فوائد من أحاديث الاثني عشر
فوائد من أحاديث الاثني عشر
آية الله العظمى المرجع الديني الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني
في بيان أمور تستفاد من حديث الاثني عشر على اختلاف ألفاظه وهي:
الأول: عدد الخلفاء الذين يكون الأمر لهم بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحصرهم في الأثني عشر، لا يزاد عليهم أحد ولا ينقص منهم أحد، وهذا مفاد كل واحد من الأحاديث.
الثاني: بقاء الأرض وسكونها عن الاضطراب ماداموا باقين عليها.
الثالث: عدم انقضاء هذا الأمر (دين الإسلام) قبل انقضائهم عليهم السلام, واستمرار بقائه ببقائهم, وأنه ما بقي واحد منهم يكون الدين باقياً قائماً، وفي هذا دلالة على طول مدة بقائهم على وجه البسيطة ولو بطول بقاء الثاني عشر منهم عليهم السلام.
الرابع: عزّة هذا الدين وعدم قدرة الطواغيت على محوه ودرس آثاره إلى مدة هؤلاء ألاثني عشر عليهم السلام, فهو لايزال عزيزاً منيعاً لا يقدر أحد على القضاء عليه، كما قضي على سائر الشرائع والأديان, فهذه شريعة موسى وعيسىL مضافاً إلى أنها قد نسخت بشريعة الإسلام فقد حرفت أصولهما وأحكامهما بالحوادث والحروب وسياسات المتغلبين وتحريفات الكهنة وغيرهم, فما بيد اليهود والنصارى الآن من شريعة موسى وعيسى عليه السلام ليس هو الأصل, سيما في الأصول الاعتقادية.
أما الإسلام فقد بقى عزيزاً منيعاً محفوظاً من تحريف الغالين وإبطال الجاحدين, وسيبقى إلى ظهور الإمام المهدي المنتظر عليه السلام وحتى تقوم الساعة, لأن الله تعالى جعله في حصن حفظه الحصين, ونصب الأئمة الاثني عشر عليهم السلام حفظة له وقواماً بأمره في جميع الأزمنة إلى قيام القيامة.
ولا ينافي ذلك ما ربما وقع أو يقع في بعض الأزمنة والأمكنة من غلبة الكفار على المسلمين, لعدم قدرتهم على إبادة الإسلام, والدليل على ذلك بقاء هذا الدين على مّر الأعصار طوال أربعة عشر قرناً مع كثرة الأعداء وقوتهم وعددهم وعُدَّتهم واتفاق كلمتهم على محو الإسلام وإضعاف المسلمين بكل قواهم المادية وتجهيزاتهم العسكرية وقدراتهم الاقتصادية, فلم ينجح مكرهم في إطفاء نور الله تعالى, بل ربما ظهروا على المسلمين في الظاهر وإستولوا على بلادهم وثرواتهم, ولكنهم لم يتمكّنوا من تنفيذ نواياهم من إجتثاث هذه الشجرة, بل ظهر في مرات كثيرة صدق ما بشر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم أُمـته في هذه الأحاديث, وما بشّر الله تعالى و وعد نبيّه في مثل قوله تعالى: (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ )
وقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء*تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا).
الخامس: ليس مفاد هذه الأحاديث أن عزة الإسلام مطلقاً لا تتحقق إلا إذا ملكوا الأمور وكانوا مبسوطي اليد, بل مفادها أنّ عـزة الإسلام تبقى ببقائهم ولا ترفع بجميع مراتبها, نعم العزة المطلقة لا تحقق إلاّ في دولتهم وتوليهم الأمور الظاهرة, وهذه أيضاً وإن لم تتحقق في دولة واحدة منهم، إذا أردنا من عزة الإسلام حاكميّة أحكامه في جميع الأرض, إلاّ أنه تتحقق بالتدريج وتستكمل في دولة آخرهم.
وبالجملة نقول إنّ عزة الإسلام ببعض مراتبها الذي يمنع زوال الدين ويجعله مصوناً ومحفوظاً بهؤلاء ألاثني عشر, وإذا توفرت شرائط العـزّة المطلقة بسبب بسط يدهم في دولة الثاني عشر منهم عليهم السلام فإنها تتحقق, قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ).
السادس: أن إمامة هؤلاء الأئمة عليهم السلام إنما تكون على التوالي دون تفريق, وهذا أمر يستفاد من صراحة هذه الأحاديث بذلك.
: آية الله العظمى الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني