الإمام المنتظر في الكتاب والسنّة
الإمام المنتظر في الكتاب والسنّة
الشيخ جعفر سبحاني
إن كلّ من كان له إلمام بالحديث يقف على تواتر البشارة، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله عليهم السلام وأصحابه، بظهور المهدي عليه السلام في آخر الزمان لإزالة الجهل والظلم والجور، ونشر أعلام العلم، والعدل وإعلاء كلمة الحق، وإظهار الدين كلّه ولو كره المشركون، فهو بإذن الله تعالى سينجي العالم من ذلّ العبودية لغير الله، ويلغي الأخلاق والعادات الذميمة، ويبطل القوانين الكافرة التي سنتها الأهواء، ووضعتها يد بني البشر، ويقطع أواصر التعصبات القومية والعنصرية، والوطنية،ويميت أسباب العداوة والبغضاء التي صارت سبباً لاختلاف الأُمّة و افتراق الكلمة، واشتعال نيران الفتن والمنازعات، ويحقق الله سبحانه بظهوره عليه السلام، وعده الذي وعد به المؤمنين بقوله:
(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الاْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُـمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ).
(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الاْرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ).
وأنّه لابد أن يأتي عصر ذهبي لايبقى فيه على الأرض بيت إلاّ دخلته كلمة الإسلام، ولا تبقى قرية إلاّ وينادى فيها بشهادة: (لا إله إلاّ الله)، بكرة وعشياً.
هذا ما اتّفق عليه المسلمون في الصدر الأول، والأزمنة المتلاحقة، ولأجل ذلك استغلّ بعض المتهوسين قضية الإمام المهدي عليه السلام، فادّعوا المهدويّة، و لم نعهد أحداً ردّهم بإنكار أصل هذه البشائر، وإنّما ناقشوهم في الخصوصيات وعدم انطباق البشائر على المدعىّ.
و لم ير التضعيف لأخبار الإمام المهدي عليه السلام إلاّ من ابن خلدون في مقدمته، وقد فنّد مقالته (الأستاذ أحمد محمد صديق) برسالة أسماها: (إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون).
وأخيراً نشر (أحمد المصري) رسالة أسماها: (المهدي والمهدوية)، قام ـ بزعمه ـ بردّ أحاديث المهدي عليه السلام، وأنكر تلك الأحاديث الهائلة البالغة فوق حدّ التواتر، جهلاً منه بالسنّة والحديث. بتظافر مضمون قول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: (لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل الله ذلك اليوم، حتى يخرج رجل من ولدي، فيملؤها عدلاً وقسطاً، كما ملئت جوراً وظلماً).
أنّ بحث المهدي بحث نقلي لا يمتّ إلى العقل بصلة، فعلى من يريد اعتناقه، أو ـ والعياذ بالله ـ ردّه ورفضه، الرجوع إلى الصحاح المسانيد، وكتب الحديث والتاريخ، حتى يقف على عدد الروايات الواردة حول المهدي عليه السلام، في مجالات مختلفة، وها نحن نأتي في المقام بفهرس الروايات التي رواها السنّة والشيعة وهي:.
1ـ الروايات التي تبشّر بظهوره عليه السلام. 657 رواية.
2ـ الروايات التي تصفه عليه السلام بأنّه من أهل بيت النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم389 رواية.
3ـ الروايات التي تدلّ على أنّه عليه السلام من أولاد الإمام علي عليه السلام 214 رواية.
4ـ الروايات التي تدلّ على أنّه عليه السلام من أولاد فاطمة عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم 192 رواية.
5ـ الروايات التي تدلّ على أنّه عليه السلام التاسع من أولاد الحسين عليه السلام 148 رواية.
6ـ الروايات التي تدلّ على أنّه عليه السلام من أولاد الإمام زين العابدين عليه السلام 185 رواية.
7ـ الروايات التي تدلّ على أنّه عليه السلام من أولاد الإمام الحسن العسكري عليه السلام 146 رواية.
8ـ الروايات التي تدلّ على أنّه عليه السلام يملأ العالم قسطاً وعدلاً. 132 رواية.
9ـ الروايات التي تدل على أنّ للإمام المهدي عليه السلام غيبة طويلة. 91 رواية.
10ـ الروايات التي تدلّ على أنّه عليه السلام يعمّر عمراً طويلاً. 318 رواية.
11ـ الروايات التي تدلّ على أنّ الإسلام يعمّ العالم كلّه بعد ظهوره عليه السلام 47 رواية.
12ـ الروايات التي تدلّ على أنّه الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام 136 رواية.
13ـ الروايات الواردة حول ولادته عليه السلام. 214 رواية.
و لو وجد خلاف حول الإمام المهدي عليه السلام بين السنّة والشيعة، فهو الاختلاف في ولادته، فإنّ الأكثرية من أهل السنّة يقولون بأنّه سيولد في آخر الزمان، والشيعة بفضل هذه الروايات، تذهب إلى أنّه ولد في (سرّ من رأى)، عام 255، وغاب بأمر الله سبحانه سنة وفاة والده عليه السلام، عام 260، وهو يحيا حياة طبيعية كسائر الناس، غير أنّ الناس يرونه ولا يعرفونه، وسوف يظهره سبحانه ليحقّق عدله.