تمهيدنا / عجز الإنسان عن معرفة إمام الزمان عليه السلام
تمهيـدنا
عجز الإنسان عن معرفة إمام الزمان عليه السلام
تنص الكثير من الروايات والأدعية والزيارات على وجوب معرفة إمام الزمان، واتفقت الكلمة على أنّ الجهل به _أي الإمام عليه السلام_ موجب للضلال والخسران، بينما يظهر من أخبار أُخرى أنّ من القضايا الواضحة عجز الإنسان عن معرفة إمام الزمان، لأنّ الإمام خُلِق من نور عظمة الله وهم _أي الأئمة عليهم السلام_ أشباح الوجود الإلهي وعناصر الفيض الكوني وكوابح إنزلاق العالم.
وبين هذا وذاك لابدّ أنْ نقف وقفة تأمل، استجلاءً وتوضيحاً، إذ أنّ بعض الآثار تعلق النجاة في الآخرة والثواب على الأعمال وقبول الواجبات على معرفة الإمام، والكثير من الأخبار دلّت على أنّ بعض الأعمال له القدرة على تبييض صفحة الإنسان المؤمن إذا كان هذا العمل مقروناً بالمعرفة لإمام الزمان، كما ورد في زيارة الإمام الحسين عليه السلام أنّ من زاره عارفاً بحقه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فهذه المضامين التي قرنت القبول والنجاة والثواب والغفران وتبييض الصفحة بالمعرفة لابدّ أنّها تريد مرتبة من مراتب المعرفة تتيسّر للإنسان، وإلاّ فتعليق تلك النتائج على معرفة مستحيلة لايصدر من العاقل الهادف الهادي، وعلى ذلك لابدّ أنْ تكون الاخبار التي تحدثت ويظهر منها استحالة معرفة الإمام أنّ تكون ناظرة إلى نحو من انحاء المعرفة ومرتبة من مراتبها تختلف عن المرتبة الأولى.
وعلى هذا الأساس تكون معرفة الإمام حقيقة لها مراتب متعددة، البعض منها واجب وضروري، والبعض منها يوجب زيادة الثواب، والبعض منها يوجب محو الذنوب، وهناك مراتب أخرى قد لا نكون مطّلعين عليها لانّها لم تنعكس إلينا في رواياتهم عليهم السلام، أمّا المراتب العليا لحقيقة الإمامة وكنه الإمام فهي التي استحالت معرفتها وتعذرت على الناس لانّها حقيقة نورانية مرتبطة بالله سبحانه وتعالى، وصفاتها موصولة بصفاته تعالى، فإنّ الشخص الذي يكون محلاً لنزول فيض الله سبحانه وتعالى للخلق، ويكون سبباً لنزول كلّ أمر حكيم ومحكم لايمكن للغير أنْ يعرفوه حقيقة معرفته لأنّ ادواتهم محدودة ولا تنال هذه الحقيقة، ومن هنا يمكننا أنْ نفهم بعض الاخبار التي تحدثت عن مضمون (نزّهونا عن الربوبيّة وقولوا فينا ما شئتم).
وعلى هذا الأساس لابدّ أنْ تتجول نفوس المؤمنين وعقولهم وأرواحهم في المراتب التي يمكن التماسها من حقيقة الإمام فتوجب التزوّد والتقرّب والقبول.
فهذه النافذة هي التي ينبغي لنا أنْ نتحاكم من خلالها على قراءتنا للأحاديث الشريفة، وأنْ تكون هذه القراءة موزونة ومستوعبة الطرفين أو الأطراف من الروايات لكي نخرج بالنتائج التي تنسجم مع ما أسسه أهل البيت عليهم السلام وأرادوه لنا من عقيدة تقودنا في إصلاح دنيانا وكسب أخرانا.
رئيس التحرير