سلسلة / فقهاء الطائفة ومحدثيها يتحدثون عن العقيدة المهدوية مقدار عمر الإمام عليه السلام
سلسلة / فقهاء الطائفة ومحدثيها يتحدثون عن العقيدة المهدوية
مقدار عمر الإمام عليه السلام
شيخ الطائفة الطوسي
بينّا بالأخبار الصحيحة _في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة الطوسي أعلى الله مقامه_ بأنّ مولد صاحب الزمان عليه السلام كان في سنة ست وخمسين ومائتين، وأنّ أباه عليه السلام مات في سنة ستين، فكانت له حينئذ أربع سنين، فيكون عمره إلى حين خروجه ما يقتضيه الحساب ولا ينافي ذلك الأخبار التي رويت في مقدار سنّه مختلفة الألفاظ. نحو ما روي عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: (ليس صاحب هذا الأمر (من جاز من أربعين)، صاحب هذا الامر القوي المشمر).
وما أشبه ذلك من الأخبار التي وردت مختلفة الألفاظ، متباينة المعاني.
فالوجه فيها إنْ صحّت أنْ نقول إنّه عليه السلام يظهر في صورة شاب من أبناء أربعين سنة أو ما جانسه، لا أنّه يكون عمره كذلك لتسلم الأخبار.
ويقوّي ذلك ما رواه أبو علي محمد بن همام، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن عمر بن طرخان، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن عمر بن علي بن الحسين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إنّ ولي الله يعمّر عمر إبراهيم الخليل عليه السلام عشرين ومائة سنة، ويظهر في صورة فتى موفق ابن ثلاثين سنة).
وعنه، عن الحسن بن علي العاقولي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: (لو خرج القائم عليه السلام لقد أنكره الناس، يرجع إليهم شابا موفقا، فلا يلبث عليه إلاّ كل مؤمن أخذ الله ميثاقه في الذر الأول).
وروي في خبر آخر: (أنّ في صاحب الزمان عليه السلام شبها من يونس رجوعه من غيبته بشرخ الشباب).
وقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: (ما تنكرون أنْ يمدّ الله لصاحب هذا الامر في العمر كما مدّ لنوح عليه السلام في العمر).
ولو لم ترد هذه الأخبار أيضا لكان ذلك مقدورا لله تعالى بلا خلاف بين الأمّة، وإنما يخالف فيها أصحاب الطبائع والمنجّمون، وأصحاب الشرائع كلهم على جواز ذلك.
ويروي النصارى أنّ فيمن تقدم من عاش سبعمائة سنة وأكثر.
وروى أبو عبيدة معمر بن المثنى البصري التيمي قال: كانت في غطفان خلّة أشهرتهم بها العرب، كان منهم نصر بن دهمان، وكان من سادة غطفان وقادتها حتى خرف وحناه الكبر، وعاش تسعين ومائة سنة، فاعتدل بعد ذلك شاباً وأسوّد شعره، فلا يعرف في العرب أعجوبة مثلها.
وكذلك أصحاب السير ذكروا أنّ زليخا امرأة العزيز رجعت شابة طريّة وتزوجها يوسف عليه السلام. وقصتها في ذلك معروفة.
وأما ما روي من الاخبار التي تتضمن أنّ صاحب الزمان يموت ثم يعيش أو يقتل ثم يعيش، نحو ما رواه:
الفضل بن شاذان، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن قاسم الحضرمي، عن أبي سعيد الخراساني قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: (لأي شيء سمّي القائم؟ قال: لأنّه يقوم بعدما يموت، إنّه يقوم بأمر عظيم يقوم بأمر الله سبحانه).
وروى محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن الحكم، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير قال:
(سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: مثل أمرنا في كتاب الله مثل صاحب الحمار أماته الله مائة عام ثم بعثه).
وعنه، عن أبيه، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن إسحاق بن محمد، عن القاسم بن الربيع، عن علي بن خطاب، عن مؤذن مسجد الأحمر قال: (سألت أبا عبد الله عليه السلام هل في كتاب الله مثل للقائم عليه السلام؟
فقال: نعم، آية صاحب الحمار أماته الله (مائة عام) ثم بعثه).
وروى الفضل بن شاذان، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن الفضيل، عن حماد بن عبد الكريم قال: (قال أبو عبد الله عليه السلام: إنّ القائم عليه السلام إذا قام قال الناس: أنّى يكون هذا وقد بليت عظامه منذ دهر طويل).
فالوجه في هذه الأخبار وما شاكلها أنْ نقول: يموت ذكره، ويعتقد أكثر الناس أنّه بلي عظامه، ثم يظهره الله كما أظهر صاحب الحمار بعد موته الحقيقي.
وهذا وجه قريب في تأويل هذا الاخبار، على أنّه لا يرجع بأخبار آحاد، لا توجب علما عمّا دلت العقول عليه، وساق الاعتبار الصحيح إليه، وعضّده الأخبار المتواترة التي قدمناها، بل الواجب التوقف في هذه والتمسك بما هو معلوم، وإنّما تأولناها بعد تسليم صحتها، على ما يفعل في نظائرها، ويعارض هذه الأخبار ما ينافيها.
روى الفضل بن شاذان، عن عبد الله بن جبلة، عن سلمة بن جناح الجعفي عن حازم بن حبيب قال: (قال (لي): أبو عبد الله عليه السلام: يا حازم إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين يظهر في الثانية، إنْ جاءك من يقول: إنّه نفض يده من تراب قبره فلا تصدّقه).
وروى محمد بن عبد الله الحميري، عن أبيه، عن محمد بن عيسى، عن سليمان بن داود المنقري، عن أبي بصير قال: (سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: في صاحب هذا الامر (أربع) سنن من أربعة أنبياء: سنّة من موسى عليه السلام، وسنّة من عيسى عليه السلام، وسنّة من يوسف عليه السلام. وسنّة من محمد صلى الله عليه واله وسلم، فأمّا سنّة من موسى عليه السلام فخائف يترقّب، وأما سنّة من يوسف عليه السلام فالغيبة، وأما سنّة من عيسى عليه السلام فيقال: مات ولم يمت، وأما سنة من محمد صلى الله عليه واله وسلم فالسيف).
وروى الفضل بن شاذان، عن أحمد بن عيسى العلوي، عن أبيه، عن جدّه قال: (قال أمير المؤمنين عليه السلام: صاحب هذا الامر من ولدي (الذي) يقال: مات قتل لا بل هلك لا بل بأي واد سلك).