الفهرس
لتصفح الصحيفة بـ Flsh
لتحميل الصحيفة كـ Pdf
المسار
صدى المهدي » العدد: ٥٩ / ربيع الثاني / ١٤٣٥ هـ
مواضيع العدد
العدد: 59 / ربيع الثاني / 1435 هـ

شرح زيارة آل ياسين / الحلقة الثامنة

شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة الثامنة

هيئة التحرير

ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح فقرة (السَّلاَمُ عَلَيْكَ فِي آنَاءِ لَيْلِكَ وَأَطْرَافِ نَهَارِكَ).
إنّ الحديث عن الانتساب يختلف باختلاف الاشياء التي تنسب الى بعضها البعض، وتتقدس الكثير منها بانتسابها الى المقدس، وتتهاوى أُخر بانتسابها الى الوضيع، فيزيد ذاك المستملح من اسماء العرب صار مشمئزاً منه، وانتسابه لفرد يكشف عن وضاعة، وليس ذاك إلاّ لما صدر من يزيد اللعين من فعال اوجبت قبح هذا الاسم والاشمئزاز من حامله، فيما تجد كثيراً من الوجودات البسيطة تقدست بانتسابها الى الله سبحانه وتعالى او الى مقدسات اخرى، فحجارة صمّاء بناها النبي إبراهيم عليه السلام اصبحت واحدة منها بيت الله، والاخرى مقام التوجه و العبادة، فالكعبة ومقام إبراهيم لم يكونا سوى احجار لاتسمن ولا تغني، قبل أنْ تنتسبا الى الله سبحانه وتعالى والى بيته، وما أنْ انتسبتا حتى صارتا من اقدس مقدسات المسلمين، وهكذا بيت المقدس، وليس ببعيد عنّا قبر الحسين عليه السلام وتراب ارض كربلاء التي قدّسها جسده الطاهر ولآلاف من الامتار تحيط بضريحه المقدس فاصبحت تربة لها من المكانة والقداسة ما لا يضاهيها غيرها وهكذا بقية الاشياء، فحجارة المسجد ومواد بنائه قبل أنْ يبنى، ليس لها من القداسة حظ ولا نصيب، فما أنْ تبنى به وتنتسب اليه حتى تلحقها أحكاماً فقهية كثيرة من حرمة تنجيسها والاستخفاف بها وغيرها.
وانتساب الايام الى امام الزمان لابدّ أنْ ينظر إليها كذلك، فهي مقدسة لانّ الزيارة الشريفة نسبت الايام إليه عليه السلام، فخاطبتها بانها ليله ونهاره وانّ السلام عليه يدور مدارهما ويبقى ببقائهما، فتحولت هذه الساعات التي يحتظنها اليوم والليلة من شيء لا قيمة له _أو له قيمة ولكنها قليلة وغير ملتفت إليها_ الى شيء مقدس ذا قيمة عالية بانتسابه الى اقدس الاشياء بعد الله سبحانه وتعالى وهو امام زماننا.
فلا بدّ انْ نلتفت الى انّ هذه الساعات التي تمر علينا لها وجوه متعددة، وجه أنّ فيها نقضي حاجاتنا ونعيش حياتنا ونرتب أمورنا، وهذا أمر يتساوى فيه جميع الناس ولا مائز لأحد فيه على آخر، ووجه ثان فضلا عن وجوه اخرى، أنّ هناك اناساً يعيشون في هذه الساعات التي تولد الايام والليالي، لا على نحو ما يعيشه الآخرون، بل يعيشوها وهي منتسبة إلى إمام الزمان، وهي مملوكة الى صاحب العصر عليه السلام، فالتعامل مع الايام بهكذا وجه يحتمل ان يكون هو المراد من هذه الفقرة، كما يحتمل أنْ يكون المراد منها أنْ ينشغل الانسان الموالي لإمام الزمان عليه السلام بالسلام عليه في كل لحظات ودقائق وساعات اليوم والليلة، ومعنى السلام هنا ليس هو تلك الالفاظ التي نتعاهدها عندما يخاطب احدنا الآخر، انما يراد منه هو أنْ نكون سلاماً للإمام عليه السلام، بمعنى انْ لا نكون جزءاً ولو ضئيلاً جداً في حرب الإمام بمخالفة أو معصية، أو بشيء يوجب أنْ لا نكون سلماً للإمام عليه السلام.
فالمقطع الآنف الذكر الذي يقول (السلام عليك في آناء ليلك واطراف نهارك) يريد أنْ يقول لنا إنّ الحالة التي ينبغي أنْ تكونوا عليها ايها الموالون لإمامكم، هي أنْ تكون أفعالكم فضلاً عن أقوالكم سلاماً في كل آن وساعة تمر عليكم من أيام الإمام عليه السلام ولياليه، فهذه الساعات ليست ملكاً لكم لتتصرفوا بها بما يحلو لكم وبما تشاؤون، انّما هي ملك للإمام فقط، وانما صارت لكم وصح أنْ تتصرفوا بها اذا كنتم سلما للإمام عليه السلام، وإلا فإنّه يصدق عليكم انكم غاصبوا هذه الساعات وسرّاق لأيام إمام الزمان عليه السلام.

العدد: ٥٩ / ربيع الثاني / ١٤٣٥ هـ : ٢٠١٤/٠٢/٠٦ : ٥.٩ K : ٠
: هيئة التحرير
التعليقات:
لا توجد تعليقات.