الفهرس
لتصفح الصحيفة بـ Flsh
لتحميل الصحيفة كـ Pdf
المسار
صدى المهدي » العدد: ٣٣ / صفر / ١٤٣٣ هـ
مواضيع العدد
العدد: 33 / صفر / 1433 هـ

كيف يواجه شيعة أهل البيت الحملات الدعائية

كيف يواجه شيعة أهل البيت عليهم السلام الحملات الدعائية المكثفة فكراً وسلوكاً

مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عليه السلاميقول سماحته في معرض حديثه عما يواجهه الشيعة من الحملات الدعائية المغرضة:

هذه الحملة -على شراستها- أمر طبيعي متوقع بلحاظ موقف الشيعة المتميز في قول كلمة الحقيقة للحقيقة، وانحيازهم عن المسيرة العالمية التي تسيطر عليها قوى الشر المادية الفاعلة، من دون أن يركعوا لها أو ينسقوا معها، بل تصدوا لفضحها باستقامتهم في سلوكهم، وبإنكارهم على الإجرام والانحراف، فلابد أن يوطّنوا أنفسهم على مثل هذه الحملة ويتهيئوا لها، وقد مروا بأمثالها أو بأشد منها في تاريخهم المبدئي الطويل.

والأمل بالله تعالى -وببركة إمام العصر عليه السلام- أن يأخذ بنصرهم، ويثبتهم حتى يخرجوا منها ظافرين منتصرين، وترتد عنهم خائبة خاسرة كما ارتدت الحملات السابقة، وقد قال تعالى: (فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ)، وقال عزّ من قائل: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء*تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ*وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ*يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء).

وعلينا في مواجهة هذه الحملة..

أولاً: أن نتجنب العنف بجميع مظاهره، فإنه نقطة ضعف تضر بصاحبها، بل تستغل ضدَّه، وتضخم عليه، وقد تنجم عنه مضاعفات غير محمودة. بل قد يكون بنفسه تعدياً وخروجاً عن الميزان الشرعي، الذي يجب علينا المحافظة عليه في جميع أمورنا، وخصوصاً في صراعنا المبدئي والعقائدي.

وعلينا أن نتحلى بالصبر وهدوء الطرح والوداعة، وسماحة الخلق، فإن ذلك من آداب أئمتنا عليهم السلام وشيعتهم.

قال ابن أبي الحديد في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام: (وأما سماحة الأخلاق وبشر الوجه وطلاقة المحيى والتبسم فهو المضروب به المثل فيه حتى عابه بذلك أعداؤه.. وقد بقي هذا الخلق متوارثاً متناقلاً في محبيه وأوليائه إلى الآن، كما بقي الجفاء والخشونة والوعورة في الجانب الآخر. ومن له أدنى معرفة بأخلاق الناس وعوائدهم يعرف ذلك).

وثانياً: الثقة بالنفس نتيجة شعورنا بأننا على حق، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: (لا يزيدني كثرة الناس حولي قوة, ولا تفرقهم عني وحشة).

وكفى في رفع معنويتنا شعورنا بأننا مسلمون، وقد قال الله تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ). وبأنا الفرقة الناجية من المسلمين من بين ثلاث وسبعين فرقة، كما جاء في الحديث النبوي الشريف.

وقد انتسبنا لأهل البيت عليهم السلام الذين هم القمة في الشرف والدين والقدسية، بإجماع المسلمين.

أضف إلى ذلك ما ورد في الثناء على الشيعة -خصوصاً في عصر الغيبة- وأنهم أولياء الله حقاً، وأن أهل السماء ينظرون إليهم كما تنظرون إلى الكوكب الدري في السماء، وقد قال الإمام الصادق عليه السلام: <قد استحييت مما أردد هذا الكلام عليكم ما بين أحدكم وبين أن يغتبط إلّا أن تبلغ نفسه هذه. وأهوى بيده إلى حنجرته..> إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة.

كما أن الله جل وعلا أكد في كتابه المجيد على أن الشاكرين من عباده هم القلة القليلة، وكذلك الناجون منهم، حيث قال تعالى: (ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ*وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ)، وبذلك استفاضت أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام.

وأكد سبحانه على أن المؤمنين معرضون للبلاء والزلزال قال تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ). وقد استفاضت الأحاديث بذلك أيضاً، خصوصاً في عصر الغيبة الذي هو عصر محنة الشيعة.

كما استفاضت به أحاديث أهل البيت عليهم السلام. ففي حديث الكتاب المنزل من الله تعالى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بأسماء الأئمة من بعده عليهم السلام حينما يتحدث عن الحجة المنتظر عليه السلام بعد أن يذكر الإمام الحسن العسكري عليه السلام فيقول:

<ثم أكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب. ستذل أوليائي في زمانه وتتهادى رؤسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم، فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين وجلين تصبغ الأرض بدمائهم ويفشو الويل والرنين في نسائهم. أولئك أوليائي حقاً. بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس، وبهم أكشف الزلازل وأرفع الآصار والأغلال. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون>... إلى غير ذلك من الأحاديث الشريفة.

فإذا ضاقت بهم الأُمور فقد صدق وعد الله تعالى لهم، وذلك يزيدهم بصيرة في حقهم، وإيماناً بصدق دعوتهم، كما قال عز من قائل: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا).

وثالثاً: استذكار تاريخنا المشرق في الصبر والثبات على الحق والإصرار على السير في طريقه بمبدئية في مراحله المختلفة، وما استتبع ذلك من نجاح وفلاح، حتى فرض على الآخرين على أنه أمر واقع، لابد من الاعتراف به، والتعامل معه.

ورابعاً: الاهتمام بالدعوة والحوار، وبيان وجهة النظر، وتجديد عرض الأدلة بما يناسب العصر الحاضر، مع سعة الأفق والموضوعية الكاملة، والحفاظ على الصدق، والترفع عن الالتواء والمغالطات والمهاترات، فإن قليلاً من حق يغني عن كثير من باطل، كما ورد عن أئمتنا عليه السلام.

ولاسيما مع أنا نملك -بحمد الله- من الأدلة والبراهين الشيء الكثير الكافي في حق المنصفين من ذوي التبصر والتعقل، وبعد ذلك (لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ).

وخامساً: الحفاظ على إقامة شعائرنا، وإحياء مناسباتنا ومواسمنا، وطرح مفاهيم أهل البيت عليهم السلام وإحياء أمرهم، فإن لذلك أعظم الأثر في تجمع الشيعة، وتقاربهم، وتماسكهم، وتذكيرهم بمفاهيمهم، وتجديد روح العزم والثبات فيهم، وإلفات نظر الآخرين لهم وجرهم إليهم، فهي الدرع الواقي، والدعاية الناجحة، كما يشهد بذلك حث الأئمة عليهم السلام على ذلك وتأكيدهم عليه، وتاريخ الشيعة الطويل.

وسادساً: الاهتمام بوحدة الصف، وجمع الكلمة، وتخفيف حدة الخلاف، وتقريب وجهات النظر، والترفع عن التهاتر والتنابز والاتهامات الرخيصة من أجل فرض وجهة النظر على الغير، أو من أجل حب الظهور وإلفات نظر الآخرين، أو غير ذلك.

وسابعاً: الحذر كل الحذر من الدعوات المنحرفة، أو الانهزامية، فإن في ذلك القضاء على الكيان الشيعي المتكامل وتمييع مفاهيمه، بل هي دعوات مشبوهة قد يكون الغرض منها الالتفاف على مذهب أهل البيت عليهم السلام وإغفال أتباعه عن حقيقته، لينفلتوا منهم ويتخلوا عنه من حيث لا يشعرون.

فيجب الوقوف ضدها وضد مدعيها بحزم وحكمة -إلى جانب العلماء الأعلام- لأنها أخطر كثيراً من الدعوات المضادة الصريحة.

ولذا وقف أئمتنا عليهم السلام بشدة وصلابة في وجه الدعوات المنحرفة ومن دون هوادة.

وإن من أهم أسباب التحصين منها وظهور بطلانها الاطلاع على أكبر عدد من أحاديث النبي والأئمة من آله عليهم السلام فإنها تكشف عن حقيقة تعاليمهم ومعالم دعوتهم وعن زيف الدعوات المنحرفة والانهزامية المذكورة.

نعم، لا ننصح باستعمال العنف في ذلك وغيره كما ذكرناه آنفاً. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وثامناً: علينا تأكيد ارتباطنا بالله تعالى وإخلاصنا له وشدّ أنفسنا به، لنكون مشمولين بعنايته مرعيين برعايته، فإنه خير الناصرين وولي المؤمنين، وهو حسبنا ونعم الوكيل (وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ).

العدد: ٣٣ / صفر / ١٤٣٣ هـ : ٢٠١٢/١٢/١٣ : ٦.٠ K : ٠
التعليقات:
لا توجد تعليقات.