شيعة لبنان وصدق العنوان
التمهيد المهدوي
انّ انتشار مذهب أهل البيت حالة حتمية سيؤول إليها أمر البشرية لا محالة، وان مسألة تحقيقها امر بات قريبا؛ لاسباب كثيرة، من ابرزها الفكر الضخم والاطروحة المفعمة بعلاج المشاكل البشرية المزمنة، فالدين المحمدي يمثل حالة التواصل الحيوي مع مبادئ السماء وإلى يومنا هذا من خلال ولي الله الأعظم الحجة بن الحسن عليه السلام.
ونحــــــن في ((صدى المهدي)) سنفرد لهـــــذه الظاهرة الحتمية صفحة خاصة نتناول خلال اعمدتها انتشار التشيع فكراً وعقيدة في أغلب بلدان العالم والذي يسهم ان شاء الله في تهيئة الأرضية المناسبة والجو الملائم للظهور المبارك لصاحــــــــب العصر والزمان عليه السلام.
هيئة التحرير
شيعة لبنان وصدق العنوان
لبنان/الاسم والموقع:
لبنان او الجمهورية اللبنانية هي إحدى الدول العربية، وتقع في جنوب غرب القارة الآسيوية، تحدّها سوريا من الشمال والشرق، وفلسطين من الجنوب، وتطل من جهة الغرب على البحر الأبيض المتوسط بشاطئ طوله 225كم.
الواقع الديمغرافي السكاني:
قدّر سكان لبنان حسب احصائية في سنة 2008 بنحو 3,971,941 نسمة. الأكثرية الغالبة من اللبنانيين هم من العرب، وهناك الأرمن والكرد والسريان.
الواقع الديمغرافي الديني:
تصل نسبة المسلمين الشيعة في لبنان إلى 41% ونسبة المسيحيين إلى حوالي 40% والباقي من السكان هم من المسلمين السنّة والطوائف الأخرى.
لبنان/الواقع الاقتصادي:
يعتبر لبنان أحد أكثر المراكز المصرفية أهمية في آسيا الغربية، ولما بلغ ذروته أصبح يعرف بـ(سويسرا الشرق) لقوة وثبات المركز المالي وتنوّعه آنذاك.
استقطب لبنان أعداداً هائلة من السياح لدرجة اصبحت معها بيروت تعرف بـ(باريس الشرق)، ولكن وبعد الحرب الأهلية هناك تغيرت المعادلة الاقتصادية تلك وكان ماكان.
لقد جرت محاولات لإصلاح الاقتصاد بعد ذلك، وإنّ المعروف عن المجتمع اللبناني أنّه مجتمع تجاري، وقد سمح انتشار اللبنانيين في العالم في بناء علاقات تجارية عالميّة.
إنّ طبيعة لبنان مناسبة للزراعة من حيث وفرة المياه والاراضي الخصبة وهي الأعلى نسبة بين البلدان العربية الآسيوية، ولكن الاستثمارات في الصناعات الغذائية ضعيفة ولا تجذب أكثر من 12% من اليد العاملة والناتج من الزراعة لا يتجاوز 11% من إجمالي الناتج المحلي وهو الأدنى بالمقارنة مع القطاعات الاقتصادية هناك.
يركز الصناعيون اللبنانيون على الصناعات التحويلية وإعادة التركيب لمنتوجات مستوردة.
من أهم الصناعات هناك صناعة الأغذية والمنسوجات والكيمياويات والاسمنت ومنتجات الاخشاب وتصنيع المعادن والمجوهرات وتكرير النفط.
وهناك موارد طبيعية أخرى مثل الحجر الجيري وخام الحديد والملح.
ومن أهم الحرف في لبنان صناعة القش والفخار والخزف والزجاج المنفوخ والنحاس والنسيج والخشب، وصناعة السكاكين وصهر الأجراس والحلي من الفضّة وصناعة الصابون والتطريز.
انتشار الشيعة في لبنان:
يتركّز معظم الشيعة اللبنانيين في المناطق الغربية والشمالية من وادي البقاع. كذلك في ضواحي بيروت الجنوبية. بالإضافة إلى الجنوب (جبل عامل). بالإضافة إلى بقية ربوع الوطن اللبناني.
لبنان والتشيع:
ما كادت شمس الإسلام تشرق على ربوع الشام ومنها لبنان بطبيعة الحال حتّى حجبت سدول الظلم نور شمس الدين الحنيف عن أهل هذه الربوع، فكانت سياسة الطلقاء في حرف الإسلام عن مساره الصحيح وإفراغه من روحه، متمثلة تلك السياسة بما قام به الأمويون وابنهم معاوية إبن قائد جبهة الكفر أبي سفيان بخلق تعاليم جديدة ليس فيها من الإسلام المحمدي شيء. بل إنّها أغرقت بإسلام سفياني بدويّ أموي.
فقد نزا أولئك على منبر رسول الله بفتاوى جديدة هي غير ما أراده الله لدينه الخاتم، ومن رحمة للبشرية حتى لقد استهدف كلّ من بقي على أصالة دينه رافضاً الدين المختلق والفتاوى المبتدعة.
حيث كان شيعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم هم المستهدفون وأصحابه هم المبعدون. ومن أولئك، الصحابي الجليل.. الإيماني المؤمن ابو ذر الغفاري وما فعلته أيادي أمية به من تعذيب وتشريد، ومن ضمن ذلك إبعاد هذا المحمدي البار إلى لبنان.
وهنا لدينا وقفة، حيث يعزو قسم من الباحثين دخول التشيع إلى ربوع لبنان إلى زمن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، إذ انتشر بوساطته، وذلك بعد ما بدأ الاستئثار الاموي أيام الخليفة الثالث، حيث نفي هذا الصحابي من المدينة المنورة الى الشام، لكنه لم يبق في عاصمتها، وانما سيّر الى الاراضي البعيدة، فكان ما كان منه من نشره آرائه في تلك الاطراف خصوصا في الجنوب اللبناني.
مع انّ باحثين أخر يقولون إنّ أصل التشيع اللبناني يعود الى عهد الإمام علي عليه السلام وذلك اثر هجرة ضخمة من القبيلة الشيعية المعروفة (همدان) التي اسلمت اساساً على يد الإمام عليه السلام، وتبعته وسكنت الكوفة وذلك بعد ان اتخذها الإمام عليه السلام عاصمة له بعد واقعة الجمل، ومن ثم ارتحلت همدان بتشيعها الى الشام ومنه بواقع الحال لبنان وجنوبه.
وعلى أيّة حال فقد كان الشيعة وكانت اصالتهم هناك ووجودهم الواقعي الذي لايمكن أنْ يستره ستر.
وليس أدل على اصالة وجود الشيعةفي بلدهم لبنان من أنّهم انتجوا من هناك رجالا كان تاريخهم لامعاً، واثرهم واضحاً ليس في تاريخ الشيعة فقط بل تاريخ المنطقة والاسلام، ومنهم:
- الشهيد الاول محمد بن مكي (734-786هـ):
وقد قرأ على علماء جبل عامل قبل ان يذهب الى العراق وقد كان يتردد على دمشق لارشاد المؤمنين فيها.
- المحقق الكركي (نسبة الى كرك نوح في بعلبك) (ت940هـ):
وهو معروف في رحلاته في البلاد الاسلامية ومنها ايران.
- الشهيد الثاني زين العابدين بن علي (911-966هـ).
- والد الشيخ البهائي (918-984هـ).
- صاحب المعالم ابن الشهيد الثاني (959-1011هـ).
مؤسسات شيعية لبنانية:
عندما يذكر أمر مؤسسات الشيعة في لبنان فإنّه اول ما يتبادر الى الذهن هو:
مرقد السيدة خولة بنت الحسين عليه السلام/في بعلبك:
فهذا المرقد الشريف يقف شاهد صدق على ما تعرضت له عيالات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعيال سبطه الإمام الحسين عليه السلام على يد الطغمة الأموية الفاسدة من ظلم وسبي وإهانة وتحقير، وما قاسته بنات البيت المحمدي من مرارة الذل بعد قتل سيد الشهداء عليه السلام. ومنهم الطفلة المنكوبة بقتل أبيها وما عانته من عناء الطريق من كربلاء الى الشام، فلقد توفيت مظلومة بسبب ما قاسته من عذاب ومن عطش وجوع. فدفنت هناك في (بعلبك) ليكون قبرها مناراً يرتاده المؤمنون من كل حدب وصوب.
لقد خص الله تعالى منطقة بعلبك بوجود هذا المرقد الشريف من رائحة الإمام الحسين عليه السلام العطرة، والتي تفوح على أرجاء المنطقة بأكملها.
ومن المؤسسات الشيعية في لبنان أيضاً والتي أخذت دورها الفاعل في إظهار دور شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم في لبنان وذلك بعد محاولات الطمس الاستعماري لوجودهم في وطنهم لبنان. ما يأتي:
- معهد الإمام المهدي عليه السلام للعلوم الإسلامية/بيروت.
وينشط في انه يعتمد الأسلوب الأيسر والأسهل لتحصيل العلوم الإسلامية، فهدفه إيصال العلم إلى اكبر قدر ممكن من المسلمين.
- جمعية الإعداد الخيرية/بيروت/الغبيري:
المدير: الحاج علي زريق.
وتنشط الجمعية في تكفل الايتام وإغاثة المنكوبين ورعاية العجزة والمرضى والمعاقين ممن لا معيل لهم. دون التفرقة بين طائفة ومذهب ودين.
- جمعية مؤسسة الجهاد الانمائية/بيروت/حارة حريك:
وتنشط في انها تهتم برفع المستوى المعيشي في لبنان.
- مؤسسة الإمام علي عليه السلام/بيروت.
- جامعة الحضارة العربية والاسلامية العالمية/بيروت:
مديرها: الدكتور مخلص الجدّة.
وتنشط في عرض الوجه الحضاري المشرق للاسلام وحضارته ولها 19 كلية. والعديد من الاقسام.
- مؤسسة الامام الحسين عليه السلام/بيروت:
مديرها: جهاد عبد الله.
وتنشط في اصدار مجلة باسم (نور الاسلام) تعنى بالفكر الاسلامي الاصيل وقضايا مجتمعية.
- المركز الاسلامي للدراسات/بيروت/حارة حريك:
مديرها: السيد جعفر مرتضى العاملي.
وتنشط في اصدارات عقائدية، والإجابة عن الاسئلة العقائدية والكلامية والتاريخية، ودراسات قرآنية، وبحثية وفقهية، وشؤون المرأة وعلم الحديث.
- مؤسسة القائم عليه السلام/في شمبطار:
مديرها: السيد محمد الحسيني.
وتنشط في تقديم دروس دينية، ودورات ثقافية، ونشاطات اجتماعية، كذلك إحياء مناسبات أهل البيت عليهم السلام.
- مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث/بيروت/الضاحية.
- المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى/بيروت.
ورئيسه: الشيخ عبد الامير قبلان.
الشيعة اللبنانيون وابطال اسطورة الجيش الذي لا يقهر:
لقد وصل الصلف بالمستعمر الغربي الذي يسير على نهج الصليب المتصهين أنْ يعمد إلى إلغاء معالم الوجود الشيعي في لبنان.
بل ويتعدى ذلك إلى طمس أصالته، بأنْ يجعل وجوده تابعاً لوجود غيره الذي ليس له تاريخ، غناك عن وجوده الفاعل أو المؤثر.
فقد أجرم المستعمر الفرنسي بأنْ لا يجعل للشيعة مكانة في مجتمع لبنان بالرغم من أنهم الجزء الأهم هناك.
ولكنّ الأصالة تأبى إلاّ أن تكون متجذرة، وأنّ الحقيقة لا يمكن إلاّ أنْ تكون متأصلة. فقد عمل شيعة لبنان على أنْ يكونوا شيعة عقيدة، فعلاً وقولاً، حيث عملت قياداتهم أنْ تدرج في هذا المضمار. لتخلق منهم أعجوبة الزمان، ولا ننسى هنا جهود السيد موسى الصدر في نشر المعاهد والكليات والمؤسسات الجامعية والدينية في إذكاء روح التشيع والتفاعل مع أبناء الوطن اللبناني، والعمل الحثيث في إبراز ما عند الشيعة من عقيدة تظهر ترجمتها في إعداد جيل متعلم مؤمن قوي به يستردّ لبنان هيبته بعدما عانى ما عانى من إذلال وعنجهيّة صهيونية من اللقيطة إسرائيل.
وهكذا كان الطريق المعبد بالتضحيات أن يصل بأتباع آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم هناك لأن يبطلوا أسطورة أقوى جيش في العالم.
كما يروّج لذلك أتباع الماسونية والصهيونية حيث تمكنت مقاومة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم من دحر جيش العدو في أيام معدودة، وكأنّها بهذا تحقق خطوات على طريق التمهيد المهدوي وذلك في إضعاف أعداء الله، أصحاب الظلم والجور، وتهيئة أسباب الظهور المهدوي المقدس حيث القسط والعدل، وكان ثبات أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن شايعه في بدر الكبرى عنوان صدق اليوم على شيعة لبنان.
صور من عاشوراء/ لبنان- الضاحية الجنوبية