الفهرس
لتصفح الصحيفة بـ Flsh
لتحميل الصحيفة كـ Pdf
المسار
صدى المهدي » العدد: ١١ / ربيع الثاني / ١٤٣١ هـ
مواضيع العدد
العدد: 11 / ربيع الثاني / 1431 هـ

نافذة الدعاء المهدوي

نافذة الدعاء المهدوي

الحلقة الرابعة

بقلم: الدكتور محمود البستاني

((اللهم لا تمتني ميتة جاهلية ولا تزغ قلبي بعد اذ هديتني))

نتابع حديثنا عن الدعاء الذي يقرأ في عصر الإمام الغائب عليه السلام وكنا قد تحدثنا عن المقطع الاستهلالي من (اللهم عرفني نفسك.. واستمراراً حتى مقطع إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني) والآن نتحدث عن المقطعين الثاني والثالث: (اللهم لا تمتني ميتة جاهلية، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني).

إن هذا المقطع الذي يبدأ بقوله عليه السلام (اللهم لا تمتني ميتة جاهلية) قد تحدثنا عنه حيث يرتبط بالعبارة السابقة عليه (إنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني)...

ومن البيّن أن الصلة والرابطة بين العبارة المتخوفة من الإضلال في حالة ما إذا لم يعرّف الله تعالى العبد بحجته، وبين العبارة المتخوفة من الميتة الجاهلية تظل من الوضوح بمكان كبير، حيث قلنا إن النصوص الشرعية طالما أكدت بأن العبد إذا لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.

ولا أحسب أن أحدنا ينكر ولو من الزاوية العقلية أهمية هذه المقولة، أي: مقولة (من مات ولم يعرف إمام زمانه)، حيث إن لكل عصر لابد من قائد يرجع البشر إليه بشرط أن يكون معصوماً مهدياً من الله عز وجل بحيث يستظل به أو يستفيض من شعاع بركته المجتهدون وبحيث يستضيء بشعاعه البشر كما وردت التوصية الشرعية بذلك، حيث سئل المعصوم عليه السلام عن كيفية الإفادة من إمام العصر الغائب عليه السلام فأجاب بأنه الشمس، حيث يضيء بأشعته الوجوه...

على أية حال إذا كان الأمر كذلك فإن الميتة الجاهلية تتحقق في حالة ما إذا جهل المؤمنون إمام العصر عليه السلام.

وطبيعي أنه قد مرت أجيال، منها أجيال ما يسمى بالفترة التي تقطع فيها وجود المرسل من الله تعالى مثل أخريات العصر الذي سبق الإسلام، ولكن حتى في هذا الزمن فإن حنيفية إبراهيم عليه السلام كانت تفرض وجودها على الشخصيات الواعية، والمهم في هذا الذي هو العصر الإسلامي الذي ختمت به النبوة، وجعلت الخلافة للأئمة عليهم السلام بتوصية من الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وبتبليغ رسوله رسالة الله تعالى المذكورة في مناسبات شتى منذ بدء الرسالة التي أمر فيها صلى الله عليه وآله وسلم أن يجمع عشيرته الأقربين إلى آخر أيام حياته صلى الله عليه وآله وسلم حيث نزل الوحي بأنه (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ...) فإن الأهمية التي خلعها الله تعالى على رسالة الإسلام بحيث جعلها خاتمة رسالاته تفسر لنا استمرارية هذه الرسالة إلى يوم يبعثون، وإن الأجيال بمختلف قدمها وحداثتها ما دامت في ختام عدد الأئمة عليهم السلام تجسد إمام العصر عليه السلام واستمراريته، إلى الظهور وهذا يفسر معنى تولي المعصوم عليه السلام وهذا: (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) بصفة أن الجاهلية لم تشهد رسالة الإسلام واستمراريته.

وهذا أيضاً يقتادنا إلى معرفة الشطر الآخر أو العبارة الأخرى من المقطع وهي (ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني) حيث إن قارئ الدعاء سوف يدرك بسهولة أنه مادام قد اهتدى إلى إمام العصر عليه السلام وهو المهدي عليه السلام فقد شمله التوفيق ولم يكُ جاهلاً.

إلا أن التخوف كل التخوف هو إمكانية أن يضل الإنسان من بعد هدايته فيشك بإمام العصر عليه السلام أو برسالته أو بمجموع ما يرتبط بالظهور...، حيث وردت أخبار تحذر من الضلال بعد الهداية، حيث تشير النصوص المذكورة، إلى أن الفتن والشبهات والشكوك ولبس الأمر...، قد يفقد الشخصية تماسكها السابق، وتكون عاقبتها _لا سامح الله تعالى_ إلى الضلال.

ولذلك يؤكد الدعاء بعبارة (لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني).

العدد: ١١ / ربيع الثاني / ١٤٣١ هـ : ٢٠١٢/١٢/٠٥ : ٤.٩ K : ٠
: الدكتور محمود البستاني
التعليقات:
لا توجد تعليقات.