رواية (من ظهري) تكذب دعوى اليماني المزعوم
رواية (من ظهري) تكذب دعوى اليماني المزعوم
محمد علي الساري الناصري
وردت هذه الرواية في مصادر عديدة منها (الكافي) و(كمال الدين) و(الغيبتين) و(الارشاد) و(الاختصاص) و(دلائل الامامة) و(الهداية الكبرى) وغيرها.
يستدل بهذه الرواية جماعة المدعو احمد كاطع على أنّه ابن الإمام المهدي عليه السلام مستندين إلى هذا المقطع (ولكني فكرت في مولود يكون من ظهري الحادي عشر من ولدي) والرواية التي يستدلون بها تروى بطريقين وبثلاثة متون، أمّا من جهة الطريقين فينتهي كل منهما إلى ثعلبة بن ميمون عن مالك الجهني عن الحارث بن المغيرة النصري عن الاصبغ بن نباتة عن امير المؤمنين.
أولاً: المتن الأول وروي بلفظ (ولكن فكرت في مولود يكون من ظهري الحادي عشر من ولدي هو المهدي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً تكون له حيرة وغيبة يضل فيها اقوام ويهتدي فيها آخرون) روى هذا المتن كل من:
1 _ ابن بابويه القمي، في (الامامة والتبصرة) في باب الغيبة ص120.
2 _ الشيخ الكليني، في الكافي في الجزء الاول في باب الغيبة ص238.
3 _ الشيخ الصدوق، في كتاب كمال الدين في ص289 باب ما اخبر به أمير المؤمنين عليه السلام من وقوع الغيبة، الحديث الاول.
4 _ الشيخ محمد بن ابراهيم النعماني، في كتاب (الغيبة)، الباب الرابع، الحديث الرابع، باب ما روي في أن الأئمة اثنا عشر إماماً.
ثانياً: المتن الثاني وروى الحديث بمتن (ولكن فكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي هو المهدي الذي يملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلما وجورا تكون له حيرة وغيبة يضل فيها اقوام ويهتدي فيها آخرون) كل من:
1 _ الشيخ المفيد، في (الاختصاص) ص209 باب اثبات امامة الاثني عشر.
2 _ الشيخ الطوسي، في (الغيبة) ص65 تحت الرقم 127 وفي ص336 تحت الرقم 282، وكذلك في (الهداية الكبرى).
ثالثاً: المتن الثالث وروى بلفظ (فكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر هو المهدي يملأها عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً تكون له حيرة وغيبة يضل فيها اقوام ويهتدي بها آخرون)
محمد بن جرير الطبري في (دلائل الامامة) ص530 الحديث 504/108 باب معرفة ما ورد من الاخبار في وجوب الغيبة.
الأبحاث حول هذا الحديث:
البحث الأول: السندي.
البحث الثاني: الزيادة والنقصان عند اختلاف النسخ وما هو الاصل المعتمد في هذه المسألة.
البحث الثالث: البحث الدلالي.
البحث الأول: السندي.
حيث أن المراد اثباته من خلال هذا الحديث حسب ما يدعي هؤلاء هو انتساب احمد كاطع إلى الإمام المهدي مباشرةً أي انه من صلبه فلابد ان تكون الادلة التي يعتمدها هؤلاء ادلة من سنخ ما يعتمد في اصول الدين (لانهم يقولون إنّ هذه المفردة من اصول الدين) بمعنى أن تكون الأدلة قطعية لا ظنية لأنّ (الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا).
وهذا الحديث فضلاً عن انه ليس متواتراً أي ليس قطعي الصدور فهو ضعيف سنداً إذ أنّ في طريقه مالك الجهني ولم تثبت وثاقته.
البحث الثاني: الزيادة والنقصان عند اختلاف النسخ وما هو الاصل المعتمد؟
الأصل في الكلام الواصل ألينا أنّ من كتبه ودونه ملتفت إلى ما يكتب ويدون وانه لا يسهو ولا يغفل ولا ينسى بناءاً على اصالة العقلاء القاضية بأنّ الاصل عدم الغفلة والخطأ والنسيان, فجريان العقلاء على الاخذ بما ينقل اليهم مبتنين فيه على أنّ الناقل عندما ينقل أو يكتب ما نقل اليه يكتب ذلك وينقله لا عن غفلة ولا عن خطأ ولا عن نسيان، لذلك يقول العلماء في مقام التعارض بين الزيادة والنقيصة كان بناء اهل الحديث والدراية على تقديم (اصالة عدم الزيادة) على (اصالة عدم النقيصة) والحكم بأن الكلام الزائد هو من اصل الرواية وليس زيادة من الراوي لانه بعيد غاية البعد ان يزيد الراوي من عند نفسه على ما سمعه من المعصوم، وهذا بخلاف سقوط الحرف أو الكلمة فانه ليس بتلك المثابة من البعد.
ولمزيد من البيان والتفصيل يراجع تقريرات بحث النائيني للخونساري ج3 ص363 وغيرها من الابحاث الاصولية والقواعد الفقهية والرجالية الاخرى.
وفي كلامنا فان الاصل يكون هو رواية (من ظهري) حيث أنّه من البعيد أنْ تكون الياء قد جيء بها زائدة من قبل النساخ، لان هذا نادر الوقوع جداً بخلاف ما لو سقطت الياء من بعض النساخ فانه في مقام التعارض بين الاخذ برواية (من ظهري) أو برواية (من ظهر) علينا أنْ نأخذ بما اشتمل على الزيادة دون النقيصة وهذا ما جرت عليه سيرة العقلاء.
البحث الثالث: البحث الدلالي.
يقع الكلام فيه حول هذه الرواية ضمن محاور:
المحور الأول: والحديث فيه مبني على اعتمادنا لرواية (من ظهري) فبناءً على هذه الرواية يكون المعنى هكذا فكّرت (أي أمير المؤمنين عليه السلام) في مولود يكون من ظهري وهو الحادي عشر من ولدي وهو الإمام المهدي عليه السلام وحيث أنّ أولاد أمير المؤمنين من المعصومين عليهم السلام هم احد عشر فيكون المقصود بالحديث مباشرة هو الإمام المهدي، والقرينة الخاصة المتصلة على ذلك من نفس الحديث قوله عليه السلام هو المهدي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً تكون له حيرة وغيبة يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون، فهذه القرينة المتصلة تبين ما هو المراد من هذا المولود الذي فكر فيه أمير المؤمنين، وهي تدل بصراحة على أنّ فكر أمير المؤمنين عليه السلام في هذا المولود وهو المهدي الذي يتحقق على يده الوعد الإلهي.
وعلى هذا الوجه لا نحتاج الى كثير مؤونة في بيان ان الذي فكر فيه امير المؤمنين والذي يكون من ظهره هو الامام المهدي خاصةً لا غير.
المحور الثاني: والحديث فيه مبنيٌ على ما اذا اعتمدنا رواية (من ظهر) وبناءً على هذا الوجه نرى أنّ الحديث لا يُقصد به إلاّ الإمام المهدي عليه السلام لوجوه عديدة منها:
1- إنّ الحديث صريح في أنّ أمير المؤمنين عليه السلام يتحدث عن غيبة الإمام المهدي عليه السلام إذ يقول أمير المؤمنين عليه السلام (ولكني تفكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي هو المهدي الذي يملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً تكون له حيرة وغيبة تضل فيها اقوام ويهتدي فيها آخرون) فأمير المؤمنين عليه السلام لا يتحدث في هذا المقطع عن ولد يكون للإمام المهدي عليه السلام تكون لهذا الولد حيرة وغيبة وانه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً إذ أنّ ما لا ريب فيه أنّ من يملأ الأرض عدلاً وقسطاً وان الذي له غيبة هو خصوص المهدي فقط.
2- إنّ قوله عليه السلام (من ولدي) تكون صفةً لـ(مولود) لا أنّه متعلق بالحادي عشر، بمعنى مولود من ولدي من ظهر الحادي عشر من الأئمة عليهم السلام أي من ظهر الإمام الحسن العسكري الذي هو حادي عشر أئمة أهل البيت عليهم السلام.
3- إنّ مرجع كلمة (الحادي عشر) في الحديث هو الإمام الحسن العسكري عليه السلام إذ أنّ روايات الاثني عشر ومن الفريقين منصرفة إلى خصوص الأئمة الاثني عشر.
المحور الثالث: الكلام المتقدم كله مبتنٍ على ما إذا اعتمدنا واحداً من المتنين الاوليين، امّا إذا اعتمدنا المتن الثالث المروي عن دلائل الامامة بلفظ (فكّرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر هو المهدي) فإنّ دلالة النص في هذا الخبر على أنّ المراد من الحادي عشر هو الإمام الحسن العسكري وأنّ المولود الذي يكون من ظهره هو المهدي لا يختلجها ريب ولا شك ولا يحتاج معها الى زيادة بيان.
إنّ مما ينبغي أنْ يلتفت إليه أنّ هؤلاء يدعون عصمة احمد السلمي ويعتقدون أنّ الأبحاث التي ترتبط حول ما يدعي لا بد أنْ تثبت من سنخ ما تثبت به مسائل اصول الدين، وبدورنا نسأل منهم ما هو الموجب لترككم العشرات من الروايات التي تحصر الأئمة بالاثني عشر وأنّ الحادي عشر منهم هو الإمام العسكري عليه السلام والثاني عشر هو الإمام المهدي عليه السلام الذي يملأها عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً وتمسككم برواية واحدة وإنْ سلّمنا صحة سندها فهي تدل على ان هذا المولود هو المهدي والقرينة عليه متصلة وهي (هو المهدي) إلاّ أنّ ما تقدم من بحث يثبت اجمالها من حيث تعدد متونها واجمال مداليل الفاظها كما سيتضح ذلك اكثر في التتميم.
فعليه على اقل تقدير تكون هذه الرواية من المتشابهات التي لا بد فيها من الرجوع إلى محكمات الأحاديث والروايات والتي تنص على أنّ من يملأ الأرض قسطاً وعدلاً هو الإمام المهدي لا غير، ومعه لا نرى موجباً للتمسّك بالاستدلال بهذه الرواية على ما يدّعي هؤلاء الا اتباع الهوى والانجرار خلف ارادة الاستكبار الشيطاني في محاولة تشويه صورة مذهب اهل البيت عليهم السلام من خلال العقيدة المهدوية بحيويتها وجاذبيتها.
بقي شيٌ في غاية الاهمية لا بد لنا من الالتفات اليه في كل دعوى سواء كان مدّعيها صادقاً او كاذباً وهو ان يقدّم دليلاً قطعياً يثبت به أنّ الاوصاف المحكية في الرواية تنطبق عليه خارجاً وتنحصر به، وحيث أنّ هذا غير متحقق في احمد الحسن حتى على نحو الاحتمال فيثبت بطلان ما يذهب اليه من انه المقصود بهذه الرواية.
بقي لتتميم البحث امور:
الأمر الأول: في علاج ما يظهر من وجود تنافٍ بين غيبة الإمام وبين ما ورد في رواية الاصبغ مما هذا لفظه (يا مولاي فكم تكون الحيرة والغيبة؟ قال عليه السلام: ستة ايام او ستة اشهر أو ستة سنين) فإن هذا يتنافى مع غيبة الإمام التي حصلت على نحوين صغرى ودامت قرابة سبعين سنة وكبرى ولا زلنا نعيش ايامها, هذا بناءاً على الروايات التي ذكرت هذا القول أي (ستة أيام أو ستة اشهر أو ستة سنين) اما بناءً على المصادر الاخرى التي ذكرت الرواية ولم تذكر هذا المقطع وهي (الاختصاص) للمفيد و(الغيبة) للطوسي في احدى الروايتين و(الامامة والتبصرة) و(كمال الدين) و(الغيبة) للنعماني و(دلائل الامامة) فانه لا يتأتى القول بوجود تنافٍ.
وفي مقام الجواب عن هذا التنافي توجد عدة وجوه يرفع بها التنافي المتوهم:
الوجه الاول: بعد وضوح أنّ المراد به من الولد هو الإمام المهدي عليه السلام بقرينة تصريح الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بذلك فإنه يحتمل أنْ يكون عليه السلام قد اشار من خلال المقطع الذي ذكر فيه مدة الغيبة مردداً، أشار إلى قانون البداء وخضوع كل ما عدى نفس ظهور الإمام المهدي عليه السلام لهذا القانون والقرينة المنفصلة هي الرواية التي ذكرت البداء حتى في العلامات الحتمية واستثنت نفس الإمام عليه السلام, ففي كتاب الغيبة للنعماني في الباب18 الرواية تحت الرقم 10 عند داوود بن القاسم الجعفري قال: كنا عند ابي جعفر محمد بن علي الرض عليه السلام فجرى ذكر السفياني وما جاء في الرواية من ان امره من المحتوم فقلت لابي جعفر: (هل يبدو لله في المحتوم؟.
قال: نعم.
قلنا له: فنخاف ان يبدو لله في القائم.
فقال عليه السلام: إنّ القائم من الميعاد, والله لا يخلف الميعاد).
الوجه الثاني: يحتمل أنْ يكون الترديد في الرواية من جهة الأيام إشارة إلى خروج فعلي للإمام إذا تحققت شرائط ذلك كما حصل مع الإمام الصادق عليه السلام إذ قال: (كان هذا الأمر فيَّ فأخره الله ويفعل بعد في ذريتي ما يشاء) بحار الأنوار ج52 ص106 رواية رقم 12, وفي رواية اخرى قال أبو جعفر (يا ثابت ان الله تعالى كان وقت هذا الأمر في السبعين فلما قتل الحسين اشتد غضب الله على أهل الأرض فأخره إلى أربعين ومائةً فحدثناكم فاذعتم الحديث وكشفتم قناع الستر فأخره الله ولم يجعل له بعد ذلك وقتاً عندنا ويمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب) بحار الأنوار ج52 ص105, فمجرد ذكر الأيام مرددة على لسان أمير المؤمنين لا يعني حتمية ذلك كما لا يخفى.
الوجه الثالث: يحتمل أن يكون الترديد في هذا الحديث مراداً به خصوص الغيبة الصغرى فقط لذلك قال عليه السلام له غيبة أي أن الإمام علي عليه السلام يتحدث عن أن الإمام المهدي عليه السلام سوف يغيب بعد موت أبيه هذه الفترة فإذا توفرت له شروط الخروج خرج وإلا استمرت الغيبة إلى أمدها المحدد عند الله سبحانه وتعالى.
الوجه الرابع: إن الإمام علي عليه السلام يتحدث في هذا المقطع حول غيبة ليست هي بالمعنى الاصطلاحي المتعارف عندنا لان الغيبة حسب المشهور وقعت بعد شهادة الإمام العسكري عليه السلام وحسب هذا الوجه فإنه عليه السلام يريد أن يتحدث عن فترة ما قبل وقوع الغيبة (الصغرى والكبرى)، بعبارة يريد عليه السلام أن يحدثن عليه السلام عن غيبةٍ ستحصل للامام المهدي بعد ولادته مباشرةً، وتستمر هذه الغيبة إلى استشهاد أبيه عليه السلام، واستمرارية هذه الغيبة مردد بين الستة أيام أو الستة اشهر أو الست سنين، ثم بعد انتهاء هذه الفترة يتسلم الإمام مهام إمامته ويغيب غيبته الاصطلاحية والمتعارفة عندنا، بعبارة اخرى ان الامام يتحدث عن حصول غيبة له قبل تسلمه مهام إمامته، وملخص ما نريد أن نقوله في هذا الوجه ان حديث امير المؤمنين عليه السلام عن الترديد الحاصل يقع في زمن ما بين ولادته عليه السلام وبين تسلمه لمهام إمامته عليه السلام.
الوجه الخامس: من المحتمل أن يكون الترديد إشارة إلى الغيبة الصغرى اذا لاحظنا هذه الرواية المروية عن الإمام السجاد عليه السلام، والتي يرويها كمال الدين في الباب الحادي والثلاثين ص323 (وان للقائم منا غيبتين احداهما اطول من الاخرى, أما الاولى فستة ايام أو ستة اشهر أو ست سنين، اما الاخرى فيطول أمدها...).
الوجه السادس: انه بناءً على رواية النعماني في الباب الرابع تحت الحديث 4ص69 التي تقول: (فقلت يا أمير المؤمنين فكم تكون تلك الحيرة والغيبة؟.
فقال: سبت من الدهر).
أي مدة من الدهر لم يبينها أو يحددها أمير المؤمنين عليه السلام.
فإن قيل هذا ينسجم مع غيبة واحدة لا غيبتين؟.
قلنا: حديث أهل البيت عليهم السلام عن الغيبة تارة يكون بنحو بيان الغيبة مع خصوصية معيّنة وتارة يكون بمعزلٍ عن ذكر أي خصوصية تتبيّن بها نحو الغيبة فاذا كان الحديث منهم عليهم السلام عن الغيبة وبما يرتبط بأحوال السفراء واحداث اوائل الغيبة كان الحديث عن خصوص الغيبة الصغرى، واذا كان الحديث عن احوال ما بعد هذه الغيبة الى زمن الظهور فهو حديثٌ عن الغيبة الكبرى وتارة يكون الحديث عن الغيبة بما هي غيبة دون بيان أي خصوصية او تفصيل سواء كان للغيبتين معاً او لغيبة معينة، وأحاديث أهل البيت عليهم السلام التي تحدثوا فيها عن الغيبة مطلقاً كثيرة ولا يلزم منها أن للإمام المهدي عليه السلام غيبةً واحدةً فقط ومن هذه الأحاديث هذه الرواية التي رواها الشيخ الصدوق في كمال الدين ص139 (...وانه المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً, وانه تكون له غيبة وحيرة يضل فيها أقوام ويهتدي آخرون).
الأمر الثاني: إنْ قيل إنّ كلمة (من ولدي) الواردة في الرواية يختل بها معنى الحديث إنْ عددنا الحادي عشر هو الإمام العسكري عليه السلام، بعبارة أخرى إنّ تفسير الحديث بعدم إرادة الإمام المهدي من الحادي عشر يلزم منه اختلال التركيب؟
قلنا لا يختل المعنى في حديث الاصبغ وذلك لعدة وجوه:
الوجه الأول: إنّ كلمة الاثني عشر منصرفة عند الفريقين إلى خصوص الأئمة الاثني عشر من أهل البيت الذين أولهم علي وآخرهم المهدي عليهم السلام جميعاً دون أنْ يكون أدنى شك في إرادة غيرهم.
الوجه الثاني: إنّ هذا الأمر متداول ومعروف وهو من باب التغليب فإنّ إطلاق الاثني عشر على الأئمة بلفظ من ولد أمير المؤمنين أو من ولد الزهراء او من ولد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم جميعاً متداول ومألوف في الروايات، ففي حديث اللوح روى الكافي في ج1 ص532 (عن جابر بن عبد الله الانصاري قال دخلت على فاطمة عليها السلام وبين يديها لوح فيه اسماء الاوصياء من ولدها فعددت اثني عشر آخرهم القائم عليه السلام...).
وفي (الكافي) ج1 ص533 باب ما جاء في الاثني عشر (سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول الاثنا عشر الإمام من آل محمد عليه السلام كلهم محدث من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وولد علي بن أبي طالب عليه السلام فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي عليه السلام هما الوالدان).
وفي (البحار) ج27 الباب التاسع الحديث 19 عن الحسن بن علي عليهما السلام (والله لقد عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماماً من ولد علي وفاطمة).
فإننا نفهم من خلال هذه الجملة من الأحاديث وغيرهما أن الأئمة يطلقون الاثني عشر حتى وإنْ صرحوا بانّهم من ولد أمير المؤمنين عليه السلام.
وختاماً نريد من اتباع هذا الضال المنمّس أنْ يأتينا برواية واحدة تذكر أنّ ابن الإمام المهدي هو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً كما يدعون.