شرح زيارة آل ياسين / الحلقة العاشرة
شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة العاشرة
هيئة التحرير
ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح فقرة (السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَعْدَ اللهِ الَّذِي ضَمِنَهُ).
تحدّث القرآن الكريم عن وعد الله سبحانه وتعالى ووعيده، وتميّز الوعد عن الوعيد بأنْ وعد الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين، وأنّ وعيده لعباده العاصين، واصفاً الوعد بانه لا يخلف، وانّه حق وانّه مسؤول ومفعول، وواصفاً بعض انبيائه كإسماعيل عليه السلام بأنّه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيّاً.
وهذا المقطع من الزيارة المباركة يضيف لأسماء الإمام عليه السلام وألقابه الشريفة صفة وعد الله، فالإمام عليه السلام هو وعد الله، وبدلالة الآيات الكريمة والمتحدثة عن أنّ وعد الله حق ومفعول ومأتيّ، وانّه لا يخلف فيستفاد انّ ظهور الإمام وقيامه ووجوده وحياته وكل ما يترتب عليه من إظهار للحق وطمس للباطل، فهو حقّ ولابدّ أنْ يحصل، لأنّ هذا الوعد وعد مسؤول فلابدّ أنْ يكون في يوم ما مفعولاً ومنجزاً وصائراً على أرض التحقق والتطبيق، ومن هنا جاء تساؤل بعض اصحاب الأئمة عليهم السلام عندما حدّثهم الإمام عليه السلام عن البداء وانّه يحصل في كل شيء حتى ذكر الإمام عليه السلام أنّ السفياني رغم انّه علامة حتمية إلاّ أنّه يمكن أنْ يحصل فيه البداء فخاف بعض الأصحاب من أنْ يتّجه البداء صوب قضية الإمام المهدي عليه السلام ويؤثر على ظهوره وقيامه، فسأل هؤلاء الأصحاب من الإمام عليه السلام: (فنخاف أنْ يبدو لله في القائم. فقال أبو جعفر عليه السلام: إنّ القائم من الميعاد، والله لا يخلف الميعاد) وهذه الحقيقة في كون الإمام عليه السلام وعداً إلهياً وميعاداً لا يخلف اكّدته الزيارة المباركة واكّدت بتأكيدات أخرى على حقيقة هذه الحالة في كون الإمام قضية مفروغاً منها ولابديّة لا تقبل التشكيك أو الترديد أو البداء، فبمقتضى الآيات التي تتحدث عن كون وعد الله سبحانه وتعالى لا يخلف، وانه مأتي، تأتي الزيارة المباركة لتضيف شيئاً جديداً على هذه الحقيقة المهدوية.
ولنسلّط الضوء بشكل مجمل على جانبين من جوانب الوعد الإلهي، الأول منهما في كون هذا الوعد مسؤولاً وهي تحتمل معنيين أحدهما أنّ الممثل لهذا الوعد الإلهي وهو الإمام عليه السلام مسؤول عما انيط به من وظائف بتحقيق العدل ونشره ورفع الظلم وطمسه، وثانيها في أنّ الناس مسؤولون تجاه هذا الوعد الإلهي بجملة من التكاليف التي ينبغي عليهم التلبس بها تسهيلاً لتحقيقه وفتحاً لمجال حصوله من التزام بالقوانين الشرعية وتهيئة للأرضية المناسبة لممارسة الإمام عليه السلام الذي هو وعد الله لمهامه على مستواها الفكري أو الميداني.
والبعد الثاني في أحاديث القرآن عن الوعد الإلهي في كونه حقاً مفعولاً لا يخلف، وهذا يبيّن جانباً آخر من حقيقة الوعد الالهي وانّه شيء قطعي وحقاني، فبعد كونه حقاً ومفروغاً منه، واننا مسؤولون تجاهه، كما انه مسؤول تجاهنا، لابدّ من ان نلتفت إلى دورنا فنسأل عنه اذا لم نكن نعرفه، ثم يأتي المقطع ليضيف تأكيداً آخر على تأكيد إضافة الوعد المهدوي إلى الله، انّ هذا الوعد مضمون من قبل الله سبحانه وتعالى وهو تأكيد آخر يضاف إلى جملة التأكيدات القرآنية للوعد. حيث قرن المقطع الآنف الذكر بين الوعد وبين ضمان الوعد تاكيداً.