شيعة عمان تستحق أن يقتدى بها
شيعة عمان تستحق أن يقتدى بها
تحقيق: الاستاذ محمد سعد
عُمان جعفرافياً:
تقع عمان على بحر العرب وخليج عمان، في الزاوية الجنوبية الشرقية لجزيرة العرب, وهي سلطنة في نظام الحكم من الجهة السياسية.
الوضع الديموغرافي/ الديني لعمان:
يعد المجتمع العُماني اكثر المجتمعات العربية تنوعا لغوياً وإثنيّاً.....ودينيا مذهبيا، ولا يوجد اجماع على نسبة اتباع كل إثنية.... او مذهب في عمان، فبينما يعتقد على نحو واسع انّ الأباضييّن يشكّلون اكثر من نصف السكان، يشير (جون بيترسون)، احد ابرز الباحثين الغربيين في الشؤون العُمانية، في بحثه الذي نشره في دورية (ميدل ايست جورنال) (شتاء 2004)، بعنوان "المجتمع المتنوع في عُمان" إلى أنّ الشيعة يؤلّفون هم والعُمانيون من الهندوس معاً أقلية بعد أصحاب المذهب الاباضي واهل السنة.
الوجود الشيعي في عُمان:
تقدر بعض المصادر عدد اتباع الشيعة الامامية بنحو (100ــ 201) الفٍ حسب اختلاف المصادر من اجمالي عدد السكان، الذي يبلغ مليونين و 330 الف نسمة، منهم مليون و 800 مواطن عُماني (حسب احصاء عام 2003).
والوجود الشيعي الامامي (الاثنا عشري) في عُمان، ذو تاريخ طويل, الا انه لم يحظ باهتمام المؤرخين, واهمل تاريخهم في هذا البلد ويجب الاعتراف ان الشيعة العمانيين استطاعوا ان يندمجوا في المجتمع العماني، وذلك لأن المجتمع العُماني يميل الى التسامح عامة، والتسامح الديني والمذهبي خاصة، والدولة هناك بشكل عام تحترم مبدأ حرية ممارسة الشعائر الدينية، ويتمتع المجتمع الشيعي بعُمان بحرية تمكنهُ من المحافظة على تمايزه الديني.. فللشيعة العُمانيين مساجدهم ومؤسساتهم الخيرية وادارة خاصة بالأوقات الجعفرية.
التوزيع الجغرافي للشيعة على خارطة عُمان :
ينقسم الشيعة في عمان إلى ثلاث جماعات كبيرة يمكن تناولها كالاتي:
1- الشيعة اللواتية:
تتسم هذه الجماعة بتعدادها الكبير، وهم من أثرى طبقات المجتمع العماني، ويتولون كثيرًا من المناصب الحكومية، كما أن كبار التجار من اللواتية أيضًا، وهناك روايات عديدة حول أصلهم ونسبهم فيرى البعض أنهم عمانيون نزحوا إلى الهند على إثر صدامهم مع سائر المذاهب الأخرى وبعد أن أقاموا فترة طويلة في الهند عادوا إلى عمان مرة ثانية، بينما يرى فريق آخر، أن أجداد هذه الجماعة قد جاءوا إلى مسقط تجاراً من الهند وسكنوا في هذه المدينة. ويرجع البعض أصل ونسب اللواتية في عمان إلى هجرة الشيعة من حيدر آباد بالهند مع سائر الهنود الآخرين وقد كون هؤلاء الشيعة فيما بينهم مجتمعًا خاصًا بهم, وأنشأوا قلعة في منطقة مطرح.
ونظرًا لأن الخوجيين كانوا ملمين باللغة الانكليزية ومبادئ التجارة الحديثة فقد أحرزوا تقدمًا سريعًا وسيطروا على جزء مهم من أسواق مسقط وعمان. كذلك أيضًا شق عدد منهم طريقه لتولي أعمال إدارية في بلاط السلطنة.
ومن الواضح أن الوضع المالي الذي تتميز به هذه الجماعة هو الذي هيأ لها هذه الإمكانية، ونتيجة لترددهم على الهند وزيارتهم للعتبات المقدسة في العراق وإيران، فقد اتسعت مداركهم ووقفوا على قضايا العالم والأوضاع الراهنة، وتكونت منهم طبقة مثقفة فاعلة.
2- الشيعة البحرينيون:
على مدى التاريخ تعرض الكثير من المناطق لظلم وجور السلاطين والحكام وخاصة الخلفاء العباسيين، الأمر الذي أدى إلى اضطرار الشيعة في منطقة الخليج إلى الهجرة من المناطق الشمالية إلى المناطق الجنوبية منه.
وقد تمت هذه الهجرة في الغالب من مناطق البحرين والإحساء والقطيف وخوزستان والبصرة، وانتشر الشيعة في مناطق بعيدة عن ظلم الحكام، ومن المؤكد أن الشيعة قد فطنوا إلى اختيار المناطق الساحلية بحيث لا تصل إليهم أيدي الظالمين، ويستطعيون في الوقت نفسه تدبير شئون حياتهم عن طريق التجارة البحرية وصيد الأسماك والزراعة.
ومن أهم الأماكن التي استوعبت عددًا كبيرًا من هؤلاء المهاجرين سواحل قطر والإمارات وسواحل الباطنة في عمان، ومع أن البحرينيّين يمثلون أقل الجماعات الشيعية في عمان، ولكنهم نظرًا لشهرة تجارتهم فانهم يتمتعون بمكانة طيبة مثل الشيعة اللواتية. وقد جاء في كتاب "تاريخ عمان"، أن أول سفير لعمان في الولايات المتحدة كان من الشيعة البحرينيين.
3- الشيعة العجم:
وهم مجموعة من الشيعة ترجع جذورهم إلى أصول إيرانية. ومن المؤكد أن قرب السواحل الإيرانية والعمانية قد سهل الهجرة المتبادلة إلى كلا البلدين. والعجم الذين يعيشون في منطقة عمان وسواحل الخليج الجنوبية هم أهل حضارة وثقافات عدة، ومعظم هؤلاء الشيعة في عمان هم من مناطق اللور وبندر عباس وبعضهم من منطقة البلوش، ويعيشون في عمان في مناطق مسقط عاصمة البلاد، ومطرح وضواحيها، وفي مناطق الباطنة، وقليل منهم يعيش في مسندم, ومدينة صور الساحلية. ولهم مساجدهم الخاصة بهم ومؤسسات خيرية وإدارة أوقافهم الجعفرية، وقد أصبحوا الآن أحد أهم قبائل الشيعة في عمان ومنهم مسؤولون يتولون المناصب الحكومية.
معالم نشاط الشيعة في عُمان:
يمكن القول أن الشيعة في عمان مثقفون حريصون على المشاركة في كافة شئون المجتمع, هناك عدد لا بأس به من الشباب منهم سافر إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وكثير من الدول الأوروبية لاستكمال دراستهم, يمارس الشيعة العُمانيون نشاطاتهم الدينية، ولهم مسجد هناك باسم،"مسجد الرسول الأعظم" والذي يوجد داخل سور اللواتيه في مطرح، والمطل على الساحل، ويعد المسجد الرئيس للشيعة في عمان، وتستخدمه كل الجماعات الشيعية ويستقبل الخطباء والعلماء الشيعة من الدول الأخرى, وأن مساجد الشيعة في عمان مفتوحة لكل المذاهب هناك.
الوضع الاقتصادي لشيعة عُمان:
على الرغم من قلة عدد الشيعة في عمان إلا أنهم يأتون على رأس الهرم الاقتصادي في هذه البلاد، فكثير منهم يمتلك مشروعات صناعية وتجارية واقتصادية كبيرة، ويساهم الشيعة في كثير من المشروعات القومية العملاقة، ويعد اختيار وزير التجارة والصناعة من بين الشيعة دليلاً على أهمية دورهم في اقتصاد البلاد.
ويعد الشيعة إحدى القوى الفاعلة والمؤثرة في المجتمع العماني، ويتمتع زعماء المجتمع الشيعي بنفوذ كبير في سوق العمل والاقتصاد والصناعة. وبعد وفاة السلطان سعيد ظهر نوع من الحرية المحدودة، وأصبح مسموحًا إلى حد ما للشعب بأن يحتك بالتطورات التي طرأت على الساحة الدولية. وأصبحت عمان تمتلك بنية تحتية حديثة.
شخصيات سياسية عمانية شيعية:
ان للشيعة في عمان وجود سياسي واسع ملحوظ, ومن الشخصيات العمانية الشيعية:
* احمد بن مكي، وهو من الشيعة البحارنة وعمل وزيراً للخدمة المدنية، ووزيراً للمالية، وشغل منصب وزير الاقتصاد الوطني وكان اول سفير لعمان لدى الولايات المتحدة الأمريكية، وعمل ايضاً سفيراً لبلاده لدى فرنسا.
* مقبول بن على بن سلطان: من اللواتية، وشغل منصب وزير التجارة والصناعة.
* لجينة بنت محمد حيدر درويش: العضو في مجلس الشورى عن ولاية مسقط والتي اختارها مجلس" فوربس" عام 2006 ضمن قائمة اكثر 100 امرأة أكثر تأثيراً في العالم.
* محمد بن موسى اليوسف: وزير دولة لشؤون التنمية عام 1994.
* راجحة بنت عبد الأمير: أول امرأة عمانية عينت في منصب وكيل وزارة لشؤون التخطيط في مجلس التنمية، وشغلت منصب وزير السياحة.
* خديجة بنت محسن اللواتي: أول امرأة شغلت منصب سفير، وهي سفيرة بلادها لدى هولندا.
وفي الختام يمكن القول أن الشيعة في عمان مثقفون حريصون على المشاركة في شؤون المجتمع العماني كافة, وقد احرزوا تقدماً سريعاً وأخذوا مكانهم في سوق التجارة وفي السياسة العمانية, وانهم يتمتعون بمكانة طيبة وتسود علاقة الود والإخاء بينهم وبين باقي العمانيين, إنهم أقلية يقتدى بها حقاً.