سلسلة نساء في سماء القضية المهدوية
سلسلة نساء في سماء القضية المهدوية
حبــــــابة الوالبيّة
نور الساعدي
لا يخفى على المتابع لأخبار القضية المهدوية أن للنساء دوراً في هذه القضية قبل الظهور وبعده، فللمرأة دورها في عملية التمهيد للظهور, كذلك لها دور عند الظهور الشريف للإمام المهدي عليه السلام ايضا ولعل حديث الإمام الصادق عليه السلام يؤيد صحة ما نقول حيث قال عليه السلام: (يكنّ مع القائم ثلاث عشرة امرأة، قلت (الراوي): وما يصنع بهنّ؟ قال: يداوين الجرحى ويقمن على المرضى كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قلت: فسمّهن لي، قال: القنوا بنت رُشيد، وأم أيمن، وحبابة الوالبية، وسمية أم عمار بن ياسر، وزبيدة، وأم خالد الأحمسية، وأم سعيد الحنفية، وصبانة الماشطة، وأم خالد الجهنية).
وكلامنا في هذا العدد هو عن (حبابة الوالبية) وأحوالها.
جاء في (مستدرك سفينة البحار) في الجزء الثاني منه صفحة 169، إن حبابة: هي أم الندى بنت جعفر الوالبية الأسدية (صاحبة الحصاة) التي طبع عليها أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام، وماتت في أيامه وكفنها بقميصه.
وذكر (السيد هاشم البحراني) في (مدينة المعاجز) بجزئه الثالث، أن أمير المؤمنين عليه السلام بشّرها بأنها ستبقى إلى زمان الرضا عليه السلام وأنها سترى في نفسها برهانا عظيما منه، وتختار الموت فتموت ويتولى الإمام الرضا عليه السلام أمرها ويقوم على حفرتها ويصلي عليها, وبشرها عليه السلام كذلك بأنها من المؤمنات المكرورات قائلا: (وأنا مبشرك بأنك من المكرورات من المؤمنات مع المهدي عليه السلام من ذريتي إذا أظهر الله أمره).
والسبب في سعيها رضوان الله عليها إلى أن يختم لها على الحصاة من قبل الأئمة عليهم السلام هو ما قالته لأمير المؤمنين عليه السلام: أنه لما سمعت من تفرق شيعته واختلافهم من بعده _فأرادت هذا البرهان ليكون معها_ فإذا وقعت الإشارة، أو شكّت الشيعة إلى من يقوم مقامه عليه السلام أتته بهذه الحصاة فلو فعل بها ما فعل أمير المؤمنين علمت انه الخلف من بعده.
ومما يلفت الانتباه عند قراءة حياتها عليها السلام إنها عادت إلى شبابها مرتين مرة بدعاء الإمام علي بن الحسين عليه السلام لها، والثانية بدعاء الإمام الرضا عليه السلام فقد جاء عن الإمام الباقر انه قال: (إن حبابة الوالبية دعا لها علي بن الحسين عليه السلام فرد الله عليها شبابها...ولها يومئذ 113سنة).
وفي خبر آخر ذكر في (وفيات الأئمة) أنها لما صارت إلى الإمام الرضا عليه السلام ورأت شخصه الكريم ضحكت فقالوا: قد خرفت يا حبابة ونقص عقلك، فقال عليه السلام: ما خرفت حبابة ولا نقص عقلها ولكن جدي أمير المؤمنين عليه السلام أخبرها بأنها عند لقائي تكون منيتها، وأنها تكون من المكرورات مع المهدي عليه السلام من ولدي، فضحكت شوقا لذلك وسرورا به وفرحا بقربها منه.
ولعل سائلاً يقول ما كان عملها كي تحظى بهذه المنزلة العظيمة؟ والجواب هو ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام في بصائر الدرجات حيث قال عليه السلام: (إن حبابة الوالبية كان إذا وفد الناس إلى معاوية وفدت إلى الحسين عليه السلام وكانت امرأة شديدة الاجتهاد قد يبس جلدها على بطنها من العبادة).
فحبابة كانت تكثر من السجود حتى أثّر ذلك في وجهها.
وقد قال الشيخ الطوسي عنها إنها كانت من العالمات الفاضلات.
كما عبر عنها (عبد العظيم الهندي) في كتابه (من أخلاق الإمام الحسين عليه السلام (أنها امرأة من الشيعة الحقيقيين).
فورع هذه المرأة وعبادتها وعلمها واجتهادها و يقينها بأئمتها عليهم السلام وتعلقها بهم وسعيها إليهم، رغم كبر سنها ومعرفتها لهم، كل ذلك جعلها مؤهلة لان تكون واحدة من الـ313 الذين سيظهرون مع الإمام المهدي عليه السلام وهذه منزلة لا يلقّاها إلا ذو حظ عظيم.
هذه دعوة للتأسي بخلق وعبادة وعمل هذه المرأة، لأن بعض نسائنا عندما يكون الحديث عن السيدة الزهراء عليها السلام أو ابنتها زينب عليها السلام والتأسي بهما يقلن أولئك نسوة معصومات فأين نحن منهن.
ولكن وعند مطالعة أخبار النساء اللواتي لسن بمعصومات ـ كحبابة الوالبية ـ فما يكون العذر؟!