الإمام المهدي في الفكر البشري
الإمام المهدي عليه السلام في الفكر البشري
علي الدنيناوي
اصبح المصلح العالمي حلم الانسانية الحية الضمير, والتي تأمل تحقق العدل على الارض, ولكن وجهات النظر عن هذا المنقذ تختلف من عقيدة إلى اخرى, فكل يتوجه اليه ضمن عقيدته, ويعتقد به ناصرا لدينه, وبعض الناس يودون خروجه الشريف؛ لتحقيق الرفاهية للمجتمع, بغض النظر عن الدين الذي يدافع عنه هذا المنتظر, ونحن المسلمون لنا رأينا الحق في شخصية هذا الرجل العظيم.
وهنا نسلط الضوء على وجهة نظر بعض العقائد في الإمام المهدي عليه السلام وكيف ننظر للاصلاح العالمي, وكالتالي:
1-الإمام المهدي عليه السلام في نظر الاستكبار العالمي:
لاشك في وضوح الجرائم التي مارسها الاستكبار العالمي ضد الانسانية بوجه عام, وضد الامة الاسلامية بوجه خاص. والخطط والاساليب التي وضعتها دول الاستكبار العالمي للفتك بالشعوب وتمزيقها, من خلال القضاء على الروابط الاجتماعية الاصيلة بين الامم والقوميات, وتدمير القيم الاخلاقية, ونشر عوامل التفسخ الخلقي, وابعاد المجتمع الانساني عن كل ما يربطه بالفطرة الالهية اكثر من ان تحصى, أو تعد. قال الله تعالى: ( وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون ابواه يهودانه وينصرانه).
ولا يخفى ان قوى الاستكبار تفننت باستخدام هذه الاساليب الشيطانية ضد المجتمع المسلم, فقد حققت اول انتصار لها في تقسيم الامة الاسلامية الى اقاليم ودويلات ضعيفة, بعد ان شرعت في خلق عوامل عديدة للاختلاف والعداء بين هذه الشعوب المقسمة تحت مصطلح (الاستقلال) ومن خلال هذه الاختلافات والتقسيمات سعت لجر الشعوب الى معارك طاحنة.
فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (لن تفنى امتي حتى يظهر فيهم التمايز, والتمايل, والمعامع, فقيل: يا نبي الله ما التمايز؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: عصبية يحدثها الناس بعدي في الاسلام, فقيل: فما التمايل؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: يميل القبيل على القبيل فيستحل حرمتها, قيل: فما المعامع؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: مسير الامصار بعضها الى بعض, تختلف اعناقها في الحرب).
ان هدف القوى الكبرى وعملائها في البلدان الاسلامية يتمثل في بث الفرقة بين المسلمين الذين آخى الله بينهم, وسمى المؤمنين منهم بالاخوة, وفصلهم عن بعض تحت مسميات الشعب التركي, والشعب الكردي, الشعب العربي, الشعب الفارسي, بل وايجاد العداوة بينهم, وهذا الامر على الضد مما اراده الاسلام والقرآن الكريم تماما).
ولم يكفها ذلك, بل جندت كل وسائل الاعلام والدعاية لتشويه صورة الاسلام والمسلمين لدى شعوبها الغافلة, المنكبة على اللهو والفساد, واصبح مصطلح (الارهاب) يكفي لمحاربة أية شخصية اسلامية تسعى للمطالبة بحق بسيط من حقوق الشعب المضطهد.
ولا شبهة! فانها تخصصت في نهب ثروات المجتمع المسلم من خلال نظرية القطب الواحد, ونظرية العولمة, واحتكار العقل الانساني, وحرمان الشعوب المسلمة من التقدم العلمي, والمعرفة, والصناعة.
لقد اعتاد قادة هذه القوى وساستهم على ان يتعاملوا بجدية لدفع الضرر المحتمل, واعترفت توقعاتهم السياسية بـ (ان الاسلام قوة سياسية واجتماعية قادرة على توحيد الجماهير), ومن جانب آخر, اطلعوا على مؤلفات المسلمين في خروج الامام المهدي عليه السلام,وبالتالي فعليهم ان يستعدوا لهذا الخطر المحدق بهم. قال الله تعالى: ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ).
2- الامام المهدي عليه السلام في النظرية الصليبية واليهودية:-
تذهب بعض العقائد الصليبية واليهودية الى ان المصلح العالمي هو السيد المسيح عليه السلام, او النبي داود عليه السلام, على اختلاف النظريتين, وفي نفس الوقت يسلم هؤلاء بخروج الامام المهدي عليه السلام, الا انهم يعتقدون-كما نعتقد نحن كذلك-ان هذا القائد العظيم هو رجل مسلم, هدفه نشر دين الاسلام, والقضاء على المسيحية واليهودية, والنحل الاخرى, وتحطيم امبراطورياتهم الظالمة وكنائسهم وبيعهم, ويعتقدون ايضا انه عليه السلام يخرج في ارض آسيا العربية, قبل نزول السيد المسيح, او رجوع النبي داود عليه السلام, ويكون مقر قيادته في بابل العراق.
وقد استلهمت هذه النظرية من بعض الكتب اليهودية والمسيحية القديمة, ومن تنبؤات الرجل اليهودي-او المسيحي على بعض الاقوال-نوستر اداموس, الذي اشار بصراحة الى ظهور هذا الشخص العظيم. حيث قال : (في المنطقة العربية الغنية, سوف يولد شخص قوي في شريعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم. انه سوف يربك اسبانيا, ويقهر غرناطة, اضافة الى الشعب الليغوري بواسطة البحر).
وتبنّى هذه العقيدة بعض اصحاب القرار في الدول العظمى, وبالتالي فقد اتفقت هذه العقيدة مع آراء الساسة في ان المنطقة -آسيا العربية- قادرة على ان تهيئ قائدا عظيما يوحد الدول الاسلامية ويشكل خطرا فادحا على منافعهم.
3- الإمام المهدي عليه السلام في الفكر الاسلامي
يعتقد المسلمون بأن المصلح العالمي والمهدي عليه السلام مفهومان لشخصية واحدة وهو الإمام المهدي عليه السلام الذي وعدهم به الله سبحانه وتعالى على لسان رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم والائمة عليهم السلام, وقد اتفقت بذلك جميع المذاهب والفرق الاسلامية, وهذا الشخص المسلم الذي يخرج في المنطقة الاسيوية, والذي يكون مقره الكوفة-بابل القديمة-سوف ينشر راية الاسلام, ويحطم جميع الامبراطوريات الظالمة في العالم, ويملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما, وفي زمانه ينزل السيد المسيح عليه السلام, ويعاونه ويساعده في ذلك.
4- العامل المشترك وتحديد المنطقة الجغرافية
العامل المشترك بين هذه النظريات, ومن خلال القراءة السريعة لها,نخرج بنتيجة هي: ان الإمام المهدي عليه السلام رجل مسلم, يخرج في ارض العرب الاسيوية, وبعض الدول المجاورة لها, ويقيم دولة اسلامية عليها, ويجمع كل الدول تحت لوائه في راية واحدة, ولا يكون همه الا نشر الاسلام,واظهاره على كل الاديان, وتهديم كل ما توصل اليه الاستكبار العالمي من الحضارة الفاسدة.