الفهرس
لتصفح الصحيفة بـ Flsh
لتحميل الصحيفة كـ Pdf
المسار
صدى المهدي » العدد: ٥٠ / رجب / ١٤٣٤ هـ
مواضيع العدد
العدد: 50 / رجب / 1434 هـ

تمهيدنا: الفرقة الزائديّة

تمهيدنا

الفرقة الزائديّة

تأتي قوة الإنسان من قوة ثقافته ومتانة معتقده، وتُبنى شخصيّته من خلال جملة من العوامل، ويدخل المحيط الاجتماعي عنصراً آخر بعد العنصرين المتقدّمين فتتكامل شخصية الإنسان ليبرز للملأ شخصاً قادراً قائداً فاعلاً.
ويشكّل النقص في أحد هذه العوامل انحداراً في بناء هذه الشخصية، ويكون هذا بوابة لدخول الافكار المريبة والعقائد المزيّفة، فتنشأ هنا حالة الغسيل الفكري أو العقائدي، والذي يعبرون عنها بغسيل الدماغ، فتمتع الانسان بعوامل الرصانة المتقدمة يشكّل سوراً مانعاً للإختراق، وتخلخل أي ركن من أركان هذا السور يكوّن المنفذ للاختراق.
وكلّما كانت الأفكار أو المعتقدات تلبس أكثر من لون وتسير باتجاه العمومية، والارتباطات الغيبية، والتشخّص المستقبلي فستنفتح الأبواب لدى أنصاف الشخصيات الفكرية والعقائدية لأن تتزلزل ويذوب شيء منها، وهذا ما لوحظ تجاه العقائد الكبرى والأفكار الإنسانية ذات الطابع الشمولي، إذ استغلت بعد أنْ فُتحت منافذ في الشخصيات وأدى هذا الاستغلال السيء إلى تحريفها وانحراف المتلّبسين بها.
فالبناء الثقافي للإنسان المتفرع على البناء العقدي الرصين هما الحصنان المؤمّنان للسلوك الاجتماعي السوي فيما اذا كانت الحاضنة هي البيئة الاجتماعية النقية في أية عقيدة كانت، فتشقق العقيدة وتولّد التسوس فيها بسبب ضعف حاملها وعدم تحصنه بالسور الحامي يولّد انحرافاً فرديّاً أو اجتماعياً، ونماذج هذا الانحراف كثيرة جداً، نشير الى بعض منها تطبيقاً لما نظّرنا له في هذه الفكرة.
فالذي يؤمن بحصرية الأئمة باثني عشر عليهم السلام يستحيل أنْ يؤمن بالدخول والخروج مهما كانت الشبهات أو ما يسمّى بالأدلّة التي تساق للتوسعة والتضييق، بينما بالي الفكر ومتسوّس العقيدة قد أوجد في نفسه من خلال ذلك فجوة لأنْ تدخل هذه الشبهة وتهدم البناء المتسوس وتشق الثوب البالي، فتتهيأ الأرضية لادّعاء إمامة الثالث عشر أو التوقف في إمامة الثاني عشر، فنشأ بين ذاك وهذا فرق الواقفيّة وفرقة الزائديّة.
وكذلك من يؤمن بانحصار العصمة بالأربعة عشر، فضلاً عن الأنبياء عليهم السلام لا تنسلّ إليه عقيدة أنّ هناك الخامس عشر وأنّه المعصوم المسدّد. لأنّ البناء العقدي والفكري الرصين كان سوراً مانعاً من الاختراق، بخلاف المتسوس فكرياً وعقائدياً. والأمر يسير سعة وضيقاً في بقية القضايا والعقائد، فالتماس أنّ هذا هو اليماني وذاك الخراساني، وقد ظهر السفياني لا ينشأ عند من بنيت عقائدهم بناء حصيناً، انما تولد في اجواء من كانت بناءاتهم متخلخلة، وعقائدهم متزلزلة، وإلاّ فإنّ من يؤمن بأنّ أصل القضية ولبّها هو ادخار هذه النفس لصاحب هذا المعتقد، لا ينتظر إلاّ بزوغ فجره هو بنفسه دون فجر غيره الكاذب.
فيهيم في سوداء الليل بحثاً عن بصيص النور وإشراقة الشمس، فتأخذه الظلمة في التّيه والانحراف، فلا يأمن على طريق ولا يسير إلاّ في اعوجاج لا ينتهي به آخر المطاف إلاّ إلى السراب فيقع في الهاوية.

رئيس التحرير 

العدد: ٥٠ / رجب / ١٤٣٤ هـ : ٢٠١٣/٠٥/١٤ : ٤.٦ K : ٠
: رئيس التحرير
التعليقات:
لا توجد تعليقات.