥)، ونفهم من النص أن من يأكل الربا سوف يذهب ماله ويصبح فقيراً حتى لو صدرت منه التوبة.
وعن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن علة تحريم الربا، فقال: «إنه لو كان الربا حلالاً لترك الناس التجارات وما يحتاجون إليه...»(٢٦).
أسباب أخرى:
ذكرت النصوص أسباباً أخرى كثيرة تورث الفقر مثل اعتياد الكذب وكثرة الاستماع إلى الغناء وقطيعة الرحم وغيرها.
وأمّا القسم الثاني من أسباب الفقر فهو:
ثانياً: أسباب مرتبطة بسلوك المجتمع:
إن السلوك الجماعي لمجتمع ما قد يكون سبباً في توليد حوادث كونية، فإذا كان سلوكاً صالحاً تكون النتائج فيوض البركات من السماء والأرض، وإذا كان سلوكاً طالحاً تكون النتيجة ظهور الفساد في البر والبحر، قال الله تعالى: ﴿ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (الروم: ٤١).
يقول صاحب تفسير الميزان: (ومن أحكام الأعمال: أن بينها وبين الحوادث الخارجية ارتباطاً، ونعني بالأعمال الحسنات والسيئات... والآيات ظاهرة في أن بين الأعمال والحوادث ارتباطاً ما شراً أو خيراً)(٢٧).
وواحدة من هذه النتائج المهمة هو إصابة الناس بالفقر فالزلازل والفيضانات وحبس الأمطار وقلة المياه والحروب وغيرها هي أسباب مهمة للفقر ومسببة عن انحرافات المجتمع.
ثالثاً: أسباب مرتبطة بسياسة الدولة:
لا شك أن طبيعة النظام السياسي والاقتصادي للدولة قد يكون سبباً مهماً من أسباب الفقر، فتعيين السياسات الاقتصادية من جهة وتطبيقها من جهة أخرى هو عامل مهم في تحديد مصير المجتمع.
فمثلاً في النظام الاقتصادي الرأسمالي الذي يكون أساسه إطلاق حريات التملك بشكل واسع لوسائل الإنتاج نجد أن الثروة تتكدس في طبقة معينة وهم أصحاب الأموال والثروات تاركة بقية أفراد المجتمع تعاني من العوز والحاجة والفاقة ولم يستطع النظام الرأسمالي بما أُوتي من إمكانات وسياسات من القضاء على مشكلة الفقر، بل نجد أن الأزمات الاقتصادية متتالية وآخرها الأزمة العالمية التي حدثت سنة (٢٠٠٨م) بسبب المعاملات الربوية لدى البنوك وبقيت آثار هذه الأزمة إلى الآن.
ولا شك أن جميع الأزمات والمشاكل الاقتصادية ومن أهمها مشكلة الفقر سوف تزول ببركات ظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وتطبيقه للسياسات الاقتصادية الناجحة.
كيف يستطيع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) القضاء على الفقر؟
يقوم الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بالقضاء على هذه الظاهرة المعقدة والمستشرية في جميع بقاع العالم بعد أن عجزت حكومات الدول عن حلها ضمن الاستراتيجيات التالية:
أولاً: تطبيق الأحكام الإسلامية.
ثانياً: تخلي البشر عن الذنوب بمساعدة الإمام (عجَّل الله فرجه).
ثالثاً: رزقان في الشهر وعطاءان في السنة.
رابعاً: تحريم ربح المؤمن على المؤمن.
خامساً: استيفاء الأموال وإرجاع كل حق إلى أهله.
سادساً: يقضي ديون الناس.
سابعاً: استعمال ذخائر الأغنياء.
هذه الاستراتيجيات تم استنباطها من النصوص الواردة في العقيدة المهدوية حيث قمنا بقراءتها من منظور اقتصادي وإداري وهي تمثل السياسات الاقتصادية التي يقوم الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بتطبيقها.
أولاً: تطبيق الأحكام الإسلامية:
تطبيق حكم السماء هو أمل الأنبياء والصالحين، وقد تمكَّن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) من تطبيق الأحكام الشريفة في المدينة المنورة فترة حكومته، وكذا أمير المؤمنين (عليه السلام)، والإمام الحسن (عليه السلام).
من النعم التي يحظى بها الإنسان في دولة القائم (عجَّل الله فرجه) أن مكَّنه الله تعالى من إيصال جميع الأحكام الشرعية إلى الناس والإشراف على تطبيقها في المجتمع، وتخبرنا النصوص الشريفة أن التطبيق للحكم الإلهي سيشمل جميع دول بل قرى العالم، فلا تبقى بقعة من الأرض إلّا يتم فيها نداء لا إله إلّا الله محمد رسول الله، علي ولي الله، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ﴾ (التوبة: ٣٣ - الصف: ٩).
وعن الإمام الباقر (عليه السلام): «... ولا تبقى أرض إلّا نودي فيها شهادة أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأن محمداً رسول الله وهو قوله: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ [آل عمران: ٨٣]...»(٢٨).
ومن جملة التطبيقات هي تطبيق الأحكام المالية التي تتعلق بالأموال وأهمها أداء الزكاة والخمس اللذين يشكلان مورداً مالياً هائلاً للدولة، ولابد للإمام (عجَّل الله فرجه) من تطبيق وتنفيذ ذلك بشدة حتى تستقيم العدالة في المال، حتى ورد أنه (عجَّل الله فرجه) يقتل مانع الزكاة، يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «دمان في الإسلام حلال لا يقضي فيهما أحد بحكم الله حتى يقوم قائمنا الزاني المحصن يرجمه ومانع الزكاة يضرب عنقه»(٢٩)، كل ذلك في سبيل القضاء على الفقر - التي هي مشكلة مصطنعة - وكذا تحقيق الرخاء المالي حيث يجد الإنسان الأثر الواضح للنعمة الإلهية بسبب بركات وجود الإمام (عجَّل الله فرجه).
إن تطبيق الإمام (عجَّل الله فرجه) للأحكام الإسلامية بما فيها الأحكام المتعلقة بالأموال لهي كفيلة بتحقيق الازدهار والنمو في اقتصاد الدولة المباركة.
ثانياً: تخلي البشر عن الذنوب بمساعدة الإمام (عجَّل الله فرجه):
يشير النص الوارد عن الإمام الباقر (عليه السلام) وحيث يقول: «إذا قام قائمنا وضع الله يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم»(٣٠)، إلى التكامل العقلي الذي يحصل عند البشر بسبب هداية الله تبارك وتعالى بتوسط الإمام (عجَّل الله فرجه) ولا شك أن هذا التكامل العقلي يدعو الإنسان إلى الإقلاع عن الذنوب والمعاصي التي هي سبب كل بلاء ونقمة وفقر.
على أن كل ذنب يذنبه الإنسان يُنقِص منه مقداراً من العقل، كما ورد النص في ذلك عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): «من قارف ذنباً فارقه عقل لا يرجع إليه أبداً»(٣١)، فهناك نقص مستمر سببه الذنوب الأمر الذي يجبره الإمام (عجَّل الله فرجه) للمؤمنين عند ظهوره، وقد أشرنا سابقاً إلى أن الذنوب سبب مهم من أسباب فقر الإنسان الأمر الذي لم تتنبه له الحضارة المادية الغارقة في الشهوات.
فإذا أقلع الإنسان عن الذنوب ببركات الوجود المقدس للحجة (عجَّل الله فرجه) فإن هذه المشكلة ستزول حتماً ويكون في زمن ظهوره تطبيق واضح لقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ﴾ (الأعراف: ٩٦).
ثالثاً: رزقان في الشهر وعطاءان في السنة:
من البرامج الناجحة التي سوف يستخدمها الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) لعلاج ظاهرة الحاجة والفاقة والفقر هو أن يقوم (عجَّل الله فرجه) بتأمين احتياج الناس، فيقوم بإعطاء الناس ما يسد جميع احتياجاتهم كل خمسة عشر يوماً، يعني مرتين في الشهر كما ويؤمن احتياج الناس من الأموال بإعطائهم عطاءً كل ستة أشهر، يعني مرتين في السنة.
هكذا ورد النص الشريف عن الإمام الباقر (عليه السلام): «... ويعطي الناس عطايا مرتين في السنة ويرزقهم في الشهر رزقين»(٣٢)، الأمر الذي يوفر سيولة نقدية في السوق، لذا فإن الاقتصاد سوف ينتعش وتكون عملية التسويق يسيرة وسهلة ويزيد في معدل دخل الفرد، وبالتأكيد فإن هذا العطاء يكفي في سد حاجات الناس المختلفة.
ويبدو أن هذا العطاء من الإمام (عجَّل الله فرجه) هو هبة منه للناس وليس في مقابل عمل يقومون به، فلا ينبغي أن نفهم أن هذا من الدخل الشهري كما أن النص لا ينفي وجود موارد مالية أخرى للناس كالقيام بالأعمال الحرة في ميدان الزراعة والتجارة والصناعة والتعليم أو الأعمال الحكومية الرسمية في دولته المباركة أو مصادر أخرى للرزق كالحيازة وغيرها، وإنما يتعرض النص إلى ما يتفضل به الإمام (عجَّل الله فرجه) من إعطائه الناس الأموال والأرزاق.
وفي وسع هذا النص إعطاء فهم لبرنامج اقتصادي للحكومات في زمن الغيبة الكبرى حيث يمكن أن تستمد من فعل الإمام (عجَّل الله فرجه)، هذا بأن تقوم بإعطاء حصص غذائية لمواطنيها مرتين في الشهر.
وأيضاً إعطاء منح وهبات مجانية - وليست قروضاً - كل ستة أشهر فإنها كفيلة بتحقيق التوازن الغذائي والمالي في المجتمع وسد احتياجاتهم المتعددة من خلال هذا البرنامج ويظهر من النص الشريف أنه (عجَّل الله فرجه) يعطي ذلك للفقراء والأغنياء على حد سواء، كما ويظهر من نصوص أخرى أنه (عجَّل الله فرجه) يأخذ من الأغنياء الكنوز التي كنزوها ليستخدمها في تطوير وتنمية اقتصاد الدولة، وسنذكر ذلك النص في بحث (استعمال ذخائر الأغنياء).
رابعاً: منع ربح المؤمن على المؤمن:
من الأحكام المهمة والسياسات المالية التي يقوم بها الإمام (عجَّل الله فرجه) هو إصداره الحكم بتحريم البيع على المؤمن بربح ففي زمنه (عجَّل الله فرجه) يقوم المؤمن ببيع السلع على مؤمن آخر بنفس قيمة السلعة وبدون ربح، وهذا بدوره سيساهم في سد حاجات الناس وسلعهم بسهولة، لأن أغلب المشاكل الاقتصادية ناتجة من التضخم وارتفاع الأسعار بحيث إن الفقير لا يتمكن من شراء ما يحتاج إليه بشكل طبيعي لسد فقره بسبب ارتفاع الأسعار، فكم من إجحاف وإجحاف في أسواقنا الحالية ناتجة من طمع وظلم الباعة، ولا يكاد القانون الوضعي يضع حلاً مناسباً أو جذرياً لهذه المشكلة في المجتمع.
الإمام (عجَّل الله فرجه) من خلال تطبيقه لهذا البرنامج الاقتصادي سوف يكوِّن عاملاً مهماً في معالجة ومكافحة الفقر.
ولننقل هنا النص الشريف الذي تحدث عن ذلك وهو ما رواه الشيخ الطوسي بسند عن علي بن سالم عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الخبر الذي روي أن من كان بالرهن أوثق منه بأخيه المؤمن، فأنا منه بريء، فقال: «ذاك إذا ظهر الحق وقام قائمنا أهل البيت (عليهم السلام)»، قلت: فالخبر الذي روي أن ربح المؤمن على المؤمن ربا ما هو؟ فقال: «ذاك إذا ظهر الحق وقام قائمنا أهل البيت (عليهم السلام)، فأمّا اليوم فلا بأس أن يبيع من الأخ المؤمن ويربح عليه»(٣٣).
خامساً: استيفاء الأموال وإرجاع كل حق إلى أهله:
من المهمات التي يقوم بها الإمام (عجَّل الله فرجه) هو إرجاع الحقوق إلى كل ذي حق - سيما إذا كانت حقوقاً مالية - ضمن برنامجه الواسع في تطبيق عدل السماء مطبقاً سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام) في حكمه عند استلام زمام أمور المسلمين حيث يقول: «... والله لو وجدته قد تزوج به النساء وملك به الإماء لرددته... فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق»(٣٤).
فمهما يسرف الإنسان العاصي في السرقات وغصب أموال الناس وتمرده في عدم أداء الزكاة والخمس، وغير ذلك من الحقوق، كل ذلك سوف يقوم الإمام (عجَّل الله فرجه) بإرجاعه إلى أهله ومستحقيه جاء في الرواية الشريفة: «إذا قام القائم حكم بالعدل وارتفع في أيامه الجور وأمنت به السبل وأخرجت الأرض بركاتها وردّ كل حق إلى أهله»(٣٥).
إن إرجاع أموال وحقوق الناس قد يكون سبباً مهماً في القضاء على الفقر، حيث يحدث إشباعاً في حاجات الإنسان فيزداد على أثر ذلك دخل الفرد والمجتمع وينمو اقتصاد الدولة المباركة.
وثمة نصوص شريفة تتحدث عن أن الإمام (عجَّل الله فرجه) يقوم بإرجاع وأخذ الأراضي من الناس لأنه هو صاحبها، إلّا ما كان في أيدي شيعته فلا يأخذها منهم، وإنما يأخذ منهم مقداراً من المال، ونكتفي هنا بنقل النص عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «وجدنا في كتاب علي (عليه السلام) ﴿إِنَّ الأَرْضَ للهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف: ١٢٨] أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الله الأرض، ونحن المتقون، والأرض كلها لنا، فمن أحيا أرضاً من المسلمين فليعمرها وليؤدِّ خراجها من الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها حتى يظهر القائم من أهل بيتي بالسيف فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها كما حواها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ومنعها، إلّا ما كان في أيدي شيعتنا فإنه يقاطعهم على ما في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم»(٣٦).
سادساً: يقضي ديون الناس:
من السياسات الاقتصادية العامة التي يقوم الإمام (عجَّل الله فرجه) بتطبيقها هو أن يقوم بقضاء الديون عن المديونين وأدائها إلى مستحقيها، ورد في النص الشريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «... فلا يترك عبداً مسلماً إلّا اشتراه وأعتقه ولا غارماً إلّا قضى دينه»(٣٧).
تعد مسألة الديون من أهم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في حياتنا اليومية، فلا يكاد مؤمن يخلو من الدين كما وأن معظم الدول المعاصرة هي مديونة للدول الكبرى عن طريق ما يسمى بصندوق النقد الدولي، فهو يعطي قروضاً ولكن بفوائد ربوية، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تقوم بإملاء شروط معينة سياسية أو غيرها على الجهة التي تطلب القروض.
وعلى أي حال تشكل مسألة الدين عاملاً مهماً من عوامل انهيار الدول اقتصادياً كما وتشكل تحدياً كبيراً على مستوى الفرد أيضاً في مجاله الاجتماعي والنفسي وهو سبب مهم من أسباب الهم والقلق.
سابعاً: استعمال ذخائر الأغنياء:
رغم أن الأرض تخرج بركاتها للإمام (عجَّل الله فرجه) فإنه يقوم بإرجاع التوازن المالي في المجتمع بأخذ الكنوز التي يكنزها الأغنياء، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ﴾ (التوبة: ٣٤)، وقال تعالى: ﴿كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِياءِ مِنْكُمْ﴾ (الحشر: ٧).
ويظهر من الرواية الشريفة أن ذلك يكون في بداية نهضته المباركة وليس بعد استقرار الدولة، فعن معاذ بن كثير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «موسع على شيعتنا أن ينفقوا مما أيديهم بالمعروف فإذا قام قائمنا حرم على كل ذي كنز كنزه، حتى يأتيه به فيستعين به على عدوه وهو قول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ﴾ [التوبة: ٣٤]»(٣٨).
ومن هنا نفهم أن ظاهرة كنز الأموال وحبسها سوف تختفي بسبب التنفيذ العادل لأحكام الإسلام من قبل الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه).
وبهذا ننهي الكلام عن الخصيصة الأولى من خصائص الازدهار الاقتصادي في الدولة المهدوية والتي كانت حول كيفية القضاء على الفقر ونبدأ الحديث عن الخصيصة الثانية وهي العمران في زمنه (عجَّل الله فرجه).
المبحث الثاني: العمران:
يعد الاهتمام بعمران البلاد من أبرز الظواهر في اقتصاد الدولة المهدوية فيقوم الإمام (عجَّل الله فرجه) بنهضة عمرانية واسعة وشاملة لجميع بقاع الأرض.
ونقتصر هنا على ذكر بعض جوانب هذه النهضة المباركة.
١ - تطوير شبكة الطرق والمواصلات:
ورد في النص عن الإمام الباقر (عليه السلام): «إذا قام القائم (عليه السلام) سار إلى الكوفة فهدم بها أربعة مساجد فلم يبق مسجد على وجه الأرض له شُرف إلّا هدمها وجعلها جماء ووسع الطريق الأعظم وكسر كل جناح خارج في الطريق وأبطل الكنف والمآزيب إلى الطرقات...»(٣٩).
ونفهم من النص أن الطريق الأعظم من الطرق الرئيسية والمعروفة في ذلك الزمان.
وتنص إحدى الروايات أن الإمام (عجَّل الله فرجه) يوسع هذا الطريق فيصبح عرضه ستين ذراعاً، وهي أمارة على السعة الكبيرة خصوصاً مع ملاحظة حكم الطرق في ذلك الزمان، فعن أبي جعفر (عليه السلام): «... ويوسع الطريق الأعظم فيصير ستين ذراعاً...»(٤٠).
٢ - كسر الأجنحة الخارجة في الطريق:
وهناك عمل آخر يأمر به الإمام (عجَّل الله فرجه) وهو إزالة الأبنية من الجدران الخارجة من الطريق والتي هي تضيق فضاء الطريق وتسبب أذى للمارة.
إن الإمام القائم (عجَّل الله فرجه) هو إمام الإنسانية ويريد للناس العيش براحة وطمأنينة وسعادة وسلامة، فيعمد على إزالة هذه الأجنحة(٤١) للحفاظ على سلامة المارة، وأيضاً لكي يحافظ على سلامة البيوت والسكان، فكم من حوادث ربما يكون سببها مركبات السير نتيجة الاصطدام بالبيوت بسبب هذه الأجنحة.
أمّا فتوى الفقهاء بجواز إخراج الأجنحة فهذا لا يتعارض مع الخبر المتقدم لأن الفقهاء قيَّدوا ذلك بعدم الضرر، وفي زمان الإمام (عجَّل الله فرجه) نحتمل أن تكون هذه الأجنحة مضرة بالطريق، هذا فضلاً عن أن الإمام (عجَّل الله فرجه) له الولاية المطلقة على الناس في دولته الواسعة المباركة.
يقول صاحب الوسائل تعليقاً على الخبر المتقدم: (وذكر جماعة من علمائنا منهم العلامة والشهيد الثاني أنه لا بأس بإخراج الرواشن(٤٢) والأجنحة إلى الطرق النافذة إذا كانت لا تضر بالطريق لاتفاق الناس عليه في جميع الأعصار والأمصار من غير نكير وسقيفة بني ساعدة وبني النجار أشهر من الشمس في رابعة النهار وقد كانتا بالمدينة في زمن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم))(٤٣).
٣ - إبطال الكنف والمآزيب:
في الرواية السابقة أن الإمام (عجَّل الله فرجه) يبطل الكنف والمآزيب إلى الطرقات.
والكنف: جمع كنيف وهو أن أهل العراق كانوا يسمون ما أشرعوا أعالي دورهم كنيفاً(٤٤).
أمّا المآزيب: فهي مجاري المياه من السطح، فهذه من الأمور التي قد تسبب أذى للناس فضلاً عن أنها قد تكون ظاهرة غير حضارية لا تنسجم مع الطراز المعماري لعاصمة الدولة العالمية.
والإمام (عجَّل الله فرجه) سوف يزيل هذه الكنف والمآزيب سواء كان ذلك في الطريق الأعظم أم غيره من الطرق التي يحتاجها الناس.
٤ - تعمير جميع الخراب الذي يكون على الأرض:
عن محمد بن مسلم الثقفي، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام): «القائم منا منصور بالرعب... ويظهر الله (عزَّ وجلَّ) دينه على الدين كله ولو كره المشركون، فلا يبقى في الأرض خراب إلّا قد عُمّر...»(٤٥).
وهذا المقطع من الرواية «فلا يبقى في الأرض خراب إلّا قد عُمّر» يدل على أن آخر الزمان وقبل ظهور الإمام (عجَّل الله فرجه).
ففي النصوص الشريفة أن ثلث العالم يموت بالموت الأحمر وثلثاً آخر يموت بسبب الموت الأبيض وهو الطاعون.
فعن سليمان بن خالد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قدّام القائم موتتان: موت أحمر وموت أبيض، حتى يذهب من كل سبعة خمسة، الموت الأحمر السيف، والموت الأبيض الطاعون»(٤٦).
وعن محمد بن مسلم وأبي بصير قالا: سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلثا الناس»، فقلنا: إذا ذهب ثلثا الناس فمن يبقى؟ فقال: «أما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي»؟(٤٧).
وعن ابن حماد بسند عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا يخرج المهدي حتى يقتل ثلث ويموت ثلث ويبقى ثلث»(٤٨).
إذا عرفنا حجم الخراب الذي يحصل في الأرض يتبين لنا أهمية وضرورة الإعمار الذي يقوم به الإمام (عجَّل الله فرجه) ولا يقتصر ذلك على منطقة جغرافية محددة، بل هو إعمار واسع يشمل جميع مناطق الدولة العالمية وهو معنى قول الإمام الباقر (عليه السلام): «فلا يبقى في الأرض خراب إلّا قد عُمّر» وجاء حرف التحقيق هنا (قد) لغرض التأكيد على ذلك فضلاً عن أسلوب الحصر الذي جاءت به العبارة الشريفة.
ونحن قد أمرنا في زمن الغيبة بالدعاء للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في توفيقه وتسديده لعمران البلاد حيث جاء في دعاء العهد المروي عن الإمام الصادق (عليه السلام): «واعمر اللهم به بلادك»(٤٩).
وهذه الفقرة من الدعاء تقوّي العلاقة النفسية بين الداعي وبين الإمام (عجَّل الله فرجه) حيث يستشعر المؤمن بالمشاركة في التمهيد لهذا العمران العظيم، ولو كان ذلك التمهيد من خلال الدعاء وعن طريق الطلب من الله تعالى بتهيئة الأسباب للظهور الشريف لمولانا الحجة (عجَّل الله فرجه) لكي يقوم بتعمير الأرض.
ولعل نسبة البلاد إلى الله تعالى فيه تعظيم وتبجيل لشأن الأرض الذي يقوم إمامنا (عجَّل الله فرجه) بأحيائها وتعميرها.
المبحث الثالث: إخراج البركات الإلهية:
ورد في النصوص الشريفة أن البركات الإلهية والنعم الربانية سيعطيها الله تعالى للإنسان ببركة دولة الإمام القائم (عجَّل الله فرجه) وإذا نظرنا إلى هذه النصوص نلاحظ أن هناك بركات متعددة يتم إخراجها إلى الناس منها الأمطار والنبات والكنوز والمعادن وازدهار الثروة الحيوانية وغيرها.
١ - الأمطار:
إن وجود شحة في الأمطار وقلة المياه وجفاف الأنهار لا ينافي ما ورد في جملة من علامات الظهور ووجود فيضان في نهر الفرات حتى أن مياهه تدخل في طرق الكوفة، فعن أبي عبد الله (عليه السلام): «سنة الفتح ينبثق الفرات حتى يدخل في أزقة الكوفة»(٥٠)، إذ إن هذا الفيضان هو حدث وعلامة خاصة غير مستمرة بخلاف الجفاف ونقص الموارد المائية فإنها حالة عامة قبل الظهور الشريف.
أمّا قبل الظهور بسنة فتحدث زيادة غير طبيعية في الموارد المائية بسبب الأمطار الغزيرة المباركة حيث تصف الرواية سنة الظهور بأنها سنة غيداقة نظراً لكثرة الأمطار، ويمكن اعتبار ذلك علامة من علامات ظهوره (عجَّل الله فرجه) فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن قدام القائم لسنة غيداقة يفسد التمر في النخل فلا تشكوا في ذلك»(٥١).
وتصف بعض النصوص أن هناك أربعاً وعشرين مطرة وهي أيضاً من علامات الظهور، فعن سعيد بن جبير، قال: «إن السنة التي يقوم فيها المهدي (عليه السلام) تمطر الأرض أربعاً وعشرين مطرة ترى آثارها وبركاتها»(٥٢).
وتزداد الأمطار في دولة القائم (عجَّل الله فرجه) وتزدهر الزراعة ويعم الرخاء ويزول الفقر كما تشير نصوص كثيرة إلى ذلك، منها عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): «... يملأ الأرض قسطاً وعدلاً وتنبت الأرض نباتها وتمطر السماء مطرها وتنعم أُمتي في ولايته نعمة لم ينعموا مثلها»(٥٣).
وأيضاً عنه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال: «يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ولا تدع السماء قطرها شيئاً إلّا صبته ولا الأرض من نباتها إلّا أخرجته حتى تتمنى الأحياء الأموات»(٥٤).
وفي رواية: «... تعطي الأرض زكاتها والسماء بركتها»(٥٥).
وعن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): «إذا ظهر المهدي في أمتي أخرجت الأرض زهرتها وأمطرت السماء مطرها»(٥٦).
٢ - النبات:
تشكل الزراعة مورداً هاماً من الموارد الاقتصادية ويمكن اعتبارها عموداً فقرياً لاقتصاد الدول.
والزراعة في دولة القائم (عجَّل الله فرجه) تكون مزدهرة بسبب نشاط الناس في العمل والسبب الأهم هو التدخل الإلهي وبركات وجود الإمام (عجَّل الله فرجه) فينبت النبات وتنمو المحاصيل الزراعية، وقد تقدم في النصوص السابقة بعض الفقرات الدالة على ذلك ونذكرها هنا اختصاراً:
«... وتنبت الأرض نباتها...»(٥٧)، «... ولا الأرض من نباتها شيئاً إلّا أخرجته...»(٥٨)، «... تعطي الأرض زكاتها...»(٥٩)، «... أخرجت الأرض زهرتها...»(٦٠)، «... وتخرج الأرض نباتها...»(٦١).
٣ - الكنوز:
الكنوز هي الموارد الثمينة الموجودة في باطن الأرض من ذهب ومعادن وغيرها وسوف يخرجها الله تعالى إلى الإمام القائم (عجَّل الله فرجه)، وهذه الكنوز تشكل عاملاً مهماً من عوامل الازدهار الاقتصادي في الدولة المباركة، ونكتفي هنا بالإشارة إلى بعض النصوص.
عن أبي عبد الله (عليه السلام): «إن قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربها واستغنى العباد عن ضوء الشمس، وذهبت الظلمة، ويعمر الرجل في ملكه حتى يولد له ألف ذكر لا تولد فيهم أنثى، وتظهر الأرض كنوزها حتى تراها الناس على وجهها، ويطلب الرجل منكم من يصله بماله ويأخذ من زكاته لا يوجد أحد يقبل منه ذلك، استغنى الناس بما رزقهم الله من فضله»(٦٢).
وعن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) يقول: «القائم منا منصور بالرعب مؤيد بالنصر تطوى له الأرض وتظهر له الكنوز...»(٦٣).
وعن الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام): «... يسهل الله له كل عسير ويذلل له كل صعب ويظهر له كنوز الأرض...»(٦٤).
المبحث الرابع: التوزيع العادل للثروة:
مبدأ العدالة من المبادئ المهمة التي يسرع الإمام (عجَّل الله فرجه) بتطبيقها في طريقه لحل مشكلة الفقر والحرمان، ويقول الإمام الكاظم (عليه السلام): «... لو عدل الناس لاستغنوا...»(٦٥).
ويقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «بالعدل تتضاعف البركات»(٦٦)، وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «... ما أوسع العدل» ثم قال: «يستغنون إذا عدل فيهم وتنزل السماء رزقها وتخرج الأرض بركتها بإذن الله»(٦٧).
من البرامج العملية المهمة التي يقوم بها الإمام (عجَّل الله فرجه) بتنفيذها لغرض تحقيق العدالة الاقتصادية هو قيامه بتقسيم الأموال والثروات بالتساوي بين الناس وليس بالتفاوت، لأن التفاوت قد يخلق البغضاء والشحناء بين أفراد المجتمع.
ورد في الرواية عن الإمام الباقر (عليه السلام): «... إذا قام قائم أهل البيت قسم بالسوية، وعدل في الرعية، فمن أطاعه فقد أطاع الله...»(٦٨).
وعن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): «أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلزال يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يقسم المال صحاحاً»، فقال رجل: ما صحاحاً؟ قال: «بالسيوية بين الناس...»(٦٩).
سؤال وجواب:
ورد في النص الشريف أن الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) يلبس لباساً غليظاً ويأكل الطعام الجشب(٧٠)، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): «... فوالله ما لباسه إلّا الغليظ، وما طعامه إلّا الجشب...»(٧١).
السؤال:
لماذا يمارس الإمام (عجَّل الله فرجه) هذا اللون من الزهد في الملبس والمأكل مع أن كل الأمور متاحة له من رفاهية وترف ونعومة عيش وعنده كنوز الأرض وبركات السماء؟
الجواب:
لأن مقام الإمامة يقتضي ذلك وهو المعهود من آبائه (عليهم السلام).
نتائج البحث:
يحتل البحث في الجانب الاقتصادي - لغرض رسم معالم الدولة المهدوية - مساحة واسعة ومهمة، وما ينتهي إلى نتائج من تطوير ونمو اقتصاد الفرد والمجتمع وبمكن الخروج بالنتائج التالية:
١ - تم الوقوف على الأسباب المهمة للفقر والتخلف الاقتصادي وإعطاء الحلول والمعالجات المناسبة لمشكلة الفقر.
٢ - إبراز الاستراتيجيات التي يقوم بها الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) للقضاء على الفقر، وبالتالي تطوير اقتصاد الدولة وازدهارها.
٣ - إن التطور والازدهار الاقتصادي يشمل جميع مناطق العالم بلا استثناء حتى القرى الصغيرة، وهذا أمر قد لا يعهد حدوثه في أي زمن من أزمان الغيبة الكبرى.
٤ - يبلغ الازدهار الاقتصادي أوجّه في الدولة العالمية المباركة، فهناك سعة ونوعية في النمو والتطور الاقتصادي لا يكاد العقل المعاصر يحيط به.
الهوامش:
(١) مجمع البحرين: ٣/٤٤١؛ تاج العروس: ٧/٣٥٤.
(٢) جواهر الكلام: ١٥/٣١١.
(٣) كتاب الطهارة: ٢/٥٠٤.
(٤) اقتصاد الفقر وتوزيع الدخل: ١٥.
(٥) اقتصاد الفقر وتوزيع الدخل: ١٥.
(٦) المقنعة: ٣٢١.
(٧) مصباح المتهجد: ١٤٦.
(٨) مصباح المتهجد: ١٤٥، وورد عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): «... والذنوب التي تدفع القسم إظهار الافتقار والنوم عن صلاة العتمة وصلاة الغداة واستحقار النعم وشكوى المعبود والزنا...» [راجع الوافي ٩/١٦٦٨].
(٩) شرح أصول الكافي: ٩/٤١٤.
(١٠) بحار الأنوار: ٧١/٢٠٨.
(١١) شرح أصول الكافي: ٩/٤١٤.
(١٢) شرح أصول الكافي: ٩/٤١٧.
(١٣) الكافي: ٢/٤٤٨.
(١٤) الوافي: ٥/١٠٤٠، وقال صاحب كتاب الوافي بعد نقله للحديث: (بيان: خفر الذمة نقضها والأدلة لأهل الشرك من أهل الإيمان نصرة أهل الشرك وجعل الدولة لهم على أهل الإيمان).
(١٥) مجمع الزوائد: ٥/١٩٦.
(١٦) الوافي: ٢٦/١٧٨.
(١٧) وسائل الشيعة: ٢٠/٣١٠.
(١٨) الوافي: ١٥/٢١٣.
(١٩) الكافي: ٣/٥٠٥.
(٢٠) الكافي: ٣/٥٠٥.
(٢١) الكافي: ٣/٥٠٣.
(٢٢) أشار صاحب كتاب الحدائق الناظرة إلى الخلاف الفقهي في مسألة حكم الخمس في زمن غيبة الإمام القائم (عجَّل الله فرجه) وأوصل الأقوال إلى أربع عشر قولاً. [راجع الحدائق الناظرة: ج١٢، ص٤٣٧-٤٤٤]
(٢٣) الوافي: ١٠/٣٣٤ - ٣٣٥.
(٢٤) وسائل الشيعة: ١٨/١٣.
(٢٥) وسائل الشيعة: ١٨/١١٩.
(٢٦) وسائل الشيعة: ١٨/١١٩.
(٢٧) تفسير الميزان: ٢/١٨٠ - ١٨١.
(٢٨) معجم أحاديث الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه): ٥/٢٩.
(٢٩) معجم أحاديث الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه): ٤/٦٩.
(٣٠) الكافي: ١/٢٥.
(٣١) ميزان الحكمة: ٢/٩٨٧.
(٣٢) بحار الأنوار: ٥٢/٣٩٠.
(٣٣) تهذيب الأحكام: ٧/١٧٨.
(٣٤) نهج البلاغة: ج١، ص٤٦.
(٣٥) الإرشاد: ٢/٣٨٢.
(٣٦) الكافي: ١/٤٠٧.
(٣٧) تفسير العياشي: ١/٦٤.
(٣٨) الكافي: ٤/٦١.
(٣٩) الإرشاد: ٢/٣٨٥.
(٤٠) الغيبة للشيخ الطوسي: ٤٧٥.
(٤١) الجناح: ما يبنى فوق الطريق من شرفات يستفاد منها كبيوت سكنى. [تخطيط المدن في الإسلام: ١٢٣].
(٤٢) الرواشن: جمع روشن وهي أن تخرج أخشاباً إلى الدرب ويبنى عليها ويجعل عليها قوائم من أسفل. [مجمع البحرين: ٦/٢٥٥].
(٤٣) وسائل الشيعة: ٢٥/٤٣٦.
(٤٤) هامش الأنوار البهية: ٣٨٣.
(٤٥) كمال الدين وتمام النعمة: ٣٣١.
(٤٦) كمال الدين وتمام النعمة: ٦٥٥.
(٤٧) الغيبة للشيخ الطوسي: ٣٣٩.
(٤٨) معجم أحاديث الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه): ٣/٢١.
(٤٩) المزار ابن المشهدي: ٦٦٥.
(٥٠) معجم أحاديث الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه): ٣/٤٨٧.
(٥١) الغيبة للشيخ الطوسي: ٤٤٩.
(٥٢) الإرشاد: ٢/٣٧٣.
(٥٣) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن (الملاحم والفتن): ٣٢٤.
(٥٤) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن (الملاحم والفتن): ١٤٦.
(٥٥) الفتن: ٢٢١.
(٥٦) شرح إحقاق الحق: ١٩/٦٧٧.
(٥٧) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن (الملاحم والفتن): ٣٢٣.
(٥٨) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن (الملاحم والفتن): ١٤٦.
(٥٩) الفتن: ٢٢١.
(٦٠) شرح إحقاق الحق: ١٩/٦٧٧.
(٦١) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن (الملاحم والفتن): ٢٧٥.
(٦٢) بحار الأنوار: ٥٢/٣٢٧.
(٦٣) كمال الدين وتمام النعمة: ٣٣١.
(٦٤) كمال الدين وتمام النعمة: ٣٦٩.
(٦٥) الكافي: ١/٥٤٢.
(٦٦) مستدرك الوسائل: ١١/٣٢٠.
(٦٧) روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه: ٣/١٥٤.
(٦٨) الغيبة للشيخ النعماني: ٢٤٣.
(٦٩) بحار الأنوار: ٥١/٩٢.
(٧٠) الجشب بمعنى الغليظ الخشن.
(٧١) الغيبة للشيخ النعماني: ٢٣٩.