الفهرس
لتصفح الصحيفة بـ Flsh
لتحميل الصحيفة كـ Pdf
المسار
صدى المهدي » العدد: ٢٧ / شعبان / ١٤٣٢ هـ
مواضيع العدد
العدد: 27 / شعبان / 1432 هـ

قصة قصيرة: واشرقت الارض بنور ربها

قصة قصيرة

((واشرقت الارض بنور ربها ))

حسام محمد ديوان مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عليه السلام

تسلل الهدوء والسكينة في هذه الليلة الى تلك البقعة التي لم تعرف السكون ابدا .. وبَدَأ القمر يرسل اشعته البيضاء لينير شيئاً من تلك العتمة المطبقة .. فيما كان هناك شعور يسري في نفوسٍ خائفةٍ يشعرها بالامن فراحت تغفوا إثرَ انغامٍ ٍ روحانيةٍ لم تشهدها من قبل .

لم تكن هذه اليلة في سامراء كسابقاتها من الليالي ، فهناك امر على وشك الحدوث قد يُغير شيئاً من هذه المدينة البائسة ..بل وربما العالم اجمع .. هذا ما توحي به تباشير هذه الليلة .

سامراء تغفو بأكملها ما خلا بيتٍ واحد في ذلك الحي الذي يُدعى (درب الحصى) والذي ضم إمرأة مباركة كانت واقفة تصلي الليل وقد ارتمى امامها جسد لإمرأة يافعةٍ ميمونة يُوشك أن تكون ذات شأن كبير ، في حين ضمت الغرفة المجاورة رجلا يَرقب تباشير هذه الليلة.. ليلة النصف من شعبان حيث سيُولد (المؤمل) الذي انتظرته الاجيال وتأوهت من شوقه القلوب .

انهت المرأة المباركة صلاتها وجلست معقبة وراحت اصابعها تقلب خرزاتِ مسبحةٍ لها ، فيما تعلق قلبُها بذلك الجسد المرمي امامها والذي كان لـ(نرجس) تلك المرأة التي جاءت من بعيد لتقترن بحجة الله في ارضِهِ (الحسن بن علي عليه السلام) في قصة طويلة حبكتها يدُ السماء ..

تساءلت المرأة المباركة في نفسِها وهي تحدق بـ(نرجس) ..هل حقا منها ؟..وكيف يكون ذلك ؟ وليس فيها ايّ أثرٍ لحمل او ما شابه ..هل أُغالط نفسي ؟..لقد قلبتها جيداً..  

   ولكن لا مجال للشك او الإرتياب في كلمات حجة الله (الحسن بن علي عليه السلام) .. وجالَ ذهنُ المرأة بتلك الكلمات التي كان اليقين يستقي منها والتي تلقتها منه قبل غروب الشمس  يا عمة إجعلي افطارك الليلة عندنا ..فإنها ليلة النصف من شعبان فإن الله تبارك وتعالى سيُظهر في هذه اليلة الحجة وهو حجته .

قالت العمة : ومَن امه ؟

قال الامام عليه السلام : نرجس

ردت العمة قائلة : والله ـ جعلني الله فداك ـ مابها أثر !

اجابها الامام عليه السلام : هو ما اقول لك .

نعم هذه هي كلماته .. وهو الان يَرْقب وينتظر في الغرفة المجاورة .

وطال الامر على العمة فعادت الى تساؤلها مرة اخرى ..ولكن متى يتحقق هذا الامر ؟ هاهي (نرجس) نائمة وكل شيء ساكن والأدهى من ذلك خيوطُ الفجر التي بدأت تقبل وبَعد لم يحصل شيء .. 

ولم تفق العمة من تساؤلاتِها إلاّ على صوتِ (الحسن بن علي عليه السلام) من الغرفة المجاورة:

(لا تَعجلي يا عمة فإن الامرَ قد قَرُب) .

نعم ايتها العمة لا تعجلي في ولي الله فإن فيه شبها من (موسى بن عمران عليه السلام) بخفاء ولادته .. وسيُجري اللهُ عليه سنن من تقدم من انبيائه .

ادركت العمة ذلك وراحت تقرأ على (نرجس) شيئا من كتاب الله العزيز (إنا أنزلناه في ليلة القدر .. يس ، والقرآن الحكيم ، إنك لمن المرسلين..) .

انتبهت (نرجس) على كلمات الله التي كانت تتلى عليها فضمتها العمة قائلة : اسم الله عليك ..اتحسين شيئا ؟

ردت عليها : نعم يا عمة ظهر الامر الذي اخبرك به مولاي .

وذهبت (نرجس) في عالم آخر تتلاشى فيه الحجب ، عالم تنتمي اليه حيث رأتْ كلَّ شيء .. رأتِ الملائكة وهي تنزل من السماء وتطوف بهذا البيت .. ورأت مَن يعينُها على هذا الامر ..

اندهشت العمة إذ لم تجد (نرجس) في عالمها وكأنّ هناك ستار ضُرب بينها وبين (نرجس) فعَدَتْ صارخة الى الامام الحسن وما أن رأها الامام حتى قال لها : (ارجعي يا عمة فإنك ستجدينها في مكانها) .

ورجعت العمة الى المكان الذي كانت ترقد فيه (نرجس) وماهي إلا لحظات وقد عادت (نرجس) من عالمِها ..ولكن ليس لوحدها .. كان النور يسطع من (نرجس) ومن معها و قد غَشِيَ بصرُ العمة ولكنها دققت النظر لترى (نرجس) واذا بها ترى (المؤمل) ساجدا على وجهه جاثيا على ركبتيه رافعا سبابته نحو السماء وهو يقول : (اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن جدي رسول اللهN وأن ابي امير المؤمنين عليه السلام ..) ثم اخذ يعد إماما إماما من أئمة اهل البيتK الى أن وصل الى نفسه فقال : (اللهم انجز لي وعدي واتمم لي أمري وثبت وطأتي وأملاء الارض بي عدلا وقسطا).

عندها نادى الامام الحسن بن علي عليه السلام عمته من الغرفة المجاورة قائلا :( هلمي اليّ ابني يا عمة) .

فجاءته به فنظر اليه الامام عليه السلام فرحاً وقال : (زعم الظلمة انهم يقتلونني ليقطعوا هذا النسل ، فكيف رأوا قدرة الله).. ثم سماه (المؤمل) .

بعد ذلك اندلع صباح هذه اليلة المباركة واشرقت الارض بنور ربها .

العدد: ٢٧ / شعبان / ١٤٣٢ هـ : ٢٠١٢/١٢/١١ : ٥.٥ K : ٠
: حسام محمد ديوان
التعليقات:
لا توجد تعليقات.