قصة قصيرة: رحلة الصمت مع الامام المنتظر
قصة قصيرة
رحلة الصمت مع الامام المنتظر عليه السلام
الشيخ جميل البصري
كان الجميع يريد ان يعرف لم يسود الصمت كلما دخل المعتقل الجديد غرفة التحقيق، ولا يسمع سوى صوت الضرب وسباب الحراس .
وكان (رسول) هو الشخص الوحيد الذي حظي بفرصة الاطلاع على هذه الحقيقة لان الدائرة قد جعلته مسؤولا عن ادخال المعتقلين الى المغاسل مع تحذيره من الكلام معهم , وكان الامر مختلفا هذه المرة فان (رسول) نفسه كان يسعى الى معرفة سبب الصمت.
وفي احدى الليالى الشتوية الباردة عزم مدير الامن ان يجعل لهذا المعتقل لسانا ولو بالقوة علما بان هذا المدير قام بتكسير ايدي وارجل الكثير من المعتقلين في وقت سابق .
بدات حفلة التعذيب هذه المرة في وقت مبكر وبعد ان اصبحت غرفة التحقيق حمراء اللون من الدماء التي نزفت من هذا المعتقل الصامت، وعندما قرب الفجر حاول المدير ان يقلل من تاثير الفشل على نفسه وعلى بقية الضباط، فطلب من الحراس اخراج المعتقل من الغرفة والذهاب به الى الحمام للاغتسال واعادته مرة اخرى .
حيث ان المعتقل لم يكن قادرا على الحركة بنفسه فقد اصيب ظهره اثناء التعذيب الذي استمر الى الساعة الثالثة فجرا .
وعندما ادخل (رسول) المعتقل الى الحمام ناداه احد المعتقلين (السيد) من غرفة الانفرادي قائلا : من هذا الذي ادخلته .
قال (رسول) : انه معتقل جديد جاءوا به منذ بضعة ايام .
فقال السيد : انني رايت حلما غريبا افزعني ، فقد رايت الامام علي عليه السلام في غرفة التحقيق يعذب وهو صامت لا يتكلم ودماؤه قد ملأت ارضية الغرفة.
في تلك اللحظة اسرع (رسول) ليساعد المعتقل الجديد في الغسل ولكنه فوجيء برفض شديد منه.
وعندما خرج من الحمام كانت اللحظة التي ينتظرها (رسول) بفارغ الصبر.
فقص عليه كلام السيد، فقال له ومن ادراك انني المقصود، فقال له ان السيد اخبرني دون ان يشعر، فقد قال (ان الامام كان صامتا) وقد سمعت الحرس يصيح اكثر من مرة ويقول عنك: ( انه ينام اثناء التحقيق).
وفي اليوم التالي احتاج المعتقل الجديد الى الاغتسال مرة اخرى فساومه (رسول) على ان يخبره سر الصمت الذي يحصل كلما دخل غرفة التحقيق.
فقال له ان صمتي هو احترام لمن معي في التحقيق، فان الامام الحجة عليه السلام حاضر معي دائما وان ذلك ليس بشيء جديد، فاني ادخل المعتقل للمرة الثالثة وكلما دخلت لذت به فكانت رحلتي تبدا مع بداية التعذيب ويا ليتني اموت وانا في احدى تلك الرحلات، ولا اشك ان المعتقلين هنا قد مروا بتلك الرحلة.
يا (رسول) انها رحلة الصمت المقدس في رعاية الامام المنتظر عليه السلام وانا اود ان اذهب في رحلة مماثلة ولا اعود لهذا العالم، فان الشعور الذي ينتابك خلالها يجبرك على التخلي عن الكلام الى الابد.