تمهيدنا
تمهيدنا
شهر رمضان شهر الإمام
ميّز الله سبحانه وتعالى أشياء عن أشياء, ليعطي للإنسان من خلال هذا التمييز دافعاً في السعي والتقدم إليه, وليس ذلك منه عز وجل إلا لإعطاء الإنسان مزيداً من الفرص للتقرب منه ونيل رضاه, ومن بين ما جعله الله مميزاً عن غيره شهر رمضان إذ ميّزه بعدة ميّزات, منها أن أنزل في أيامه دستور الإسلام وطريق هداية البشر وهو القرآن, وميزه كذلك بأن جعل أيامه ليست كالأيام, إذ رفع فيها حالات التشابه بين الإنسان والمخلوقات الأدون منه ليرتقي بالإنسان إلى حالة الملائكة في الصوم عن الطعام والشراب والملذات التي تجر الإنسان إلى الأدنى, فنجد شهر رمضان يسحب الإنسان إلى الأسمى, وميّزه كذلك بأن جعل ساعاته وأيامه مضاعفة, إذ أن ليلة واحدة فيه تعدل عمر الإنسان بأكمله, ثم ميزه بأن جعله ربيعاً للقرآن, والقرآن هو الحقيقة الأخرى والوجه الآخر للإمامة, فالإمام هو القرآن والقرآن هو الإمام, فإذا ميز شهر رمضان بأنه شهر القرآن فلابد وبدون أدنى شك بأنه شهر الإمام, فكل خطوة باتجاه القرآن تعد بالأضعاف عند الله في شهر رمضان, وكذلك كل خطوة باتجاه الإمام في شهر رمضان تعد بالأضعاف مقارنة بغيره من شهور السنة.
وتكشف لنا الأحاديث المروية عن أهل البيت عليهم السلام بعضاً من تلك الحقيقة الإلهية القدسية المخزونة, حيث سلّطت الضوء على الدعاء للإمام في شهر رمضان, وفي أفضل ليلة فيه وجعلت أهم دعاء يدعو به الإنسان, وفي أهم شهر وأفضل ليلة هو ذلك الدعاء بالحفظ والرعاية وتعجيل ظهور الإمام, فهذه الأحاديث تعكس حالة العلاقة العميقة والترابط الوثيق بين الإمام عليه السلام وهذا الشهر الفضيل.
إذن ما هو دورنا اتجاه مهدينا الغائب عليه السلام في شهره وكيف نستثمر ساعات هذا الشهر المميز في التقرب إلى واسطة الفيض وساحة القرب الإلهي, تلك الساحة التي يتنزل عليها في ليلة القدر كل أمر, ويصدر عنها مقدرات العباد.
وطبيعي فإنه كلما كان الإنسان أقرب إلى الإمام عليه السلام في ساعات الفيض والبذل السنوي, فهو أقرب لتقبل تلك البركات النازلة والخيرات الواصلة.
فلابد للإنسان من أن يلتفت في هذا الشهر إلى هذه الميزة, ويستثمر الحالة في توثيق عرى العلاقة بينه وبين إمامه عليه السلام على أقل تقدير لا لأجل الإمام عليه السلام بل لأجله هو ولأجل أن يحظى بخير وافر قد يكون سبباً في تنظيم شأنه إلى آخر عمره.
فينبغي أن نستعد لهذا الشهر بكل طاقتنا وأن نوفر لنيل ما فيه كل إمكاناتنا وأن نتقدم بالإخلاص والنية الصادقة والعمل الدؤوب إلى إمامنا عسى إن رآنا على هذه الحالة أن تشملنا عين رعايته وتفيض علينا من يديه الكريمة تلك البركات النازلة في هذا الشهر المبارك.
رئيس التحرير