الامام المهدي وقانون المداولة الالهي
الامام المهدي عليه السلام وقانون المداولة الالهي
مرتضى علي الحلي
أسس القرآن الكريم في نصوصه الشريفة لقانون حتمي التحقق والوقوع خارجا وعلى متن الحياة التاريخية للبشرية, الماضي منها والحاضر والمستقبل الموعود, وذلك القانون هو (قانون المداولة) الذي هو منطوق الآية الشريفة: ((وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)).
والمقصود بقانون المداولة بحسب ما يفهم من نصوص القرآن الكريم هو سنة إلهية حتمية تقتضي تبدل وتداول الادوار بين الامم والحضارات, بافول واحدة وظهور اخرى, وهكذا في تواصل متصل الى نهاية التجارب البشرية.
وتقف هذه السنة الالهية عند بدء دولة المهدي الموعود عليه السلام التي اسست لها الروايات الصحيحة وقالت انها آخر الدول الى قيام الساعة.
وهذا القانون الالهي الحتمي، القطعي التحقق يعطي للمنتظرين (حتمية تفاؤلية) تنص على حتمية سقوط الدول المتجبرة وانهيار الجماعات المستبدة وتبدلها بآخرين.
ولكي نستكمل الشروط اللازمة لظهور المهدي عليه السلام يجب علينا أن نستثمر من هذا القانون ما يعزز ويقوي إيماننا بحتمية التغيير والظهور المهدوي وذلك يتم عبر تغيير ما بالنفس الى ما يرضي الله تعالى لان هذا القانون الحتمي (قانون المداولة) يتوقف في جلب النتيجة الالهية لصالحنا على تغيير ما بأنفسنا وفق ما اراد الله تعالى لذا هذه الحقيقة التي تكررت قرآنيا في آيتين هما: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) و (بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ).
فقانون المداولة قانون نافذ المفعول وساري في مدياته الى غاية إلهية، تنتهي عند تحقيق اهداف الله تعالى على يد المهدي الموعود عليه السلام, قال تعالى: (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) و (وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ) و (وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ).
فالنصر الالهي هنا مشروط بتغيير ما في الذات البشرية، وذلك يتم عندما تدرك قدر الله تعالى وتخاف وعيده حال زيغها عن الجادة المستقيمة.
ان قانون (المداولة الالهي) يضيف قدرا كبيرا من الاحساس النفسي بل حتى الاجتماعي الحقيقي بان العاقبة للمتقين حتماً حتى في وقت الصراع مع قوى الظلم والكفر التي تفوقنا عدة وعددا.