التهيؤ الإعلامي للظهور والغزو الإعلامي المعادي
التهيؤ الإعلامي للظهور والغزو الإعلامي المعادي
صباح محسن كاظم/ الكتاب / الاعلام والأمل الموعود/ الباب الثالث
إذا راجعنا نسبة القراءة عالمياً ومحلياً, بسبب الغزو الانترنيتي والفضائي، وتأثير الصورة بسبب جاذبيتها وسحرها وهيمنتها على المتلقي... نجد أنّه لابدّ من بحث وسائل ايصال الرسالة العلمية وما يدّونه الفقهاء حول الظهور الحتمي المقدّس عبر وسائل فاعلة بالنشر, وتتم من خلال إعلام بنّاء يرتقي بالإنسان ويروّض أفكاره بالحث على تزكية النفس بالعلم والاخلاق والرياضة الروحية، وشده الى ما ينتجه العلماء من رؤى حول التهيؤ لليوم الموعود.
إنّ نشر الفضيلة والأخلاق والعفة والنقاء والطهر والانعتاق من الشيطان, والوصول الى مراقي الكمال بالمواظبة على كبح جماح الرغبات الدنيئة الفاسدة بسرقة المال العام, أو الاحتيال على النساء لايقاعهن بشراك الرذيلة والفساد, ونشر الفسوق والعصيان, ونشر الفاحشة, ومن يحاول ذلك فإنّه يحارب الله ورسوله، فجزاؤه جهنم وساءت مصيراً, وبالأخصّ من يروّج اعلامياً لنشر الفساد في أوساط شبابنا وشاباتنا لحرفهم عن عقيدتهم... والإعلام الرسالي عليه فضح المفسدين وعدم دس الرأس بالتراب كالنعامة، بل التصدي لكل زمر الارهاب المالي والأخلاقي والعقائدي, فلا مصالحة مع أعداء الله, اعداء المجتمع, فالإعلامي النزيه ينطلق من دينه وليس من مؤسسته وما تمليه عليه، أو من نزواته وأنانيته وغطرسته وكأنّه ملك الحقيقة كلها، ولا يعلم أنه إنْ تفوق بالشعر جهل الطب, وإنْ تفوق بالرسم فاتته علوم الفلك وهكذا, فإنّ التفوق بمجال لا يدعو الى الغرور والكبرياء, فالإنسان محض نقص.
إنّ موالاة الشياطين تكون باتباع الهوى وبعبادة الصنم والطاغوت... وأمّا السعي للتمكين الإلهي بالنصرة واحقاق الحق فيتم عن طريق السير لخدمة المجتمع وليس بمسيرة الطغاة وتدحرجهم المريع، من الرومان والاباطرة والكسروية والقيصرية, ومن نيرون الى جنكيزخان وتيمور لنك وأبي جهل وأبي سفيان ويزيد والحجاج، وآخرهم صنم البعث صدام. فعلى الإنسانية والإعلام الجاد التركيز على أنّ الطغيان نهاية العمران وزوال الملك وهدم الديار وإحلال الخراب, وعلى الإعلام التذكير بأنّ الإنسانية إذا تنكرت لمنهج الرسالات والأنبياء فهي سائرة إلى الحضيض؛ فالعالم بأسره بحاجة إلى دعوات الاصلاح. فالعلماء, والربانيون, الناطقون بالحق ينبغي أنْ يعلو صوتهم, فإنّ الأغلبية تحترم وتحاول أنْ تتبع من يطالب بالإصلاح السياسي, والاجتماعي, والفقهي.
وبارتداء الحجاب, ونشر التفقه بالدين, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وتأكيد اهمية الأدب والفن والمسرح بخدمة الاسلام والعقيدة, فهذه الصرخة المدوية قد أكلت من جرف الاستبداد وسهّلت بوأد مشروعه برغم وحشيته إنّ دعوة الحق مازالت مجسدة بالمجتمع، وإنّ دعوة الحق لا تنطفئ شعلتها ولا تذوي أطروحاتها.
وبالطبع فإنّ الصيرورة الحضارية والوعي الفكري لا ينتج بين ليلة وضحاها, فهو كالنحت بالصخر يحتاج مراساً وصبراً وتحمّل الآلام ومشقتها, فسلّم الكمال يحتاج نهضة ثقافية توعوية إعلامية ومنبرية، واصدارات دائمية تخوض غمار المعرفة الالهية عن حقيقة الامام المهدي عليه السلام, فديمومة البحث والتأكيد الاعلامي بحتمية الظهور المقدّس يحقق الأرضية الخصبة والملائمة لتكوين الوعي الجمعي بالانتظار الايجابي لخروج بقية الله عليه السلام لحكم الحق واحلال العدالة, والنضج المنشود والمؤمل بالتغيير العالمي المدوي, فكل اعلامي ونخبوي يحترم دينه وعقله يسعى جاداً للوعد الإلهي، وخيار الساحة مفتوح في الانترنيت أو بالفضائيات لنشر قيم الحق والعدل والايمان والتقوى ومبادئ محمد وآل محمد- صلوات ربي عليهم أجمعين، ففضاء المعرفة مشرعة أبوابه للمقالات والبحوث والمناظرات والاطروحات, فبالإمكان استثماره الاستثمار الامثل, ليس بالدردشة الفارغة التافهة الفاسدة أو النظر بالمواقع الاباحية الهدامة أو كتابة الخواطر السمجة التي يسرقها المتطفلون الواحد من الآخر, فالإنترنيت لو استثمر من قبل المسلمين لهدوا به العالم بعلوم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم, لكن الخواء الفكري, والتشاتم, والانحطاط العلمي, وثقافة الكراهية, وثقافة إفناء الآخر هي التي تنتشر بأروقة مواقعنا ومنتدياتنا، يا لهول الفجيعة والجهل!!. إنّ خط الإمامة هو الامتداد للنبوة والرسالة, وهو أمل الانسانية بسعادتها كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث: (إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي...)، فصاحب العصر والزمان وخليفة الرحمن كما ورد عن الشيخ الكليني قدس سره وغيره عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام انه علّم زرارة هذا الدعاء ليدعو به في غيبة الإمام عليه السلام وامتحان الشيعة: (اللّهم عرّفني نفسك, فإنّك إنْ لم تعرّفني نفسك لم اعرف نبيك, اللّهم عرّفني رسولك, فانّك إنْ لم تعرّفني رسولك لم اعرف حجتك, اللهم عرّفني حجتك فانّك إنْ لم تعرّفني حجتك ضللت عن ديني...).
أيّها الأمل المنتظَر فاز متّبعك ونجا مصدّقك وخاب مكذّبك وخسر جاحدك والمتخلف عن نصرتك، والاستعداد ليوم ظهورك وكل من ينهج نهجك هو من السعداء.