رصدنا
رصدنا
صفحة الرصد المهدوي تهتم بتوثيق ونشر كل ما يتعلق بالقضية المهدوية من أخبار وموضوعات في المواقع الالكترونية والمنتديات والقنوات الفضائية والصحف والمجلات والإذاعات وتقويمها ورد الشبهات التي فيها إن كانت تتطلب ذلك خصوصا الموضوعات المنقولة من المواقع المخالفة للقضية المهدوية بهدف إطلاع القارئ على ما يدور في تلك المواقع ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وكذلك تحديد الايجابيات والسلبيات في كيفية تناول القضية المهدوية في تلك الوسائل والتواصل معها في سبيل تطوير الايجابيات ومعالجة السلبيات.
القضية المهدوية والدراسات المستقبلية
هيئة التحرير
لقد شغلت نهاية العالم ومستقبل الإنسان البشرية من القدم ، ولايزال هذا الانشغال قائماً لما تثيره التغيرات المتسارعة والمستجدات الطارئة التي يشهدها العالم في العقود الأخيرة من علامات استفهام وتساؤلات عما سيكون عليه مستقبل المجتمع الإنساني، بل ومصير الإنسان نفسه.
من هنا كان رصدنا لهذا العدد حول الدراسات المستقبلية نشأتها وأهميتها واهتمامها بما يتعلق بالقضية المهدوية بصورة مباشرة او غير مباشرة.
مفهوم الدراسات المستقبلية
يمكن تعريف الدراسات و الابحاث المستقبلية على انها معرفة الامور المستقبلية، على ضوء المواضيع و الظواهر الاجتماعية المختلفة و القضايا الاقتصادية و الثقافية و السياسية.
نشأة الدراسات المستقبلية
يعتبر علم المستقبليات أو الدراسات المستقبلية من العلوم الاجتماعية، والتي نشأت بشكلها الحالي نشأة غربية. فمن المرجح أن عالم الاجتماع (جليفان) هو أول من استعمل مصطلح Miloontologie في سنة 1907م ليشير إلي أحداث المستقبل ، في حين يعتبر العالم الأمريكي ذو الأصل الألماني Ossip Fleichthien أول من استعمل كلمة (علم المستقبل) ضمن كتاباته، تحت اسم Futurologie ، بينما ينسب إلى العالمGaston Berger انه استخدم كلمة (استشراف) Prospective في سياق الدلالة عن التطلعات نحو المستقبل والتخطيط له بطريقة أو بأخرى.
وهناك من يقول ان علم الدراسات المستقبلية علم قديم جداً قدم الإنسان منتزع بالأصالة من علم الله تعالى الذي يعلم بكل دائرة الزمان من الأزل إلى الأبد. ويعتبر القرآن الكريم النموذج الرائد في استشراف المستقبل وتوعية الإنسان بضرورة التخطيط المستقبلي، والنصوص الدينية تعد من أهم الوثائق الصادقة في علوم المستقبل التي تتحدث بكل صراحة ووضوح عن أهم الأحداث المستقبلية، بحيث وضعت السبل الكفيلة لمواجهة كل أزمة بعد أن أخبرت بها؛ والأنبياءK هم أوائل المستقبليين في العالم، وهم الذين قدموا رؤية للغد البعيد.. للمجتمع الأمثل الذي يؤدي إلى الجنة، والسيناريو الأسوأ المؤدي الى (النار)، وتشير إحصاءات عالمية إلى أن 97% من الإنفاق على هذه الدراسات المستقبلية يتم في الدول المتقدمة، بينما ينفق العالم الثالث 3% فقط. أما في العالم العربي فإن (الدراسات المستقبلية) حقل يتميز بضعف الاهتمام فيه، بالإضافة إلى الشكل غير العلمي لـ (التنبؤ الاستقرائي)، و(بناء السيناريوهات).
أهمية الدراسات المستقبلية
تنبع أهمية الدراسات المستقبلية من أنها باتت من الأولويات في العصر المعاصر، وصارت من الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها؛ فهي ليست مجرد (سجالات فكرية) أو (رفاهية ثقافية) أو (تسلية ذهنية)، وإنما هي ضرورة للتقدم واستشراف المستقبل والاستعداد له وفق خطط سليمة. وتتطلب هذه الدراسات قدرا من الخيال والقدرة الذاتية على التصور المسبق لما هو غير موجود أو غير معروف الآن، ومع ذلك فإن أنشطتها (تختلف نوعياً عن الأنشطة التي تقع في حقل الخيال العلمي أو في ميدان التنجيم والرجم بالغيب)؛ فما يطلق عليه اليوم (الدراسات المستقبلية) إنما يتمثل في دراسات جادة تقوم على مناهج بحث وأدوات درس وفحص مقننة أو شبه مقننة، وتحظى بقدر عال من الاحترام في الأوساط العلمية، وتنهض بها معاهد ومراكز بحثية وجمعيات علمية ذات سمعة راقية، وتستهدف معرفة مستقبل الظواهر السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمجالات التقنية بشكل علمي مدروس.ولذلك توصف دراسات المستقبل بأنها (آلية من آليات الحاضر تساعد في فهم المستقبل من أجل أخذ الحيطة والاستعداد لما هو قادم).
وبشكل عام تسعى الدراسات المستقبلية الحقيقية لرسم الصورة المثلى لمستقبل المجتمع، وتسعى لتحقيق ذلك من خلال استطلاع رأي الخبراء والمجتمع المدني، دون إقصاء لأحد بما في ذلك القوى الدينية أو السياسية ، سواء كانت تعمل لصالح بناء الدولة أو لا ، فهي في النهاية قوى مؤثرة في اتخاذ القرار بغض النظر عن موقفها ازاء ذلك البناء.
السنن الالهية والدراسات المستقبلية
الإسلام سبق جميع النظم والنظريات في الدعوة لاستشراف المسقبل استشرافاً علمياً مدروساً ، واستباق أحداثه ومفاجآته، والتخطيط لاحتمالاته.وبقراءة سريعة لبعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تؤكد ضرورة اكتشاف السنن الإلهية، والعمل وفقها، على اعتبار أنها توضح جدلية العلاقة الترابطية والتأثير والتأثر المباشرين بين الماضي والحاضر والمستقبل، وضرورة التعرف على المستقبل بهدف بنائه، وتكشف عن بعض الخطوط العامة للحتميات والوعود الالهية المستقبلية، ففي مجال السنن يقول تعالى: (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبينَ)، و(وَ تِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَ جَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً). وفي مجال الاستعداد للمستقبل يقول عز وجل: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ لْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ)، (وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى*وَ أَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى). أما الوعود الإلهية والحتميات المستقبلية فيقول تعالى فيها: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ)، وفي السياق ذاته جاء في الحديث الشريف ما يفسر هذه الحقائق ويكشف عن المزيد من تفاصيلها منها: (العالم بزمانه لاتهجم عليه اللوابس)، و(من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد)، و(من لم يعرف لؤم الأيام لم يحترس من سطوات الدهر)، و(من استقبل الأمور ابصر ومن استدبر الأمور تحير)، و(من لم يحترز من المكائد قبل وقوعها لم ينفعه الأسف عند هجومها).
فمجمل ما تفيد به السنن الإلهية ومصادر المعرفة الإسلامية، والخبرة الإنسانية، هو أن الاستسلام للمستقبل، والوقوف موقف المتفرج حياله، سيؤدي إلى ألوان بشعة من التراجع والتخلف والانحطاط، وهو ما حصل مع كل الأمم والحضارات التي مارست هذا الدور.
الدراسات المستقبلية ونهاية التاريخ
من الدراسات الاستراتيجية التي لعبت دورًا كبيرًا في التغيير، دراسة نهاية التاريخ التي تعتبر دراسة استراتيجية ؛ لأنها تحدثت عن طريقة تغيير العالم ووصوله إلى مرحلة معينة في التاريخ فقد نشر موقع (عرب تايمز) بحثاً تحت عنوان (الجمرة التي ستوقظ الحرب الاخيرة دراسة تحليلية في نهاية التاريخ) عالج فيه تحليل المفاهيم الاولية لكم ونوع الاحداث والتحولات والمعارك التي تؤشر سقوط العديد من الدول المعاصرة في خضم التدافعات المؤدية لظهور الامام المهدي عليه السلام. فكانت الدراسة الابستمولوجية في فلسفة التاريخ والتقارير الدولية لمراكز القرار في العالم المعاصر واخذت منحى التحليل للحقائق وتبيان ان بعض الحروب المعاصرة ستشكل اساسا للنهاية المحتومة بظهور المخلص المهدي عليه السلام، وربط البحث بين تقارير واشارات لمراكز البحوث الاستراتيجية الى تردي الاقتصاد الامريكي منذ الفترة السابقة للانهيار العالمي الاخير وبين التداعيات العالمية المؤدية الى تهاوي السيطرة الامريكية في العالم وفشل مخططاتها في العراق وكوريا الشمالية وايران ولبنان وفنزويلا، والتراجع الاوربي اقتصاديا وسياسيا وظهور قوى شرقية في معادلة التوازن وكل ذلك ادى الى تشكيل تقييم جديد خرج من مكاتب الدراسات الاستراتيجية العالمية يقول بقرب نهاية الامبراطورية الامريكية وخروجها من حلبة السباق، وقرب نهاية الاتحاد الاوربي، وبالتالي سيتم تشكيل حركة التاريخ وفق معايير جديدة خارج تلك التي تشكلت على اثر الحرب العالمية الثانية.(انتهى)
وفي دراسة نشرها (مركز النور للدراسات) تحت عنوان (أيديولوجيا السياسة الغربية المتحكمة والعقيدة المهدوية) بتاريخ 18/8/2009 ذكرت ان في عام 1970م بلغ عدد الهيئات المتخصصة الأساسية بالدراسات السياسية او التي هي في خدمة السياسة الغربية ما يقارب الـ(386) هيئة متخصصة في التنظير السياسي بما يوافق الاسترتجية المستقبلية الأمريكية خصوصا وما يخدم الإيديولوجية الغربية عموما فتحت عنوان (فوكوياما، هنتنغتون؛ والإسلام)، كتب (وجيه كوثراني) مقالة متميزة في مجلة الاجتهاد في عددها (495)، لشتاء عام ـ 2001م؛ بيّن أن هناك تياراً فلسفياً ضارب في التاريخ بدأه (ابيقور) ثم فصله (هيجل)، وعززه نيتشة وحاول أن يكتب نهايته فكوياما في كتابه (نهاية التاريخ) بتفوق العقلية الغربية، متخذا من انهيار الاتحاد السوفيتي دليلا لثبات الدولة الليبرالية الديمقراطية، ومجتمعها المدني.
أما هنتنغتون فيعتبر في كتابه (صدام الحضارات)، ان الصراع اليوم ليس صراعا أيديولوجيا، بل صراع حضارات. وللانصاف إن قسماً من المفكرين؛ من المنصفين الغربيين لا يرون ما ينظر له مخططو السياسة الغربية، فمثلا جاء في نظرية المؤرخ البريطاني توينبي(التحدي والاستجابة) قوله ما يلي: (إن العامل الديني هو السبب في نشوء الحضارات)، حيث قسمها تقسيما دينيا.(انتهى)
هذا وقد نشرت (مجلة الكلمة) الصادرة من المركز الاسلامي للدراسات المستقبلية في العدد (26) السنة السابعة، شتاء 2000م تحت عنوان (في البدء كلمة) موثقة عمل هذا المركز ومجالات دراساته البحثية المستقبلية المتضمنة الوعد الإلهي ودور الظهور في دائرتيه،الخاصة: وهي المهدي المنتظر عليه السلام ودور الظهور والعدل كحتمية مستقبلية. والعامة: المتمثلة بالوعد الإلهي والحتميات المستقبلية الأخرى، كنهاية الأرض والكون،والبعث والنشور. والهدف من ذلك هو تطبيق أصول النظرية الإسلامية على قضايا المستقبل وحقائقه العملية، انطلاقاً من معطيات الحاضر، بغية استشراف مستقبل العالم الإسلامي، ومحاولة طرح أساليب لتوجيه البدائل والتحكم بها.
وهذا المعنى اشارت له الدراسة المنشورة في موقع النفيس المصري بتاريخ 25/1/2011 تحت عنوان المهدي المنتظر وفلسفة التاريخ حيث قالت أن الدراسات المستقبلية تسهم في تشكيل وعي صناع القرار بطبيعة المجتمع الذي يسعون إلى تشكيله وإقامته، ورغم أن هذه الدراسات ليست علما في حد ذاتها فإنها تستفيد من مجالات العلوم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المختلفة. وكما يؤكد الباحث المغربي (مهدي المنجرة) فالقيم الثقافية تمثل مكونا رئيسا من مكونات التطور الاجتماعي، والإسلام بكل تأكيد صاحب دور حيوي في إحداث هذا التطور في المجتمعات الإسلامية. فقراءة المستقبل ليست بالضرورة وحيا يوحى بل هو عمل يمكن تشبيهه بالمعادلات الرياضية وإن أردت الدقة أسميتها بالمعادلات الاجتماعية. وهنا بين مقال نشر في (مجلة الانتظار الايرانية) في عددها الثامن والعشرين مترجم الى العربية ان التحقيقات والدراسات المستقبلية هي بصدد تكوين نظرة ثاقبة و معرفة شمولية بخصوص مايجري من امور و قضايا مستقبلية في مختلف مناحي الحياة الانسانية، كي تستطيع البشرية من متابعة الاحداث و التغيرات العالمية المتصاعدة و مواجهتها، او تقديم برامج و مشاريع و سيناريوهات تتناسب معها. و بما ان القسم الاكبر و الاعظم و المهم من التعاليم المهدوية له ارتباط و علاقة بشكل يتأقلم و يتناغم من القضايا و المسائل المستقبلية، فلابد من لزوم الاستعداد والتخطيط لبلورة المستقبل المطلوب حيث إنّ هناك الكثير من الاساليب و الطرق الكفيلة للتواصل مع الدراسات المستقبلة و ضمن هذا السياق يتمكن ايضاً الباحثون و المحققون من صياغة وايجاد علوماً جديدة تحت عنوان (مستقبل الابحاث و الدرسات المهدوية) وهذا يعني ضرورة بلورة الابحاث المهدوية المستقبلية..
كلمة رصدنا
بغض النظر عن النتائج التي تتوصل لها تلك الدراسات المستقبلية للقضية المهدوية رفضا او قبولا اوالتي تناولتها بشكلها المباشر او بشكل غير مباشر عبر دراسة نهاية التاريخ وما ستكون عليه نهاية العالم، بغض النظر عن كل هذا تبقى حقيقة واحدة شاخصة لدى القارئ الكريم وهي ان هذه الدراسات لم تغفل عن تلك القضية وقد اخذت مكانها في البحث والدراسة والتحليل وهذا دال على ان القضية المهدوية او النهاية السعيدة للمجتمع هو حلم جميع البشرية التي تسعى لتحقيقه من خلال ايجاد البدائل لاخطاء الماضي ومشاكل الحاضر ، وهنا يغلق الباب بوجه من يقول ان هذه الدراسات الاستراتيجية والابحاث المستقبلية ضرب من الوهم والخيال ورجم بالغيب لانها تعتمد على قوانين تاريخية والتي يعبر عنها بسنن التاريخ في قراءة المستقبل.