من فقهائنا
سلسلة من المقالات تسلط الضوء على حياة الفقهاء النواب للإمام المهدي القائم عليه السلام
من فقهائنا: اية الله العظمى السيد عبد الله الشيرازي قدس سره
ولادته ونسبه قدس سره:
ولد سماحته قدس سره ليلة الأحد 13 شعبان 1309/ 1889م في مدينة شيراز بايران. تلك المدينة العامرة والتي هي من أقدم الحواضر هناك في فترة من الزمن، حيث كانت تسمى بـ(دار العلم) لكثرة رجال العلم والدين، والمدارس العلمية فيها.
تربى سماحته قدس سره في حجر والده المغفور له سماحة اية الله المصلح السيد محمد طاهر الموسوي الشيرازي، الذي كان من العلماء المجاهدين في سبيل الله، والمكافحين ضد التيارات السياسية الفاسدة، والنظريات الهدّامة التي روج لها في ايران يومذاك، وواجه الاستعمار الانجليزي ومخططاته، وحارب رموزه وشخصياته، وتدخله في ايران عام 1904م.
غادر سيدنا الشيرازي قدس سره مدينة شيراز عام 333هـ 1913، قاصداً قبلة العلم والعلماء النجف الاشرف، وبقى قدس سره فيها حتى عام 1345هـ -1925، حيث رجع إلى شيراز ليتولى الشؤون العلمية والدينية هناك.
بعدها عاد إلى النجف الاشرف بعد ان قضى ما يقرب من ستة اشهر في سجون الحكم البهلوي الأول.
وفي اعقاب عام 1378هـ-1958، وبعد تعرض العراق لموجة التيارات الفكرية الدخيلة،وذلك بعد تحرك حكومة البعث بجلاوزته وجواسيسه بحملة اعتقالات واسعة شملت عينات اسلامية قيادية وتعريضها إلى أقسى أنواع التعذيب. وأبشع اشكال المعاملة وكان من جملة من شملتهم حملة الاعتقالات تلك، نجل سماحة الإمام الشيرازي قدس سره آية الله محمد علي الشيرازي قدس سره.
لقد استمر نظام البعث بمضايقة اوساط الحوزة العلمية ورجالاتها حتى أنه لجأ إلى تسفير الكثير منهم خارج الحدود,هنا وجد الامام الشيرازي بأن الأوضاع تسير من سيء إلى أسوأ،وهكذا اجتاز سماحته قدس سره الحدود الايرانية يوم الاثنين 27 ذي القعدة 1395هـ . ليستقر به المقام في مدينة مشهد المقدسة.
أساتذته قدس سره:
تتلمذ السيد الشيرازي في الحلقات الدراسية العلماء الأعلام ومنهم:
- السيد ابو الحسن الاصفهاني قدس سره.
- اية الله العظمى الشيخ ضياء الدين العراقي قدس سره.
- اية الله العظمى الشيخ ميرزا محمد حسين النائيني قدس سره.
علمه ودراسته قدس سره:
باشر سيدنا الحضور في الحلقات الدراسية، حيث كان ملتزماً بالحضور، مجدّاً في اشتغاله العلمي، دؤوبا في تحصيل المدارج العالية، لا يمل من البحث والتحقيق والنقاش العلمي، طموحاً للحصول على المراتب العالية، غير قنوع بشيء يسير من الكمال العلمي مغتنما كل فرصة في هذا المجال..
وهكذا بلغ مراحل عليا في الدراسات الحوزوية الجامعة التي ابرزها الفقه والاصول بمفاهيمها الواسعة، مما جعل كبار فقهاء الحوزة وجهابذتها ومراجعها يعجبون بتعمّقه العلمي ويرون فيه شخصية ممتازة يمكنها تبني الحركة العلمية.. ، وهكذا منحه كلّ من اساطين العلم في الحوزة العلمية الكبرى بالنجف الاشرف شهادات قيمة اعترفوا فيها بمرتبته العلمية الممتازة واجتهاده المطلق وجواز رجوع الناس إليه في التقليد.
مؤلفاته قدس سره:
لسماحة السيد الشيرازي قدس سره مؤلفات مفيدة كثير نذكر منها :
1- عمدة الوسائل في الحاشية على الرسائل.
2- كتاب القضاء .
3- رسائل فقهية.
4- رفع الحجاب في الأجرة على الواجب.
5- الدّرر البيض في منجّزات المريض.
6- إزاحة الشبهات في الشك في الركعات.
7- إزاحة الشبهات في حكم الآفاق المتّحدة والمختلفة.
8- التحفة الكاظمية في حكم قتل الحيوانات بالآلات الكهربائية.
9- الرسالة الرجبية في حكم النظر إلى النساء الأجنبية.
10- الرسالة الربيعية في تصحيح النيابة العباديّة.
11- الرسالة الرجوعية في حكم المطلّقة الرجعية.
12- الحاشية على العروة الوثقى.
13- الاحتجاجات العشرة مع علماء العامة.
14- الإمامة والشيعة.
15- ذخيرة الصالحين .
16- توضيح المسائل.
17- مختصر المسائل الشرعية.
18- زبدة الأحكام.
19- مناسك الحج باللغات: العربية، الفارسية، الاردو، الانجليزية.
20- أنيس المقلدين .
وغيرها كثيرة مطبوعة ومخطوطة.
تأثيره قدس سره بالساحة السياسية:
رغم انشغاله قدس سره الكبير، فإنه لم يبتعد عن مواكبة المستجدات السياسية والمتغيرات الحادثة في العالم الاسلامي، فقد كان دؤوباً متابعاً لا سيما ما يرتبط منها بشؤون المسلمين ومشاكلهم ومن ذلك:
انه أسس مع بقية العلماء المجاهدين في ايران جبهة عريضة بوجه الحكم القائم فيها أنذاك، ولا سيما الذي كان يتعلق منها بموضوع الحجاب وتوحيد الزي وما شابه ذلك، وبعد جهد طويل بذل وعمل كبير انجز اضطر الشاه إلى التنازل عن كثير مما قد عزم على تنفيذه.
ويعتبر سماحته قدس سره من الرعيل الأول من العلماء الذين وقفوا في انتفاضة ضد ما اراده الشاه، وهكذا كان في طليعة الذين القي القبض عليهم و زج في السجون ليقضي فيها فترة طويلة.
وكان لسماحته مواقف واضحة من الأمور التي تحدث في سائر الأقطار الاسلامية كجريمة تهديم قبور أئمة أهل البيت عليهم السلام في بقيع المدينة المنورة. والتيارات الفكرية الدخلية اثر انقلاب 14 تموز 1958 في العراق كذلك المواقف التي تبناها حزب البعث عقيب انقلاب 1968 المشؤوم ومواقفه المكشوفة ضد الدين وعلماء الدين، وله قدس سره في ذلك موقف جرىء معلن تمثل ببرقيته التي بعثها إلى الحكام البعثيين في 26 صفر 1394هـ، الموافق 21 آذار 1976.
ولما كانت هموم القيادة والمرجعية لا تعرف الحدود وانّما نراها تهتم بالقضايا التي تحدث في العالم الإسلامي كافة، فها هو الإمام الشيرازي قدس سره يتسع قلبه وفكره ليشمل كل اقطار المسلمين، ولما كانت القضية الفلسطينية من أهم القضايا التي تهمّ العالم الإسلامي، فقد كان للإمام قدس سره دوره ومواقفه الصريحة والواضحة ومنذ الأيام الأولى لهجرة الصهاينة إلى أرض فلسطين المقدسة.. وكانت بياناته الصريحة والواضحة الصادرة في مختلف المناسبات تؤكد على المسلمين بضرورة اليقظة والاتحاد لطرد هذا العدو المغتصب،ومباركة الكفاح المسلح لأبناء فلسطين، وتدعو لتوحيدهم،وتستنكر اعمال الحكام العملاء،الرامية إلى احتواء هذه القضية وتضييع حقوق شعب فلسطين.
وفاته قدس سره:
رحل فقيد الأسلام الإمام الشيرازي قدس سره إلى جوار ربه في مدينة مشهد المقدسة، عام 1984هـ. ودفن قدس سره هناك.