الفهرس
لتصفح الصحيفة بـ Flsh
لتحميل الصحيفة كـ Pdf
المسار:
صدى المهدي » العدد: ٦٨ / صفر / ١٤٣٦ هـ
مواضيع العدد
العدد: 68 / صفر / 1436 هـ

الظهور المقدس مكانه مكة المكرمة

الظهور المقدس مكانه مكة المكرمة

الشيخ جعفر الهادي

روي عن الإمام الباقر عليه السلام انّه قال: (يظهر المهدي عليه السلام بمكّة عند العشاء، ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقميصة وسيفه وعلامات ونور).
انّ مكة المكرمة كانت المنطلق الاول للوحي، ومنها خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدعوته (دعوة الإسلام) على البشرية ، ومن هناك كانت الدعوة الرسالية، وكان الصوت الالهي الى كل العالم لكي يؤمنوا بالدعوة الجديدة (دعوة الاسلام) التي بشر بها جميع الانبياء والرسل قبل رسولنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم!.
إذا اردنا انْ نلقي نظرة على مكة في عصر الظهور، وحيث الحجيج متحلّقون حول الكعبة الشريفة، فماذا يمكن انْ نقول حول مشهد مكة في عصر الظهور؟.
قال تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ*فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا)، وقال ايضاً (جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ).
إنّ لمكة وللكعبة بصورة خاصة منزلة عظيمة في الثقافة الإسلامية وفي حياة المسلمين، منذ بدء الدعوة الإسلامية، فمكّة مهبط الوحي، ومنطلق الإسلام، ومولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فالمسيرة بدأت من مكّة، ولمكّة في قلوب المسلمين منزلة ومكانة ومقام خاص، ولذلك تجدون عندما يقترب موسم الحج، فإنّ القلوب كلّها تتّجه نحو هذا المكان الشريف، نحو الكعبة المعظّمة والمسجد الحرام والحرم ومكّة.

اجمالاً نقول: للحجّ تأثير عجيب، فهو رحلة عظيمة، لمكة المكرمة، ولكل ما يتعلّق بهذا البيت، وهذا المسجد، وهذا الحرم، مكانة عجيبة في قلوب المسلمين. من هنا كان طبيعياً انْ تبدأ حركة الإمام المهدي الموعود عليه السلام، الذي يأتي بعد انتظار طويل من المسلمين له، من مكّة، حيث انّ مكة تمثّل المحور العظيم في الثقافة الإسلامية، لانّ مكة مهبط الوحي (كما قلنا)، مكة صرح التوحيد العظيم، مكة ملتقى المسلمين من كل الألوان من كل الألسنة، في الحج تجتمع ألوان وأعراق وأجناس مختلفة لها لهجات مختلفة، اُناس من كل مكان، لكن لغة واحدة تجمعهم هي (لبّيك اللّهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك) جئتك يا إلهي منيباً خاشعاً، خاضعاً، ولهذا جعل ظهور الإمام الحجّة عليه السلام من هذا المكان، لانّه مكان تتّجه إليه القلوب والعقول، وعندما يظهر الإمام من هذا المكان فكل المسلمين ينتبهون الى هذه المسألة، يحبّون الالتحاق بركب الإمام، وكل الطغاة يعرفون انّ نهايتهم قربت، وانّ بداية انتصار دولة الحق بدأت من هذا المكان، وهذا الشيء له دلالات كبيرة.
الحقيقة انّ الظهور في جانبه الجغرافي، يحتاج إلى ارضيّة للاتّصال بالعالم كلّه، ونحن نرى في الثقافة الإسلامية وفي الروايات أنّ مكة تعتبر صرّة الأرض. كما انّ الأرض دحيت من تحت الكعبة، ، وحتى انّ هناك يوماً يسمّى يوم دحو الأرض.
إنّ انشار الاسلام كان من مكّة، ومكّة موضع اتفاق المسلمين جميعاً، فاذا كانوا يختلفون في بعض المناسبات، لكنهم في مكة يتّفقون (سنّة وشيعة) ويعتبرون انها بقعة مقدسة، ومكان لاجل التلاقي، ولاجل الزيارات وتبادل التجارب، لهذا يقول القرآن الكريم (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ)، ولذلك فانّ اعظم حدث، بعد انطلاقة الإسلام هو مسألة الظهور، مع ان بينهما احداثاً عظيمة ايضاً جداً.
ويبقى يوم الظهور انعطافة في التأريخ البشري. ولهذا ينبغي انْ يكون في مكان يستهوي القلوب، في مكان يتّفق المسلمون على قداسته بلا شك، وكلنا نقدس مكة المكرمة، والمسجد الحرام، والكعبة المعظّمة، ولا نسمح بالإساءة إلى هذا المكان، لأنّ القرآن نهى عن ذلك وعظّم هذا البيت. ومن هنا ستكون الانطلاقة.
بعد الظهور المبارك للإمام الحجة عليه السلام بين الركن والمقام بجوار الكعبة في مكة المكرمة، في العاشر من محرم، يخرج الإمام على الناس، وتعلمون انّه لابدّ لكل إمام من بيعة، وان كنا نبايع الإمام المهدي عليه السلام في كل يوم، بدعاء العهد المعروف، ولكن لابد من بيعة على الملأ جميعاً، عند الظهور، وكما ذكرت الروايات أنّ أول من يبايعه جبرائيل وميكائيل، ثم يبايعه ثلاثمائة وثلاثة عشر شخصاً، ومن ثم يأتي الآخرون للبيعة، هذه البيعة عندما تتم هناك، ويشهدها العالم.
فما هو المدلول لهذا العمل، ولماذا؟ بين الركن والمقام الى جوار الكعبة!.
إنّ الحركة التي سيبدؤها الإمام حركة عظيمة أساساً، تحتاج الى الصبر والثبات، تحتاج الى الايمان بالهدف، والايثار، كالحركة التي أراد النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم للمسلمين أنْ يتحركوا بها، ولذلك أخذ منهم البيعة في الحديبية وغير الحديبية. فإننا بحاجة الى بيعة، بحاجة الى اظهار الاستعداد الكامل للتضحية مع الإمام والمضي معه حيث يذهب، والى المدى الذي ينتهي اليه في مسيرته هذه، ولذلك يحتاج الى مكان مقدس، فالناس يحسون بالقداسة، ونحن عندنا في الفقه الاسلامي بعض الامور ينبغي ان يبت فيها في المسجد، لان المسجد بيت الله، وهذا شيء عالمي، لانه اعظم مسجد واكرم مسجد، وهو المسجد الحرام، ولهذا يجب ان تتم البيعة في البيت الحرام، ويبايع الناس على الصمود مع الإمام عليه السلام والقبول بدولته، واحياء الكتاب والسنّة في بداية اهدافه، كما قال النبي: سنّته سنّتي. وهو أيضاً يحيي احكام القرآن، وليس له دين جديد، ولا كتاب جديد، كما يتصور البعض، انما هو الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولكن نتيجة تركه، فإن المسلمين نسوا، فتصوروا أنّ هذا قرآناً جديداً، انّه ليس شيئاً جديداً، ليس ديناً جديداً، ولا يدّعي احد ان يأتي بقرآن غير هذا القرآن الذي نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

العدد: ٦٨ / صفر / ١٤٣٦ هـ : ٢٠١٤/١١/٢٥ : ٦.٦ K : ٠
: الشيخ جعفر الهادي
التعليقات:
لا توجد تعليقات.