تمهيدنا: الشعارات المسروقة وصناعة الأفكار
تمهيدنا
الشعارات المسروقة وصناعة الأفكار
تمر المجتمعات عادة بفترات تستدعي تولّد أفكار أو آراء تأخذ طابعاً شمولياً أو تشكّل رأياً عاماً بالنسبة لذلك المجتمع الذي مر بفترة توليد الأفكار والآراء هذه، وبعض هذه الآراء والأفكار قد لا تكون منسجمة مع الواقع العقائدي، بل قد لا تكون لها خلفية فكرية أو عقائدية يعتمد عليها في إثبات هذه الفكرة أو الرؤية فيما إذا تمّ البحث عن خلفية مانشأ من آراء وأفكار في تلك الحقبة التي استدعت تولّد هذا الرأي أو نشوء هذه الفكرة.
وعلى سبيل المثال العداء الديني ذو البعد القومي للشيعة، باتّهامهم أنّهم فرس، وأنّ وجودهم إنّما هو لأجل القضاء على الإسلام أو لأجل القضاء على وجود الطرف الآخر المخالف لهم عقدياً وفكرياً، هذه الفكرة نتاج ما قام به الظلمة من عدوان لفترات طويلة على الشيعة، واستخدام الأبواق الإعلامية لتجييش الرأي العام ضدّهم ولصالح الحاكم الظالم، فنشأ من خلال ذلك جو ورأي عام يؤمن بهذه الرؤية، وهي تستثمر الآن وستبقى تستثمر إذا لم يُنظر إلى خلفياتها وتفسيرها تفسيراً واقعياً بعيداً عن الأجواء المتشنجة، وبنظرة سريعة نجد أنّ القضية مفتعلة وأنّها لا تحاكي الواقع ولا تنسجم معه، لأنّ اغلب من بنوا بقية المذاهب الإسلامية وأسسوا علوم المسلمين، سواء في الحديث أو الفقه أو المعارف الأخرى هم من أصول فارسية، فإذا كانت القضية تلحظ ببعد فكري، وأنّ لها جذوراً واقعية فلابدّ أنْ يرفض كل هذا التراث _أي تراث المذاهب الأخرى_ ويتّهم بأنّه لضرب الدين ولتأسيس بنى تحتية على خلاف الواقع الحقيقي، بينما لا نجد من ذلك شيئاً، بل لا نجد من يلتفت إليه.
وكذلك الأمر في القضية المهدوية فإنّنا نلاحظ أنّ بعض الأفكار والآراء تنشأ من قراءة بمعزل عن ارثها العقدي أو الروائي، وتشكّل في غفلة من الزمن رؤية أو فكرة يتمّ الاعتماد عليها والانطلاق منها إلى أفكار وآراء أخرى مع أنّها ليس لها واقع وخلفية يعتمد عليها، ولنضرب لذلك مثالين عايشناهما: الأول قضية التطبيق في العلامات ولَيّ عنق بعض الأخبار لتطبيقها سلباً أو إيجاباً على شخوص خارجية، فهذا (اليماني) قد طبّق على أكثر من شخص، ونادى به كثيرون، ومع ذلك لم يسعف الواقع _فضلاً عن الدليل_ هؤلاء _أي مدّعي اليمانيّة_ ورغم ذلك وجدنا أنّ لهذه الأقوال مساحة عند من يؤمن بها، وأنّها شكلت رأياً عاماً لمجموعة من الناس مع أنّها لا خلفية لها تستند إليها بل الأمر على العكس من ذلك.
والثانية ما يتلّبس به أدعياء الضلال والباطل، فهذا المدعي احمد إسماعيل كاطع، قد استفاد فائدة كبرى عندما شكّل رأياً عاماً، فلا تكاد تسمع اليوم من يسمّيه بابن كاطع، بل يسمونه احمد بن الحسن، مع علمهم وجزمهم ببطلان هذا الانتساب، ولعلّ أكثر ما استفاده مدعي الضلال هذا هو هذا الرأي العام في تشكيل هذا الاسم الذي لا نشكّ في بطلانه، هذه الشعارات المسروقة يجب أنْ تسترد وأنْ لا نسمح بأية حال من الأحوال أنْ يشكل أهل الضلال رأياً عاماً يستفيدون من خلاله مكاسب ولولا هذا التشكّل للرأي العام لَما أمكن استفادة ذلك.
رئيس التحرير