الفهرس
لتصفح الصحيفة بـ Flsh
لتحميل الصحيفة كـ Pdf
المسار
صدى المهدي » العدد: ٦١ / جمادى الثانية / ١٤٣٥ هـ
مواضيع العدد
العدد: 61 / جمادى الثانية / 1435 هـ

تمهيدنا: التهديم البنّاء

تمهيدنا: التهديم البنّاء

عملية البناء بمختلف اشكالها تخضع لضوابط وأسس إذا اختلت كانت عملية البناء هدماً بل إنّ تكلفتها ستكون ضعف تكلفة البناء، وذلك أنّ البناء له روح وأساس ومظهر وشكل، فالمظهر الذي لابدّ منه يكون في عملية البناء الهدّام هو الأساس والمحور، على عكسه في البناء الثابت الدائم، فإنّ المظهر يشكّل بعداً من أبعاد البناء المنضبط ضمن الأسس والموازين، وهذه الحالة تسري في الأمور المادية كسريانها في الأمور المعنوية، فأيّ عملية بناء مادي سواء كان لاحتياجاتنا الخارجية أو لأبداننا أو لأي شيء آخر نستعين به لأجل حاجة ما، لابدّ أنْ تخضع لضابطة على أساسها يكون البناء موجباً لانهدام ذاته وبشكل متسارع، أو يكون البناء ثابتاً ومستقراً، وأي خلل في هذا النظام وفي أي جانب من جوانبه يؤثّر على هذه التركيبة، واليوم نشاهد الكثير من الأشياء التي تلبي حاجاتنا ذات المظهر البراق سرعان ما تنهدم وتتلاشى، ذلك إنها لم تبن على وفق الأُسس والضوابط الصحيحة، فبيوت وأجهزة وأساسيات تعتمد عليها حياتنا تشكلت على وفق البناء الهدّام، وسار خلفها الكثير من الناس انخداعاً بمظهرها، لكنهم ما أنْ اقتنوها حتى باتوا يلعنون الأيام التي فكّروا فيها باقتنائها دون اقتناء الجيد والمنضبط منها، وحينما فكّروا بإصلاحها أو استبدالها تبين أنّ التكلفة أصبحت عليهم الضعف بضعفين، ولا نبالغ إذ قلنا إنّ هذه الحالة المادية المتأرجحة بين شكل ذائب وروح ثابتة نمر بها جميعاً ضمن إطار قضايانا المادية، ولكن حيث ان الخسران في هذا الجانب سهل إنجباره فإننا نقفز على ما ممرنا عليه سريعاً، بخلاف ما لو كانت حالة من هذه الحالات يصعب إنجبارها، فإننا نقف عندها ملياً ولا نتخطاها، بل قد تكون هي غلطة العمر رغم كونها في جانب مادي لا يشكّل أهمية كبرى.
امّا إذا لاحظنا هذه الحالة في جانبها المعنوي ببعدها الفكري أو السلوكي، فإنّنا نلحظ وفي زماننا هذا أنّ الأفكار التي تُصدّر على انها للبناء أو لتنظيم السلوكيات، لكنّها في حقيقتها ذات مظهر للبناء وواقع للهدم، والخطر يكمن هنا، فإننا اليوم نلحظ وبشكل لا يشوبه الخفاء انّ سريان هذه الحالة المرضية ليس إلى أفكار ثقافية تؤثر على واقعنا الفكري، بل إنها باتت تسري لأفكار تبني واقعنا العقائدي، وتترجم سلوكاً يراد منه أنْ يأخذ بيد الإنسان إلى سبيل النجاة، فانسلال أفكار أُريد بحقيقتها الهدم لا البناء إلى منظومتنا العقائدية هو بمثابة الخطر الأول الذي ينبغي أنْ لا نغفله ولو لآنٍ من الآنات لانه حقيقة وجودنا وذاتنا، فكيف يغفل!.
فأصحاب الأفكار الممسوخة والتي ليست لها روح وإنْ كان لها مظهر، يحاولون من خلاله أنْ يسقطوا في احضانهم ببريق الكلمات الجذابة وزخارف الصور الملونة أُناساً ممن قلّ وعيهم وانطلت عليهم الشبهة، فلن يدركوا حقيقة الأمر وإنْ كانوا سيدركوه بعد حين، فالتصدي المنفلت وإنْ تصور انّه منضبط كمظهر خارجي، إلاّ انّه في حقيقته وواقعه يمثّل لوناً من ألوان الإدّعاء والإدّعاء على انحاء، فمن يدّعي الالوهية هو في حقيقته لا يملك محتواها ومضمونها أبداً، وإنْ أبدى في الخارج صوراً تتراءى للبعض أنه يمتلك واقع الالوهية، وكذلك من يدّعي النبوة أو الإمامة أو النيابة، عامة كانت أو خاصة، فكل أولئك يحملون راية التهديم البناء.

رئيس التحرير

العدد: ٦١ / جمادى الثانية / ١٤٣٥ هـ : ٢٠١٤/٠٤/٠٢ : ٤.٦ K : ٠
: رئيس التحرير
التعليقات:
لا توجد تعليقات.