رسالة شوق إلى من ينتظره العالم بأسره
رسائل قطيفية
رسالة شوق إلى من ينتظره العالم بأسره
هيفاء آل عبد الحي
السلام عليك إمامي ومقتداي يا صاحب العصر والزمان عجّل الله لك الفرج، وسهّل لك المخرج، مولاي يا مولاي لطالما امتلأ عقلي بذكرك وقلبي بحبك، لكن هذه المشاعر ظلت حبيسة بين حنايا قلبي ولا يعلم بها إلاّ ربي.
وهذه المرة الأولى التي أبوح بها واسطّرها بالحبر على الورق ولكن ليس أي حبر، انه حبر من ذهب، وورق أغلى من الياقوت والماس، لأنّه قد سطّر عليه اصدق مشاعر، كيف لا.؟!.. وتلك المشاعر موجّهة إلى أشرف وأعظم الخلق، فهاهي أحاسيسي تبحر نحو شخصك الكريم وتتلهف إلى طلعتك البهية.
يا إمامي كلما مرت ذكرى استشهاد أئمتي العظام جلست في زاويةٍ وأجهشت بالبكاء.
تذكرتك فارتفع صوتي وزاد النحيب، تخيلت ألمك وبكاءك وحسرتك في تلك اللحظات وكيف هي مشاعرك ومن ذا يواسيك ويقف بجانبك، وتمنّيت أنْ أراك وأواسيك وأعزّيك، فعندها خبّأت صورتك في عيني وغفوت...ورأيت حلماً عجيباً غريباً.
رأيت القمر بازغاً في النهار وصوت الأذان يرتفع في كل مكان، والقمرُ سطّرَ عليه آياتٌ من القرآن، أدركت أنّك الصراط المستقيم، وأنّك النصر المبين، ولم أرغب حينها في الاستيقاظ من ذلك الحلم الجميل حتى يتحقق ظهورك الشريف.
مولاي، أتساءل دوماً أين أنت، أبرضوى أو غيرها أم بذي طوى؟؟
عزيزٌ عليّ أنْ أرى الخلق ولا تُرى..
متى وقت الظهور؟ متى الفرج؟
كيف نستفيد منك في غيبتك؟
ولكن ما لبثت حتى أدركت الجواب...
في كل المحن أقسم على الله عز وجل بكم يا مولاي، فتنجلي الهموم وتنكشف المحن، أجدك حاضراً في كل معضلة يا سيدي، فيتبدد الحزن ويعمّ الفرح.
أنت برغم الغياب حاضر معنا في كل زمان وأوان.
أنت في صلاتنا ودعائنا.
وكلنا أمل أنْ تشدّ على عزيمتنا لكيلا نقترف الذنوب والمعاصي، وأنْ نتقرب بالطاعات من الخالق الباري حتى نستحق أنْ نكون في ركبك يا إمامي.
(يا أيها العزيز مسنا واهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدّق علينا إن الله يجزي المتصدقين).
مولاي يا مولاي .. كلما قرأت دعاء الندبة ارتسم في وجداني مصاب جدك الحسين عليه السلام..
وتألمت وانقطعت أنفاسي وانهمرت دموعي كالمطر ..
إذ تراءت أمامي جدّتك الزهراء عليها السلام وارتعشت شفتاي..
وصرخت بالآه على ضلعها المكسور، وسلبها فدك وحرق بيتها وإسقاط جنينها.
فحينها رفعت يديَّ إلى السماء وناديت بصوت يعلوه الأمل بظهورك الشريف: العجل العجل العجل.
متى ترانا ونراك؟
متى تملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً؟
متى يعم الأمن و يختفي الألم؟
متى لا أرى دمعة طفل محروم وسجين مظلوم؟
متى تندثر الأحقاد والطائفية و ينتشر دين الله في كل بقاع الأرض؟
متى تشرق الأرض بنورك ويصلّي خلفك المسيح وتتحرر فلسطين ونتبارك بزيارة القدس؟
متى تأخذ بثارات الحسين عليه السلام ونحن نهتف من ورائك: يا لثارات الحسين عليه السلام؟
متى تقر عيوننا بزيارة قبور أئمة البقيع عليهم السلام وهي مبنيّة ومعمرة وقد سما بنيانها الشامخ بعد الخراب؟ ولا يحجبنا عنهم شي فتحتضن أيدينا أضرحتهم الشريفة؟
مولاي كم أتوق وأتلهّف لذلك اليوم، ولا يسعني إلاّ الدعاء لك ليلاً ونهاراً في قيامي وركوعي وسجودي بتعجيل ظهورك الشريف، وأنْ يجعلني الله من أشياعك وأنصارك...
وأعاهدك حتى ذلك اليوم، وياله من عهد عظيم أنْ أهيئ نفسي وأعدّها لنصرتك...
وأنْ لا أدخل الحزن في قلبك بوزرٍ أرتكبه، أو ظلمٍ أقترفه، حتى أستحق أنْ أنال شرف الاستشهاد بين يديك في جملة أوليائك.