الفهرس
لتصفح الصحيفة بـ Flsh
لتحميل الصحيفة كـ Pdf
المسار
صدى المهدي » العدد: ٥٠ / رجب / ١٤٣٤ هـ
مواضيع العدد
العدد: 50 / رجب / 1434 هـ

شرح دعاء الندبة / الحلقة العاشرة

شرح دعاء الندبة/ الحلقة العاشرة

رابطة إحياء دعاء الندبة

ما زال الحديث متواصلا وشرح فقرات دعاء الندبة المبارك، ووصل بنا الحديث عن الفقرة التالية:
(اِقامَةً لِدينِكَ، وَحُجَّةً عَلى عِبادِكَ، وَلِئَلّا يَزُولَ الْحَقُّ عَنْ مَقَرِّهِ وَيَغْلِبَ الْباطِلُ عَلى اَهْلِهِ، وَلا يَقُولَ اَحَدٌ لَوْلا اَرْسَلْتَ اِلَيْنا رَسُولاً مُنْذِراً وَاَقَمْتَ لَنا عَلَماً هادِياً فَنَتَّبِـعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ اَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى).
وتتحدث هذه الفقرة عن مفصل مهم من مفاصل الدين والشريعة، بل عن قضية أساسيّة في الوجود الإنساني على هذه الأرض، وهو بقاء الحق واستمراريته ودوامه، وأنْ يكون السائرون على درب الحق ملتفتين إلى ذلك، وإلى أنّ هناك اعلاماً للهداية يستنار بهم في سلوك درب الحق.
وفي مقابل ذلك وعلى نهج السنن الكونية الإلهيّة شق الطريق الآخر وهو طريق الباطل، وكذلك له اعلام ضلال تزول بالناس عن طريق الحق فتسلك بهم دروب الباطل والضلال والانحراف.
والذي يؤمّن للإنسان حالة الاستقرار في السير الحقّي _في طريق الحق_ وعدم زواله إلى _السير في طريق الباطل_ وهو ذلك الشاخص الذي تحدّث عنه المقطع، وهو الرسول الذي يقوم بوظيفة بيان الحق، أوّلا، وبيان طريق الباطل ثانياً، ويضع لطريق الحق موازين اذا تمسك بها سائرو درب الحق لن يزولوا عنه بينما اذا تخلّوا عن ذلك ولم يتمسّكوا بها فإنّهم سيزولون عن الطريق الحقّي ويتجهون إلى طريق الضلال وينتهي بهم الحال الى السقوط في ظلمات الانحراف وتيه العقيدة، واتباع أهل الفتنة ومروّجي الباطل، والظلمة.
وقد أولت الشريعة المقدسة أهميّة قصوى لإقامة الدين وجعل الحجّة، ولا نبالغ إذا قلنا بتواتر روايات إقامة الحجة في الأخبار والزيارات وغيرها من الموروثات الإسلامية. وقد افردت لهذا الموضوع تصنيفات كثيرة واشبع البحث فيه وتم تناوله من جهات متعددة، ومن أبرز ما ورد في الروايات أنّ الوجود قائم على وجود الحجة، ولولا الحجّة ووجوده لساخت الأرض بأهلها، ولما كان للدين بل وللدنيا استقامة وقيام وسير، بل وذكر حتى المخالفون لهذه العقيدة الحقّة عبارات تؤكد أنّ وجود الحجة قضية لابدّية وأنّ بها قوام الدين والدنيا، فهذا ابن تيمية مؤسس المذهب السلفي الوهابي والذي يعتبر من أكثر المذاهب تطرفاً وتكفيراً واقصاءً يقول في كتابه (الراعي والرعية) حيث ذكر: أنّ ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين والدنيا بل لا قيام لهما إلاّ بالحجّة والقيّم الذي يحفظ الدين والدنيا من الزوال والإتجاه عن الحق إلى الباطل.

وقد سلط الشيخ الكليني الضوء في كتابه (الكافي) من خلال عدّة أبواب على أهميّة الحجّة وضرورة وجود الإمام الحجّة عليه السلام، ومما ذكره من تلك الأبواب أنّ الأئمة كلهم قائمون بأمر الله وأنّ الأرض لا تخلو من حجة، ولو لم يبق في الأرض إلاّ رجلان لكان احدهما الحجّة، وأنّ الأئمة هم أركان الأرض، والشهداء على الخلق، وأنّهم الهداة وولاة الامر وخلفاء الله تعالى، ومما جاء من تلك الأحاديث عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: (انّا لما اثبتنا أنّ لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنّا وعن جميع ما خلق ... ثبت أنّه له سفراء في خلقه ... يدلّونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم ... ثم ثبت ذلك في كل دهر وزمان مما أتت به الرسل والأنبياء من الدلائل والبراهين لكي لا تخلو ارض الله من حجّة).
وعنه عليه السلام أيضاً أنّه قال: (الحجّة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق).
و كذلك عنه عليه السلام قال: (إنّ الأرض لا تخلو إلاّ وفيها إمام كيما إنْ زاد المؤمنون شيئاً ردّهم وإنْ نقّصوا أتمّه لهم).
وعن أبي جعفر عليه السلام قال: (والله ما ترك الله أرضاً منذ قبض آدم عليه السلام إلاّ وفيها إمام يهتدى به إلى الله وهو حجّته على عباده ولا تبقى أرض بغير إمام حجة لله على عباده).

العدد: ٥٠ / رجب / ١٤٣٤ هـ : ٢٠١٣/٠٥/١٤ : ٦.٥ K : ٠
: رابطة إحياء دعاء الندبة
التعليقات:
لا توجد تعليقات.